‏أخبار وطنية

العثماني يفتح النار: أخنوش يشوه التاريخ الحكومي ويتهرب من الحاضر

(كش بريس/ التحرير)ـ في خروج مثير للانتباه، عاد رئيس الحكومة المغربية السابق سعد الدين العثماني إلى الساحة السياسية عبر تدوينة حادة، ردّ فيها على تصريحات خصمه عزيز أخنوش التي أدلى بها في حوار تلفزيوني يوم 10 شتنبر 2025. العثماني اعتبر أنّ ما ورد في الحوار “تضمن مع الأسف معلومات خاطئة” حول حصيلة حكومته (2017-2021) وحكومة سلفه عبد الإله بنكيران (2011-2016)، وأن أخنوش “ما انفكّ منذ توليه رئاسة الحكومة يلقي باتهامات مجانية في حق الحكومتين السابقتين”.

ثلاثية “الإنكار، الاستئثار، الإدبار”

العثماني لخّص منهجية خطاب رئيس الحكومة الحالي في ثلاثية لافتة: الإنكار لإنجازات الماضي، الاستئثار بنسبة منجزات سابقتين للحكومة الحالية، والإدبار بالتنصل من مسؤولية التعثرات. وفي خلفية هذه الاتهامات، يتضح أنّ الخلاف بين الرجلين لم يعد مجرّد اختلاف في البرامج، بل صراع رمزي حول شرعية التجربة الحكومية منذ 2011.

معركة الإشراف السياسي على الانتخابات

النقطة الأكثر حساسية في التدوينة تعلقت بموضوع الإشراف السياسي لرئيس الحكومة على الانتخابات، حيث شدّد العثماني على أنّ دستور 2011 منح هذا الدور لرئيس الحكومة، مستشهداً بلقاءات تشاورية قادها بنكيران سنة 2016، ثم هو نفسه سنة 2020 استعداداً لانتخابات 2021.
العثماني رفض وصف أخنوش لهذه التجربة بـ”الفاشلة”، معتبراً أنّ الفشل الحقيقي تمثّل في تمرير ما سماه “القاسم الانتخابي الغريب”، الذي اعتمد على عدد المسجلين بدل المصوّتين، واعتبره “تشويهاً للعملية الانتخابية”.

الماء والتغطية الصحية وميثاق الاستثمار

أما في الملفات الاستراتيجية الكبرى مثل الماء وتعميم الحماية الاجتماعية وميثاق الاستثمار، فقد اتهم العثماني رئيس الحكومة الحالي بـ”التملص من المسؤولية”، والاكتفاء بإلقاء اللوم على الحكومات السابقة، بدل تقديم أجوبة عملية عن تعثر تنفيذ الالتزامات الانتخابية.

بين الدفاع والتبرير

قراءة التدوينة تكشف أن العثماني لم يكتف بالرد، بل حاول إعادة الاعتبار لمرحلة العدالة والتنمية في الحكم، والتأكيد على أنها وضعت أسساً لإصلاحات كبرى. غير أن الخطاب لا يخلو من نَفَس تبريري، إذ يتجنّب الخوض في إخفاقات داخلية ساهمت في إضعاف حكومته، ويركّز أساساً على تفنيد رواية أخنوش وإبراز مسؤولية الحكومة الحالية في التعثرات.

صراع على الذاكرة السياسية

يتضح أنّ ما يجري بين الرجلين ليس مجرد سجال شخصي، بل معركة على الذاكرة السياسية القريبة: من يملك حق رواية ما جرى بين 2011 و2021؟ العدالة والتنمية الذي يرفض أن يُمحى أثره من سجل الإصلاحات، أم الأحرار الذين يسعون لتصوير المرحلة السابقة كفصل من الأعطاب والخيبات؟

تدوينة العثماني تضيء جانباً من التوتر المزمن بين الإسلاميين والليبراليين في المغرب، لكنها تكشف أيضاً مأزق الخطاب السياسي الراهن: التركيز على تبادل التهم وإعادة صياغة الماضي، أكثر من الانكباب على تقديم حلول عملية لأزمات الماء، الصحة، والاستثمار التي تؤرق المغاربة اليوم.

‏مقالات ذات صلة

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


Back to top button