‏آخر المستجدات‏أخبار وطنية

أكثر من 15 ألف مقاولة تتوقف عن النشاط في 2024: مؤشر على ضعف البيئة الاقتصادية

(كش بريس/التحرير)ـ أفادت دراسة أصدرها المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، أن صورة مقلقة حول واقع المقاولات المتناهية الصغر والصغيرة جدا والصغرى في المغرب، إذ تظهر الأرقام أن هذه الفئة ، رغم كثافتها في النسيج الاقتصادي، تعيش حالة شبه جمود تمنعها من الارتقاء أو التوسع. فخلال خمس سنوات كاملة، لم تتمكن سوى 0.2% من هذه المقاولات من الانتقال إلى فئة أعلى، وهي نسبة ضئيلة إلى حد يعبّر عن هشاشة هيكلية لا تتعلق فقط بضعف النمو، بل بغياب شروط التطور من أساسها.

ورغم أن هذه المقاولات تمثل أكثر من 98% من النسيج المقاولاتي المهيكل، وتوفر أكثر من نصف مناصب الشغل المصرّح بها، فإن وزنها الاقتصادي يبقى محدداً بحجم نشاط محدود وإنتاجية منخفضة، ما يجعل تأثيرها على التنمية أقل بكثير مما يفترضه انتشارها الواسع. ويظهر هذا التناقض بجلاء في عدد المقاولات التي أغلقت أبوابها: أكثر من 15 ألفاً و600 مقاولة سنة 2024 وحدها، أغلبها من الفئات الصغيرة جدا، في مؤشر واضح على هشاشة بيئة الأعمال واستنزاف قدرات هذه المؤسسات.

الدراسة تشير إلى أن القدرة التدبيرية لهذه المقاولات تُعد من أضعف حلقاتها، حيث يغلب على تسييرها الطابع العفوي وغياب التخطيط الاستراتيجي، بينما تبقى الكفاءات الإدارية والمالية محدودة للغاية. كما يعمق غياب الابتكار واعتماد أساليب تقليدية في الإنتاج والتسويق من عجزها عن مواكبة التحولات التكنولوجية وسرعة المنافسة في السوق. ولأن معظمها يعاني أصلا من ضعف التمويل وصعوبة الولوج إلى القروض المناسبة، فإن أي اضطراب اقتصادي يصبح كفيلاً بتهديد استمراريتها.

إلى جانب ذلك، تواجه هذه المقاولات منافسة شديدة من القطاع غير المهيكل الذي يستحوذ على جزء مهم من الحصص السوقية دون احترام القواعد الضريبية أو الشروط التنظيمية، مما يزيد من هشاشة المقاولات المهيكلة الصغيرة. كما تتعقد أوضاعها بفعل المساطر الإدارية الثقيلة وطول آجال الأداء وضعف فرصها في الولوج إلى الصفقات العمومية، إضافة إلى محدودية حضورها في سلاسل القيمة الوطنية والدولية، ما يجعل انتقالها إلى مستويات أعلى من الإنتاجية شبه مستحيل.

هذه المعطيات تجعل المجلس يدعو إلى إعادة بناء منظومة دعم هذه الفئة من المقاولات بشكل كامل، من خلال قانون خاص يدمج الإجراءات والتدابير المواكبة، وتوفير دعم غير مالي فعال، وتحسين الولوج للتمويل، وتسريع رقمنة الإجراءات، ومحاربة الفساد، وفتح المجال أمام هذه المقاولات للاندماج في سلاسل القيمة والصفقات العمومية. فالدعم المالي وحده لا يكفي ما لم يُرفق بإصلاح مؤسساتي وهيكلي يعالج جذور الاختلالات.

ويحذر التقرير من أن استمرار الوضع الحالي سيزيد من موجة الإغلاقات والتعثر، ما قد يهدد استقرار فئات واسعة تعتمد في قوتها اليومي على استمرارية هذه المقاولات. لذلك يصبح إصلاح هذا القطاع ليس مجرد خيار اقتصادي، بل ضرورة اجتماعية لضمان الحفاظ على مناصب الشغل واستعادة الحيوية الاقتصادية، وإرساء قاعدة صلبة لتنمية أكثر شمولاً واستدامة.

‏مقالات ذات صلة

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


Back to top button