‏آخر المستجداتالمجتمع

أمينة ماء العينين: الشعب يريد التدخل المباشر.. الملك والسلطات في مواجهة أزمة الثقة

(كش بريس/خاص)ـ في تدوينة جديدة للقيادية السياسية بحزب التنمية والعدالة أمينة ماء العينين، بعنوان “قول في التوجه إلى ملك البلاد في كل شؤون العباد”، تناقش ماء العينين ظاهرة متزايدة في المغرب، تمثلت في توجه المواطنين مباشرة إلى الملك للتدخل في حل مشاكلهم الفردية والجماعية، من القضايا البسيطة كإيقاف إفراغ منزل عشوائي، إلى المطالبة بتصحيح أحكام قضائية، أو التدخل لحل إشكالات سياسية وإدارية عويصة. وتشير ماء العينين إلى أن هذا التوجه يعكس في ظاهر الأمر شعوراً بالانكسار والاحتياج، لكنه في العمق يمثل أزمة ثقة حادة في جميع المؤسسات الرسمية: الحكومة، البرلمان، القضاء، الأحزاب، النقابات والجمعيات.

وتعتبر القيادية أن هذه الظاهرة ليست محض صدفة، بل هي نتاج مباشر لمقاربة سياسية متعمدة، تهدف إلى تصوير الملك كصاحب كل الإنجازات، وفي المقابل تقزيم كل مؤسسات الدولة المدنية والسياسية، من خلال انتقاد مستمر للحكومات والنخب، وتحميلها مسؤولية جميع الأعطاب والنقائص. وتتخذ هذه المقاربة شكل حملة ممنهجة لتشويه الأحزاب والشخصيات السياسية، وخلق نوع جديد من الإعلام الموجّه الذي يعتمد على التشهير والسب والتقليل من قيم العمل السياسي والأكاديمي، ما يؤدي إلى قتل رمزي لكل المبادرات المدنية والحقوقية الفاعلة.

وينتقل المقال إلى تأثير هذه المقاربة على الشباب والمؤسسات التأطيرية، حيث تُغلق أو تُضعف ساحات التأطير الجامعية، ويُجفف الدعم العمومي عن الشبيبات الحزبية النشطة، بينما تُعطى الأولوية لجمعيات مشاريع رمزية أو سطحية، لا تعكس تجارب الجيل الجديد ولا تطلعاته. وتصف القيادية هذه السياسات بأنها اغتيال للوظائف الدستورية والسياسية والمدنية، حيث تُحرَم المؤسسات من تعليم الشباب معنى الفصل بين السلطات، وتحميل المسؤولية لكل سلطة وفق اختصاصها، ما يؤدي إلى ضياع الثقافة السياسية والقانونية لدى الأجيال الصاعدة.

كما تنتقد ماء العينين الاستثمار في خطاب عام قائم على الحقد والاحتقار الموجه للنخب والمواطنين، ما أدى إلى انفجار الشارع وتوجيه كل المطالب مباشرة إلى الملك، الأمر الذي تعتبره خطرًا على الدولة وعلى الديمقراطية وعلى وعي المجتمع. وترى أن هذه المقاربات أدت إلى رمزية مبسطة للملك وحصر الثقة فيه وحده، وهو ما قد يشكل خيانة للرسالة الملكية التي دعت إلى توزيع الاختصاصات وتحميل المسؤوليات لكل مؤسسة.

وتختتم القيادية بدعوة واضحة إلى الاستشراف الاستراتيجي والحس الوطني: ضرورة أن يتجاوز الجميع التركيز على المصالح الشخصية أو المحطات الجزئية، وأن يلتقطوا الرسائل الكبرى المتعلقة بمستقبل الجيل الجديد، الذي يُعتبر ضحية لهذه المقاربات السياسية والاجتماعية. وتؤكد على أن الأمل في التغيير لا يزال ممكنًا، شرط إعادة الاعتبار للمؤسسات، وتعزيز العدالة، وتشجيع الحوار والمسؤولية، وصون دور الشباب في بناء مستقبل أفضل للبلد.

يمكن قراءة هذا المقال كتحليل نقدي لظاهرة التوجه المباشر إلى الملك في سياق سياسي واجتماعي معقد:

  • يظهر أن هناك فقدان ثقة متراكم في المؤسسات، لكن المقال يحذر من اعتبار هذا الفقدان مبررًا لتجاوز الأطر الديمقراطية والمؤسساتية.
  • يشير إلى خطورة المقاربة التأويلية المبسطة للأحداث، حيث يُترجم أي إخلال أو أزمة إلى فشل كامل لكل الأجهزة والممارسات السياسية، بدل البحث العلمي والمنهجي والتحقق قبل الحكم.
  • كما يبرز المقال أن هذا النوع من التوجهات قد يؤدي إلى تجريد المواطنين من ممارسة المساءلة السياسية الطبيعية، وتحويل مطالبهم إلى طلبات فردية مباشرة، وهو ما يهدد مفهوم التداول الديمقراطي ويضعف المؤسسات.

باختصار، المقال يجمع بين التشخيص الاجتماعي والسياسي والتحذير من التداعيات الرمزية والتربوية لهذا السلوك، مع دعوة للتفاعل المسؤول وإعادة بناء ثقافة سياسية ودستورية قائمة على المؤسسات والحوار والمشاركة الشبابية.

‏مقالات ذات صلة

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


Back to top button