The magazineفنون وثقافةلحظة تفكير

د. سارة حامد حواس تترجم: ثلاث قصائد لايمي لويل “أوبال” و”أغنية الحصاد النسائية” و”رقصة السلة”

المترجمة: د. سارة حامد حوَّاس

إيمي لويل Emy Lowell . . البائعة الشيطانية للشِّعْر

 عُرِفَتْ الشاعرة الأمريكية إيمي لويل بشكلٍ من أشكال الشعر يُسمَّى ” التصويري ” Imagism. وقد ظهرت هذه  الحركة في الشعر الأنجلوأمريكي في أوائل القرن العشرين، واعتمدت على دقة الصور واللغة الواضحة الحادة ، وتعتبر أول حركة أدبية حداثية في اللغة الإنجليزية. تُفسَّر أحيانًا هذه الحركة على أنها سلسلة من اللحظات الإبداعية وليست فترة تطور مستمرة أو مستديمة، ومن الشعراء الأوائل الذين تبنوا هذه الحركة ، إزرا باوند وفورد مادوكس وهيلدا دوليتل وريتشارد آلدينجتون ، وقد آمنت هذه الحركة الأنجلو أمريكية بما قالت هلويل عن الشعر حيث أكدت أن التركيز هو لُبُّ الشعر وأساسه. وأضافت أن الهدف من هذه الحركة هو السعي إلى إنتاج شعر صعب وواضح. أي ليس غامضًا أو غير محددٍ. وقادت لويل حملة لإنجاح هذه الحركة وطبَّقت مبادئه على أعمالها الخاصة ، حيث عملت وكيل دعاية لهذه الحركة وأسهمت في تحرير وعمل مختارات شعرية من شعراء الحركة التصويرية سنة ١٩١٥، كما أنها كانت رائدة في استخدام”النثر  متعدد الأصوات” Polyphonic Prose حيث كانت تدمج بين النظم التقليدي الرسمي والنظم الحُر  .

كانت لويل مولعةً بالشاعر جون كيتس John Keats  ، وتأثرت به كثيرا وقد انعكس ذلك على قصائدها الشعرية حيث كانت تعتبره الرائد الأول في الحركة التصويرية ، وقد نشرت سيرة ذاتية عن كيتس عام ١٩٢٥ وفي السنة نفسها حصدت لويل جائزة بوليتزر عن كتابها ” ماالساعة ” What is O’clock.

وقد ولدت الشاعرة الأمريكية إيمي لويل في ماساشوستس بالولايات المتحدة الأمريكية عام ١٨٧٤ وتوفيت عام ١٩٢٥ إثر إصابتها بنزيفٍ في المُخ.

ومن أهم أعمالها :”قبة زجاجية متعددة الألوان ”A Dome of Many-Coloured Glass’’ عام ١٩١٢ ، و ”شفرات السيوف و بذورالخشخاش ” Sword Blades and Poppy Seed عام ١٩١٤و ” قلعة كان جراندي” Can Grande Castle عام ١٩١٩ و”الأساطير ” Legends عام ١٩٢١ و ” الرياح الشرقية ” East Wind عام ١٩٢٦و ” قصائد للبيع” Ballads for Sale عام ١٩٢٧ ولديها الكثير من الأعمال الأخرى فكانت لويل تمتلك طاقة أسطورية حيث كرست حياتها لدعم الشعر فكانت تكتب من دون توقف، فكتبتأكثر من ٦٥٠ قصيدة بالإضافة إلى أعمال أخرى في النقد والترجمة  حيث أطلق عليها الشاعر الأمريكي تي إس إليوت (١٨٨٨-١٩٦٥) البائعة الشيطانية للشعر ” The demon saleswoman of poetry ، كما  كان الكاتب والشاعر الإنجليزي ريتشارد ألدينجتون (١٨٩٢-١٩٦٢) يرى أن إيمي شاعرة فنانة تُقدر الجمال الحقيقيّ.

أمّا عن فلسفة لويل الشعرية ، فقد كتبت في مقدمة كتابها الشعري ” قلعة كان جراندي ” Can Grande’s Castle : ”أود أن أعرب عناعتقادي الراسخ بأنه لا ينبغى على الشعر أن يحاول التدريس و يجب أن يكون حاضرا ببساطة لأنه جمال مخلوق حتى لو كان في بعض الأحيان جمال لهمجية غير مألوفة، نحن لا نثق في الجمال الذي نفهم نصفه فقط ، كم نحن بعيدون عن الاعتراف بالكون ”.

أظهر شعر لويل أيضا فن الشعر الحُر ” Free Verse’’وكتبت : ” كانت فكرتي المفضلة دائمًا أن إيقاع الشعر الحر لم يكن مُعدَّلا بطريقةٍ كافيةٍ وأن قوة الاختلاف التي تكمن داخلها لم يتم إحضارها إلى ضوء التجربة بعد، فأنا أفضِّل أن أسميها قصائد ”إيقاع غير مُقفَّى ”لذلك ينقل معناها الحقيقيُّ إلى الأُذن الإنجليزية”.

 وفي حوارٍ أجري مع إيمي لويل أجابت عن سؤالٍ لماذا يجب على المرء أن يقرأ الشعر بسؤالٍ آخر وهو لماذا يجب على المرء أن يأكل ؟ وقالت إنَّ السؤالين متشابهان إلى حد كبير و أن الإنسان يأكل ليعيش وفي كل وقت يذهب فيه الإنسان إلى العشاء لا يردد القول بأنه يأكل لكي لا يموت. وقالت على النقيض نحن نأكل لأننا نشعر بالجوع لذا فالأكل شيء مبهج ومرغوب فيه ، وأضافت أن ضرورة الشعر من أهم سمات الجنس البشري ، لكننا لا نضع ذلك في الاعتبار مثلما نضع في اعتبارنا أن وجبة العشاء هي التي تُبقينا على قيد الحياة. وقالت إنقلب وروح الإنسان يتضوران جوعا ويموتان من دون الشعر ، وأن الفرق الوحيد بينهما هو أن معظم الناس تعي جيدا  بأنهم سيموتون من دون الأكل ، بينما عدد قليل جدا من الناس يعي بأنه سيموت من دون الشعر.

استندت إيمي لويل في حديثها عن الشعر على الكتاب المقدس (الإنجيل) وقالت إنها كلما احتاجت أن تُفسر أي شيء ، وجدته مكتوبا ومُفسَّرا بأحسن صورة ممكنة في الكتاب المقدس، ذلك الكتاب الذي يحوي مجموعة رائعة ومتنوعة من الشعر،و قالت ”الإنسان لا يعيشبالخبز وحده ” ، هذه العبارة من الكتاب المقدس وتعني بلغتنا نحن البشر ، أن البشر لا يمكنهم المعيشة بالأشياء المادية فقط ، وأكدت أنذلك هو ما تقتنع وتؤمن به لأن لو حدث ذلك ، ستُغلق جميع  المكتبات ، والمسارح أبوابها ، وسيتوقف بائع الزهور عن العمل حتى ساحات البيسبول ستُغلق ، ذلك يعني  أن لويل تؤمن  بأن الشعر هو روح الحياة وأن الاعتماد على الأشياء المادية فقط يميت الروح والقلب وبالشعر نحيا ونتنفس هواءً نقيا بعيدا عن منغصات الحياة وأعبائها .

بالإضافة إلى ما سبق ، قالت لويل إنها تعي جيدا بأن الشعر لا يستمتع به كل الناس، فالناس لديهم أذواق مختلفة ، فالرجل في سن الأربعين لم تعد تستهويه الكتب التي كان يقرؤها عندما كان صبيًّا، وهناك بعض الرجال الذين لم ينضجوا بعد والبعض الآخر يتغير وينضج وينمو فكريًّا بمرور الوقت والزمن ، وقالت إن مجال الأدب مليء بالكتب المختلفة المتنوعة التي تناسب جميع الأذواق، فهناك على سبيل المثال بعض من الناس يستمتعون بقراءة قصائد كيبلينج أكثر من چون كيتس ، والبعض الآخر يسعد بقراءة روبرت  بيرنز Robert Burns أكثر من چون بليك John  Blake ، وليست قاعدة بأن الناس التي تهتم بقراءة ألفريد تينيسون Alfred Tennyson ، تهتم أيضا بقراءة والت ويتمان Walt Whitman والمعجبين بإدجار آلان باو Edgar Alan Poe وصامويل  تايلر كولريدج  Samuel Taylor Coleridge ربما يجدون  ويليام ووردسورث William Wordsworth  غير جذاب. وقالت إن أسعد الناس وأغناهم هم من يستمتعون بهم جميعًا.

أكدت لويل أن الاختبار الحقيقي للشعر لا يكمن في قافية القصيدة أو موضوعها ، بل في صدقه وديمومته ، وما الدنيا إلا ”روح إنسان”.

أنهت إيمي لويل حديثها عن الشعر بسؤال ” لماذا ينبغي على المرء أن يقرأ الشعر ” لأنه بهذه الطريقة يمكننا التعرف إلى الإنسان في كل حالاته المزاجية ، عندما تحيط قلبه أفكار جميلة تصل به إلى أبعد نقطة في الخيال ، وعندما يكون في حالة حب عميق، وعندما تكون روحه وحيدة في مواجهة قسوة وغرابة الحياة، وقالت إن الشعر والتاريخ كتابان لقلب الإنسان، ولكن الشعر هو الأكثر حميمية والأكثر ديمومة في الوقت نفسه .

شعر إيمي لويل التصويري يأخذ القارىء من يديه إلى المشاهد المُراد وصفها ، وذلك بعناية فائقة ودقة متناهية، فأثناء غوصك في بحر القصيدة قد تتفاجأ بوجودك في حقول غنَّاء ملأى بفواكه الجنة، وقد تغازلك الحبوب حتى تطيعها وتضعها في قرونها من جديد . وقد تجدزهرة عبَّاد الشمس تُلوح لك من بعيد ، تناديك ، حتى تقبل عليها وتميل لكي تفصح لك عن أسرارها ، وفي سياقٍ آخر قد تجد نفسك أمام حفلة رقص نسائية للاحتفاء بموسم الحصاد وسلَّات منثورة في كل مكان ترقص فيه النساء للتعبير عن سعادتهن بموسم الحصاد . عوالم خيالية مثيرة مليئة بالمشاهد المبهجة التي تتعرف من خلالها تراث الشعب الأمريكي وعاداته وتقاليده .

إيمي لويل شاعرة مختلفة تقدم جديدا شعريا يخصها على مستوى الأفكار والبناء .

ــــــــــــــــــــــــــــ

أوبال (Opal)

ــــــــــــــــــــــ

أنتَ ثَلجٌ ونَارٌ،

لَمْسَةٌ مِنكَ تَحْرِقُ يَدَيَّ كَالجَلِيدِ.

أنتَ بَرْدٌ ولَهَبٌ.

أنتَ زَهرَةُ نَرْجِسٍ قُرْمُزِيَّةٌ،

زَهرَةُ مَاجنُوليَا لاَمَسْهَا قَمُرٌ فِضِيٌّ.

عِندَمَا أَكُونُ مَعَكَ،

قَلبِي بِرْكَةٌ مُتَجَمِّدَةٌ ،

تَشّتَعِلُ بَمَصَابِيِحَ هَائِجَةٍ.

*الأوبال : من الأحجار الكريمة الثَّمينة و كان يُطلقُ عليه قديمًا حجر كيوبيد Cupid Stone.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

أغنيةُ الحَصَادِ النسائية (Women’s Harvest Song)

ــــــــــــــــــــــــــــــ

أُلَوَّحُ بِزَهْرَةِ عَبَّادِ شَمْسٍ يَانِعَةٍ،

أُنثُرُ حُبُوبَ لِقَاحِ زَهْرَةِ عَبَّادِ الشَّمسِ

على أَرْبَعَةِ أَرْبَاعِ العَالَمِ.

أنَا مُبْتَهِجَةُ بِسَبِبِ بِطِّيخِي 

   مُبْتَهِجَةُ بِسَبِبِ حُبُوبِي

  مُبّتَهِجَةُ بِسَبِبِ قَرْعِي العَسَلِيِّ.

تُلَوِّحُ زَهْرَةُ عَبَّادِ الشَّمسِ

كمَا لَوَّحتْ حبَّاتُ الذُّرةِ من قَبل.

عِندَمَا هَبَّتِ الرِيَاحُ ضِدَّهَا انْحَنَتْ،

كَمَا فَعَلتْ حَبَّاتُ ذُرَتِي البَيْضَاءُ.

عِنْدَمَا بَاغَتَهَا البَرْقُ الأحْمَرُ 

ارْتَجَفَتْ كَزَهْرَةِ عَبَّادِ الشَّمسِ

عِنْدَمَا يَنْهَمِرُ عَلى أورَاقِهَا المَطَرُ.

عَظِيمَةٌ زَهْرَةُ عَبَّادِ الشَّمْسِ

عَظِيمَةٌ الشَّمسُ التي كَانَت

مَحَلِّقَةٌ فوق حُقُولِ الذُّرَةِ.

أحْيَتْ أصَابِعهَا سَنَابِلُ الذُّرةِ

صَنَعَت يَدَاهَا بِطِّيخِي 

ووَضَعَتْ حُبُوبِي كَامِلَةً في قُرُونِهَا.

لذا، قَلْبِي مُبتَهِجٌ

وسَأضَعُ العَدِيدَ مِنْ عَصي الصَّلاَةِ الزَّرقَاءِ

على ضَرِيحِ  تاوا

سَأعْطِي الذُّرةَ لِتَاوا

ذُرَةٌ صَفْرَاءُ و زَرْقَاءُ وسَودَاءُ.

أُلَوِّحُ لِزَهْرةِ عَبَّادِ الشَّمسِ،

وزُهُورُ عَبَّادِ الشَّمسِ مُثْقَلَةٌ بِحُبُوبِ اللِقَاحِ .

أُلَوِّحُ لهَا

 أَمِيلُ عليها و أُغَنِّي

لأنِني مُبتَهِجَةً.

**عصي الصلاة (A prayer stick ) تستخدم كطقس من طقوس الصلاة أو لممارسة التأمل وتُستخدم في العديد من الثقافات المختلفة. تُصنع هذه الأعواد عادة من خشب القطن ويبلغ طولها حوالي سبع بوصات وتختلف في الشكل واللون والريش الملحق بها، وكذلك حسب طبيعة المُصلي وذوقه في الاختيار.

ـــــــــــــــــــــــــــ

رقصةُ السَّلَّة (Basket Dance)

ـــــــــــــــــــــــــــــــ

ارقُصنَّ

ارقُصنَّ

الكَاهِنُ فَرِحٌ بِوَجبَةِ عَبَّادِ الشَّمسِ،

 فَرِحٌ بِوَجبَةِ الذُّرَةِ،

مُشِعٌ كَالشَّمسِ.

ارقُصنَّ

ارقُصنَّ

أَجراسُهُ الصَّغِيرةُ تَرِنُّ،

تَرِنُّ كَضَوءِ الشَّمسِ،

  والشَّمسُ تُشرِقُ.

ارقُصنَّ

ارقُصنَّ

رُبَّمَا سَأرْمِي لَكُنَّ سَلَّةً،

رُبَّمَا سَأرْمِي لَكُنَّ قَلْبِي.

ارْفَعن السِّلالَ  وارقُصنَّ،

اخْفِضن السِّلالَ و ارقُصنَّ،

لَقَد جمَعنَا الفَوَاكِهَ،

نَحنُ نَرْقُصُ الآَن.

ظِلالُنَا طَوِيلَةٌ ،

ضَوءُ الشَّمسِ سَاطِعٌ بين ظِلالِنَا.

هَل تُرِدْنَ سَلّتِي ؟

أَمسِكن بِها

أَمسِكن بِها

لَكِنَ لا تَستَطِعْن الإمْسَاكَ بي ،

فأنا أَصعَبُ كثيرًا .

**رقصة السلة:

 هي رقصة نسائية لبعض شعوب أوروبا في العصور الوسطى وبعض الهنود الأمريكيين في جنوب غرب الولايات المتحدة الأمريكية  وهي أهمطقوس الحصاد الثلاثة التي يؤديها هنود الهوبي، هدفها تذكير الناس بأن الحياة مؤقتة ،وأنه يجب عليهم الامتثال لخطط الخالق.

‏مقالات ذات صلة

Back to top button