‏آخر المستجدات‏أخبار وطنيةالرياضة

أشبال الأطلس.. حين تحوّل الحلم إلى بطولة والعزيمة إلى مجد عالمي

(كش بريس/فاروق فندي)ـ

في ليلةٍ كروية استثنائية، تتجاوز حدود المنافسة إلى تخوم الأسطورة، خطّ المنتخب المغربي لأقل من عشرين سنة فصلاً جديداً في كتاب المجد الرياضي، بعدما ظفر بكأس العالم “الشيلي 2025” على حساب المنتخب الأرجنتيني، منتصراً بهدفين نظيفين (2-0) فوق أرضية ملعب سانتياغو الوطني.

لم يكن المشهد مجرّد تتويج عابر، بل كان ولادة جيلٍ رياضيٍّ مغربيٍّ يكتب بلغة الأداء الراقي والشجاعة التكتيكية، شهادةً على أن المدرسة الكروية الوطنية بلغت من النضج ما يؤهلها لمقارعة عمالقة العالم.

ومن رحم الواقعية الفنية والانضباط الجماعي، وُلدت فرحة وطنٍ بكامله، أهدى فيها “أشبال الأطلس” للعالم صورةً مبهرة عن كرة مغربية تعرف كيف تصنع النصر بإصرار وذكاء.

منذ صافرة البداية، بدا الإطار الوطني محمد وهبي واثقاً من خياره التكتيكي؛ إذ دفع بتشكيلة متوازنة جمعت بين الانضباط الدفاعي والذكاء الهجومي، قادها الحارس المتألق إبراهيم غوميز، وأحكم خطوطها الخلفية كلٌّ من معمر وباعوف وبيار، فيما شكل الثنائي ماعما والزهواني أجنحة ديناميكية تنساب بين الوسط والهجوم، تساندهما مهارات الصادق وخليفي وبختي، لتكتمل القوة الضاربة بحضور الهداف الزبيري، الذي سيكتب اسمه بأحرف من لهب في سجل هذه البطولة.

في الدقيقة السابعة، اشتعلت المباراة باحتجاج مغربي مشروع بعد اصطدام حارس الأرجنتين بالمهاجم الزبيري داخل منطقة الجزاء. وبعد عودة الحكم إلى تقنية الفيديو، اكتفى بإنذار الحارس واحتساب ضربة خطأ على مشارف المنطقة. لكنّ القدر كان يعدّ ما هو أبلغ: من الركلة نفسها وُلد الهدف المغربي الأول بتسديدة صاروخية من الزبيري، استقرت في الزاوية اليمنى العليا للمرمى الأرجنتيني، كأنها رسالة مبكرة بأن “أشبال الأطلس” جاؤوا ليكتبوا التاريخ لا ليشاركوا فيه.

وحاول المنتخب الأرجنتيني الردّ عبر كرة ثابتة في الدقيقة 22، نفذها كاريزو بتسديدة جانبت القائم، غير أن الريح الشيلية كانت تميل بلطف نحو المغاربة. وبعد سبع دقائق فقط، عاد الزبيري ليتوّج نفسه نجماً للنهائي، إذ ترجم تمريرة ماعما الذكية إلى هدف ثانٍ بلمسة شاعرية من داخل مربع العمليات، لتصبح النتيجة 2-0، وينتهي الشوط الأول على إيقاع تصفيق الجماهير التي انبهرت بجمال الأداء المغربي وانضباطه الفني.

في الجولة الثانية، اختار وهبي الحفاظ على النهج ذاته: انكماش تكتيكي منضبط، وارتداد هجومي خاطف. وقد كاد الزبيري أن يوقّع على “هاتريك” تاريخي في الدقيقة 48 بعد تسديدة جانبت المرمى بأمتار قليلة، لتظل الأرجنتين تبحث عن ثغرة في الجدار المغربي الصلب دون جدوى.

فقد تجلت في الأداء المغربي روح جماعية نادرة، امتزج فيها التكتيك بالقتالية، والهدوء بالوعي الميداني، ليُغلق اللاعبون كل المنافذ، ويكسبوا معركة الأعصاب قبل أن يرفعوا كأس البطولة وسط تصفيق العالم.

بهذا الفوز، يضيف المغرب إنجازاً جديداً إلى رصيده الكروي القاري والعالمي، بعد مسارٍ بطولي بدأ بانتصارات على إسبانيا والبرازيل في دور المجموعات، ثم تجاوز كوريا الجنوبية والولايات المتحدة في الأدوار الإقصائية، وصولاً إلى إقصاء فرنسا في نصف النهائي، قبل أن يطيح بـ”التانغو” في النهائي الكبير.

أما الميدالية البرونزية فآلت إلى المنتخب الكولومبي، الذي حسم المركز الثالث على حساب فرنسا بهدفٍ نظيف، ليكتمل مشهد البطولة بتتويج لاتيني أفريقي الطابع، حمل فيه المغرب لواء العروبة والإفريقية معاً، في أبهى صور المجد الرياضي.

‏مقالات ذات صلة

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


Back to top button