
أطلق اليوم الأحد من ميناء برشلونة الإسباني ما وصفه المنظمون بـ”أسطول الصمود العالمي”، محملاً بمساعدات إنسانية ومئات الناشطين الدوليين، في خطوة تهدف إلى كسر الحصار الإسرائيلي المفروض على قطاع غزة منذ أكثر من 18 عاماً.
المبادرة التي تعد من أكبر الحركات التضامنية في المنطقة، تجمع عشرات السفن من موانئ متعددة بينها برشلونة وتونس ونابولي وأثينا، ويشارك فيها ناشطون من أكثر من 40 دولة، بينهم شخصيات عامة ونواب أوروبيون مثل النائبة البرتغالية ماريانا مورتاغوا ورئيسة بلدية برشلونة السابقة آدا كولاو، إلى جانب الناشطة السويدية غريتا تونبرغ.
الأبعاد الإنسانية والسياسية
يحمل الأسطول آلاف الأطنان من المساعدات الإنسانية تشمل أدوية ومعدات طبية ومواد غذائية، إضافة إلى أدوات إعادة إعمار موجهة للمدنيين في غزة. ويؤكد منظمو المبادرة أن الهدف الأساسي يتمثل في “فتح ممر إنساني دائم” والضغط على المجتمع الدولي لإنهاء ما وصفوه بـ”الحصار غير القانوني وغير الإنساني”. ويبرز في هذا السياق الطابع السياسي الواضح للأسطول، إذ يسعى إلى تحفيز ردود فعل دبلوماسية، خاصة مع مشاركة شخصيات سياسية بارزة، ما قد يزيد من الضغط على إسرائيل والمجتمع الدولي للالتزام بالقانون الدولي.
المخاطر والتحديات
ورغم الطابع الرمزي والإنساني للمبادرة، يثير التحرك مخاوف من مواجهة محتملة مع البحرية الإسرائيلية، التي سبق لها اعتراض سفن مشابهة واعتقال المشاركين فيها، كما حدث في يونيو الماضي مع سفينتي “مادلين” و”حنظلة”. ويزيد من تعقيد الموقف حجم الأسطول وعدد المشاركين، ما قد يجعل أي تدخل عسكري مكلفاً دبلوماسياً لإسرائيل، لكنه في الوقت نفسه يحمل مخاطر تصعيدية، قد تؤدي إلى تداعيات على المدنيين وعلى الاستقرار الإقليمي.
رغم المبالغة في تصوير المبادرة على أنها “أكبر تحرك تضامني في التاريخ”، فإن الواقعية تكمن في أن تأثيرها المباشر على كسر الحصار محدود، بالنظر إلى التفوق العسكري الإسرائيلي والسيطرة على الممرات البحرية. كما أن الأسلوب الرمزي للمبادرة يضعها بين التضامن السياسي والإغاثة الإنسانية، ما يثير تساؤلات حول مدى فاعليتها الحقيقية مقارنة بالمخاطر المحتملة على المشاركين. في المقابل، لا يمكن إنكار دورها في رفع مستوى الوعي الدولي وتسليط الضوء على الأزمة الإنسانية في غزة، خصوصاً بعد مرور أكثر من عشرة أشهر على الحرب الأخيرة التي خلفت عشرات آلاف الضحايا المدنيين.
تمثل مبادرة “أسطول الصمود العالمي” محاولة جريئة للمزج بين التضامن الإنساني والضغط السياسي، لكنها تواجه تحديات كبيرة تتعلق بالواقع العسكري والدبلوماسي في المنطقة. وفي الوقت الذي قد تساهم فيه في إثارة النقاش الدولي وتسليط الضوء على الحصار، يبقى نجاحها الفعلي في تحقيق ممر إنساني دائم رهناً بتفاعلات معقدة على المستويين الإقليمي والدولي.