‏آخر المستجداتبقية العالم

“كوب28” بالإمارات أول مؤتمر يتم التركيز فيه على أنظمة إنتاج ونقل وتسويق الغذاء

(كش بريس/وكالات) ـ سوف يكون المؤتمر الثامن والعشرين للأطراف بشأن تغير المناخ «كوب28» أول مؤتمر يشهد تركيزاً كبيراً على أنظمة انتاج ونقل وتسويق الغذاء، والذي تعتبره الامارات العربية المتحدة، باعتبارها رئيسة للمؤتمر الذي تستضيفه هذا الشهر، جزءاً مهما من جدول أعمالها.
ويقول البروفيسور تيم بينتون، مدير مركز أبحاث البيئة والمجتمع في «المعهد الملكي للشؤون الدولية (تشاتام هاوس)» البريطاني «إن هذا الأمر طال انتظاره، فأنظمة الأغذية مسؤولة عن نحو ثلث إجمالي الغازات المسببة للاحتباس الحراري الناجمة عن نشاط البشر».
ويضيف أن «وسائل الزراعة الحديثة أهم أسباب فقدان التنوع البيولوجي. وفي المقابل، تتعرض قدرة العالم على توفير وجبات صحية لخطر تأثير تغير المناخ، حيث تؤثر الأحوال الجوية القاسية مثل العواصف والجفاف في القدرة على انتاج الغذاء ونقله مما يهدد الأمن الغذائي للعالم».
وأشار إلى أن جائحة كوفيد19- وغزو أوكرانيا كشفت افتقار نظام الأمن الغذائي العالمي للقدرة على التكيف، وكشفت كيف تؤثر الأحداث بسهولة على أسعار الغذاء.
ويؤكد البنك الدولي انتشار ارتفاع أسعار الغذاء على نطاق واسع في العالم، مما يؤثر على 52% من الدول منخفضة الدخل، وبنسبة 89% على الدول الأقل إلى المتوسطة الدخل، وبنسبة 61% على الدول الأعلى إلى متوسطة الدخل، وبنسبة 67% على الدول ذات الدخل المرتفع.
ويوضح بينتون أن البيانات تؤكد بشكل متزايد أن التكلفة العالمية للوجبات الغذائية السريعة والرخيصة المسببة للبدانة وأمراض القلب والسرطان والتي تنتج سعرات فائضة عن حاجة الأنسان تبلغ حوالي 9 تريليون دولار سنوياً، حيث يضاف إلى ذلك التكلفة البيئية لانتاج الغذاء والاستهلاك والتي تبلغ 3 تريليون دولار.
ويمثل هذا أكثر من 10% من إجمالي الناتج المحلي العالمي، وربما يبلغ ثلاثة إلى أربعة أضعاف القيمة الاقتصادية للقطاع الزراعي كله.
ويرى بينتون أنه لذلك يتعين أن يكون تغيير الأنظمة الغذائية أولوية بالنسبة لجدول أعمال مؤتمر « كوب 28» وذلك من أجل توفير القدرة على التكيف، وانتاج وجبات أكثر صحية للجميع، والحد من التأثيرات البيئية.
ولكن سوف يكون أيضا من الصعب للغاية التوصل إلىإتفاق بشأن نوع التغيير التحويلي المطلوب.
وجدير بالذكر أن أي نهج لـ» للأنظمة الغذائية» يعترف بأن العرض والطلب أمران متصلان- وأن أي أسلوب مهم لتغيير الزراعة يتمثل في تغيير الاسلوب المستخدم في الانتاج الزراعي.
ويقول الخبراء أن الحد من الهدر أمر مهم وأساسي، إذ أن نحو 17% من إجمالي ما يتم زراعته من الغذاء يتم فقدانه أو تلفه، مما يمثل نحو 8% تقريبا من إجمالي الانبعاثات.
لكن القضية السياسية الحقيقية في مفاوضات المناخ ستدور حول تغيير أنماط الاستهلاك، لاسيما بالنسبة للحوم ومنتجات الألبان، لأنها هي التي تنتج عنها انبعاثات أكثر من الأغذية المشتقة من النباتات.
وتعتبر السياسات المتعلقة بتحول النظام الغذائي صعبة بطبيعتها، ويهيمن عليها الاهتمام بالتنمية الاقتصادية والخطاب المُستقطب. فكثيرٌ من الدول ترى على مضض ضرورة تغيير النظام الغذائي ليكون أكثر صحية واستدامة وتكيفاً، ولكن هناك آراء أكثر تباينا حول كيفية تحقيق ذلك- والأهم من كل ذلك كيفية التعامل مع الطلب.
فالسعي للحد من الطلب على اللحم ومنتجات الألبان يتعارض مع خطط التنمية الاقتصادية لكثير من الدول، والتي تعطي الأولوية لزيادة الانتاجية بالنسبة للصادرات ولأمنها الغذائي. ولدى دول أخرى اعتراض آيدولوجي على تدخل الحكومات في الأسواق للحد من استهلاك اللحوم ومنتجات الألبان، وترى أنه طالما كانت هناك أسواق طلب فإنه يتعين السماح بخدمتها وتلبية احتياجاتها.
ويشير بينتون إلى أن الانتاج الغذائي ودور الحكومة في تشكيل عادات الاستهلاك أصبحا سبباً للانقسام في كثير من الدول، تتم ممارسته في ظل سياسات مستقطبة بشكل متزايد.
وفي مؤتمر «كوب28» يتطلب جدول أعمال رئاسة المؤتمر من الدول التوقيع على إعلان من قادة الدول أن يعترفوا بالحاجة إلى تغيير الأنظمة الغذائية للتعامل مع الزراعة، والغذاء ، والمناخ.
لكن أزمة الطاقة ما بعد غزو أوكرانيا توضح أن كثيراً من الحكومات تعطي الأولوية للإمداد أكثر من العمل على تغيير الأنطمة- على الرغم من المخاطر الوجودية طويلة المدى لتأخير التغيير.
وربما يعتبر تغيير الأنظمة الغذائية أكثر تعقيدا وأكثر استقطابا بطبيعتها حتى أكثر من قضية الطاقة.
ويشير بينتون إلى أن التعامل مع المفاضلة المتصورة ما بين النمو الاقتصادي، وأمن الصحة العامة (وهو ما يدعمه الأمن الغذائي فيما يتعلق بالوجبات المغذية) ، والاستمرارية يعد أساس المخاوف المحلية لدى الكثير من الدول .
وبالتالي فإن القضية سياسية وجيوسياسية، وأنها – مثل الاجراءات المتعلقة بالمناخ بوجه عام -رلا تحظى بإرادة سياسية تمكينية: فالتقييم العالمي للأمم المتحدة يكشف أن العمل الجماعي للعالم لا يتم بالسرعة والحجم المطلوبين لتلبية الأهداف التي وضعها «مؤتمر باريس للمناخ» عام 2015.
ومن ثم فإن الطموحات بالنسبة لكوب 28 في حاجة لأن تتمثل في اتساع تركيز المفاوضات بما يتجاوز أنظمة الطاقة لتشمل الأنظمة الغذائية.
ومن المهم للغاية ضرورة أن يكون هناك اعتراف – إن لم يكن من كل الدول ، فليكن من بعضها- بأن تغيير الأنظمة الغذائية لا يقتصر فقط على تحقيق أهداف المناخ، ولكن أيضا لضمان الأمن الغذائي، والصحة العالمية الأفضل وحماية التنوع البيولوجي.

د ب أ

‏مقالات ذات صلة

Back to top button