
(كش بريس/التحرير)ـ سلّطت دراسة تحليلية حديثة، أنجزها سبعة باحثين مغاربة، الضوء على تطوّر جهود المغرب في التصدي لالتهاب الكبد الفيروسي “ب” خلال الفترة الممتدة بين 2000 و2024، مستخلصة مسارًا متدرّجًا نحو خفض انتشار هذا الداء على المستوى الوطني.
وأكدت الدراسة، التي نُشرت مؤخرًا في مجلة BMC Infectious Diseases، أن المعطيات المتاحة تُرجّح انتقال المغرب إلى فئة البلدان ذات الانتشار المنخفض للمرض، مع مؤشرات أقرب إلى تلك المسجلة في الدول التي تعرف انتشارًا ضعيفًا، مقارنة بالبلدان متوسطة أو عالية الانتشار.
وأوضح الباحثون أن هذه النتائج تُجسّد فعالية التدابير التقنية والمالية والسياسية والتعليمية والتنظيمية التي اعتمدها المغرب خلال هذه المدة، إلى جانب أثر البرنامج الوطني للتلقيح المعتمد منذ 1999، مع التأكيد على ضرورة بذل مزيد من الجهود للحفاظ على هذا التقدّم ومعالجة ما تبقى من نقاط ضعف على المستوى التدبيري.
واعتمدت الدراسة على تحليل بيانات مستخلصة من قواعد معطيات متعددة، من بينها “PubMed” و”Google Scholar” و”Web of Science” و”Scopus”، خلال الفترة نفسها. وكشفت النتائج ضعف الإنتاج العلمي الوطني حول الموضوع في السنوات الثماني الأولى من الألفية الثالثة، بحيث لم يُعثر سوى على ثلاث دراسات.
وتزايد الاهتمام البحثي بين سنتي 2009 و2016، حيث أُنجزت نحو 13 دراسة (أي بمعدل 1.3 دراسة سنويًا)، مع بلوغ الذروة بخمس منشورات في سنة واحدة. وقد شملت هذه المرحلة أولى المسوح الوطنية الموجّهة للمتبرعين بالدم وللفئات النشيطة، وهي عينات بلغ مجموعها نحو 520 ألف مشارك.
أما خلال الفترة الممتدة بين 2017 و2024، فاستمر تنوّع الإنتاج العلمي بصدور 14 دراسة (بمعدل 1.8 سنويًا)، شملت أكثر من 229 ألف مشارك، مع الإشارة إلى تأثير جائحة كوفيد-19 على برامج تحرّي التهاب الكبد على المستويين الوطني والدولي.
وأفادت الدراسة بأن أعلى نسب الانتشار سُجّلت لدى مرضى القصور الكلوي والمصابين بفيروس نقص المناعة البشرية، حيث بلغ المعدل لديهم 5.43%، وهي فئات معرّضة بشكل أكبر بفعل تعدد التدخلات الطبية وضعف المناعة، إضافة إلى انتشار العدوى الخفية التي قد لا تظهر في الفحوص الروتينية.
في المقابل، سُجّلت أقل نسبة إصابة لدى العسكريين، في انعكاس لفعالية سياسات التلقيح داخل القوات المسلحة الملكية ولصرامة معايير التبرع بالدم في المستشفيات العسكرية، التي شهدت تراجعا كبيرًا في نسب الإصابة عبر العقود الماضية. أما بين العاملين في القطاع الصحي، فقد بلغ معدل الانتشار 1.77%، وهو أدنى من المتوسط المسجّل على مستوى القارة الإفريقية، رغم انخفاض التغطية بالتلقيح الكامل داخل هذه الفئة، التي تتراوح بين 28% و55%، إلى جانب ضعف الإبلاغ عن الحوادث المهنية.
وأبرزت الدراسة وجود فجوات مهمة في البيانات المتعلقة بالفئات عالية الخطورة، مثل السجناء وحديثي الولادة من أمهات مصابات، مما يستوجب دراسات موجهة لهذه الفئات تماشياً مع هدف البرنامج الوطني المتمثل في تقليص الإصابات الجديدة إلى النصف بحلول 2026.
يُذكر أن هذا العمل أنجزه باحثون ينتمون إلى مختبرات كلية الطب والصيدلة بالرباط، والمركز الوطني للبحث العلمي والتقني (CNRST)، ومركز محمد السادس للبحث والابتكار بالرباط. كما كانت وزارة الصحة والحماية الاجتماعية قد أعلنت قبل أسبوع أن اللجنة الإقليمية التابعة لمنظمة الصحة العالمية لإقليم شرق المتوسط صنّفت المغرب بلدًا متحكمًا في التهاب الكبد الفيروسي “ب”، اعترافًا بالتقدّم المحقق في مجالات الوقاية والكشف والعلاج.





