
(كش بريس/التحرير)ـ أظهر تقرير حديث للبنك الدولي حول المستجدات الاقتصادية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وأفغانستان وباكستان، أن المغرب يمثل حالة استثنائية ضمن المنطقة، بعد أن سجل تقدماً نسبياً على مؤشر “المرأة وأنشطة الأعمال والقانون” مقارنة بالدول الأخرى ذات الدخل المماثل. في المقابل، لا تزال غالبية اقتصادات المنطقة دون المستوى المتوقع على هذا المؤشر.
وأشار التقرير، الصادر في أكتوبر 2025، إلى أن المغرب أحرز تقدماً تشريعياً ملحوظاً يتيح مشاركة أفضل للنساء في العمل والحياة الاقتصادية، ما يضعه في موقع مختلف عن النمط الإقليمي العام. ويقيس المؤشر ثمانية مجالات قانونية تشمل العمل، الأجور، الزواج، الوالدية، ريادة الأعمال، الأصول، المعاشات التقاعدية والتنقل، بهدف تقييم مدى مساواة النساء والرجال في الأطر القانونية والاقتصادية.
مؤشرات النمو الاقتصادي ودور الفعاليات الرياضية:
رفع البنك الدولي توقعات النمو للمغرب خلال 2025 إلى 4.4%، مستنداً إلى تحسن أداء القطاعات الاقتصادية المرتبطة بالزراعة والسياحة والاستثمار، إلى جانب الاستعدادات لاستضافة كأس الأمم الإفريقية 2025 والمشاريع المرتبطة بكأس العالم 2030. ويشير التقرير إلى أن هذه التظاهرات الرياضية الكبرى قد تسهم في تحفيز النشاط الاقتصادي وتدفقات الاستثمار، خاصة في مجالات النقل، الضيافة والبنية التحتية.
الفجوة بين التحسن القانوني والمشاركة الفعلية للنساء:
رغم التحسن التشريعي، لا يزال تأثيره على مشاركة النساء في سوق العمل محدوداً. فقد انخفض معدل مشاركة النساء في المغرب من 29% سنة 2000 إلى نحو 20% وفق آخر البيانات المتاحة، وهو اتجاه مشابه لتجارب دول إقليمية أخرى مثل مصر والأردن وإيران.
ويبرز التقرير أن العوامل الاجتماعية والثقافية ما تزال تلعب دوراً كبيراً في تحديد فرص النساء، بما في ذلك المواقف التقليدية تجاه أدوار الرجال والنساء. ومع ذلك، هناك مؤشرات على تغير تدريجي في الوعي الاجتماعي، خصوصاً بين الشباب، حيث انخفض الاعتقاد بأن الرجال أولى بالوظائف عند محدودية فرص العمل.
عوائق إضافية تواجه النساء:
يتناول التقرير كذلك التحرش في أماكن العمل والعامة ونقص خدمات رعاية الأطفال كأبرز العوائق التي تحد من مشاركة النساء. ويشير إلى أن هذه العوامل تشكل قيوداً على تحقيق المساواة الفعلية، وأن الإصلاح القانوني وحده لا يكفي إلا مع تعزيز آليات التنفيذ والتغيير الاجتماعي.
يضع التقرير المغرب في موقع إيجابي نسبياً ضمن الإطار الإقليمي، حيث أحرز تقدماً تشريعياً ملحوظاً، لكنه يوضح أن تحقيق المساواة الاقتصادية يتطلب أكثر من مجرد نصوص قانونية. فالمشاركة الفعلية للنساء في سوق العمل تتطلب إصلاحات مؤسسية واجتماعية متكاملة، تشمل آليات حماية، رعاية الأطفال، تغيير الأعراف الاجتماعية، وتحفيز الاقتصاد عبر فرص عمل متساوية.
كما يشير التقرير إلى أن المغرب يمتلك فرصة لتعزيز النمو الاقتصادي من خلال استثمار فعاليات رياضية كبرى، إلى جانب تسريع الإصلاحات القانونية والاجتماعية لتعظيم استفادة النساء من هذا النمو وتحقيق مساواة فعلية ومستدامة في سوق العمل.



