
(كش بريس/ التحرير)ـ
عقدت الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية اجتماعًا مستعجلاً واستثنائياً ليلة الثلاثاء 30 شتنبر 2025، برئاسة الأمين العام عبد الإله ابن كيران، على إثر التطورات الخطيرة التي شهدتها بعض المدن المغربية على هامش احتجاجات شباب “جيل Z”. تناول الاجتماع، بحسب البيان الصادر، الانفلاتات التي صاحبت هذه الاحتجاجات، بما فيها الاعتداء على الممتلكات الخاصة والعامة، ومواجهات مع عناصر الأمن، مسجلاً القلق من انزلاق الاحتجاجات نحو العنف.
البيان ركّز في مضامينه على ثلاثة محاور رئيسية:
- تشخيص أسباب الاحتجاجات: اعتبر الحزب أن هذه الموجة من الاحتجاجات تعكس فشل الحكومة والاختلالات العميقة في قطاعات التعليم والصحة والشغل والثقافة والشباب. وذكر البيان بسلسلة التحذيرات والبلاغات التي وجهها الحزب خلال السنوات الأربع الماضية، مشيرًا إلى مشكلات بنيوية في إصلاح منظومة التربية والتكوين، تهميش القطاع الصحي العمومي، الفشل في تقليص الفوارق الاجتماعية والمجالية، وغياب العدالة في التأهيل الحضري، إضافة إلى تفشي الريع والمحسوبية في المناصب العمومية.
- دعوة الشباب إلى ضبط النفس والحفاظ على سلمية الاحتجاجات: جدد البيان الدعوة إلى احترام الدستور والثوابت الوطنية، وممارسة الحقوق والحريات ضمن إطار القانون، وتفادي العنف والانزلاق نحو أعمال تخريبية، مؤكدًا أن رسائل الشباب قد وصلت وأن مخرجًا سياسيًا يمكن إيجاده عبر المؤسسات الدستورية المخولة.
- مناشدة الحكومة والسلطات العمومية: دعا البيان الحكومة والسلطات إلى احترام حرية التظاهر السلمي، وتطبيق معايير الحكامة الأمنية، والتعامل بروية وحكمة، وإطلاق سراح المعتقلين الذين لم تثبت إدانتهم بأعمال تخريبية. كما دعا البيان إلى فتح حوار سياسي شامل يشارك فيه جميع الأطراف، لا سيما الشباب، من أجل بلورة حلول سياسية واجتماعية وقانونية لمعالجة الاختلالات وتعزيز العدالة المجالية والتنمية المستدامة.
من منظور تحليل سياسي، يعكس البيان محاولة الحزب تحقيق توازن بين النقد السياسي للحكومة الحالية، والدعوة إلى ضبط الاحتجاجات حفاظًا على الأمن والاستقرار. كما يبرز البيان موقف الحزب كمؤسسة سياسية حريصة على استيعاب الغضب الشبابي وتحويله إلى دينامية سياسية مؤسسية، من خلال البرلمان والجماعات الترابية. ومع ذلك، يمكن قراءة البيان أيضًا كإعادة تأكيد لمكانة الحزب داخل المشهد السياسي، وإبراز دوره في الدفاع عن الحقوق والمصالح الوطنية، مع تركيز على شرعية الإجراءات والحوار المؤسساتي، في مواجهة ما يعتبره الحزب فشل الحكومة الحالية في الاستجابة لمطالب المواطنين.
ختامًا، يقدم بيان العدالة والتنمية نموذجًا لكيفية محاولة الأحزاب السياسية توجيه احتجاجات الشباب ضمن إطار دستوري وقانوني، مع الموازنة بين النقد الحكومي والحرص على الاستقرار، ويشير إلى الحاجة الملحة لتفعيل إصلاحات بنيوية حقيقية بدل الاكتفاء بالخطابات والشعارات.