‏آخر المستجداتالمجتمع

تقرير: سوء التنظيم وتضخم هوامش الربح شكلا أرضية خصبة لتفاقم الأسعار

(كش بريس/التحرير)ـ قال مجلس المنافسة، إن سوء التنظيم وتضخم هوامش الربح شكلا أرضية خصبة لتفاقم الأسعار، بل وشجّعا بعض الفاعلين على ممارسات ربحية تعسفية في ظل غياب رقابة فعالة.

وحسب تقرير حديث للمجلس، اطلعت (كش بريس) بنسخة منه، أنه سجل التقرير الجديد، والصادر بتاريخ فاتح يوليوز 2025، وجود اختلالات عميقة في سلاسل توزيع المواد الغذائية بالمغرب، أسهمت في تأجيج أسعار الاستهلاك، خاصة خلال سنتي 2022 و2023، حيث تجاوزت هوامش الربح في بعض المنتجات نسبا مرتفعة اعتُبرت “غير مبررة”.

وأضاف أن التضخم المسجل خلال العامين الماضيين – والذي بلغ 6,6 في المائة سنة 2022 و6,1 في المائة سنة 2023 – كان مدفوعا أساسا بارتفاع أسعار المواد الغذائية، التي زادت على التوالي بنسبة 11 و12,5 في المائة، وفق بيانات المندوبية السامية للتخطيط.

وأكدت الوثيقة، على أن البنية الحالية لسوق التوزيع تفتقر للانسجام، وتهيمن عليها التجارة التقليدية التي تشتغل خارج الضوابط الحديثة، في مقابل صعود متسارع للتوزيع العصري الذي تسيطر عليه شبكات محدودة العدد، ما يخلق مناخا احتكاريا ويحول دون دخول منافسين جدد.

وأشارت إلى أن سوق التوزيع العصري في المغرب يتميز بدرجة عالية من التركّز، حيث تستحوذ مجموعتا مرجان وكارفور/أتيكاداو على حوالي 82 في المائة من رقم معاملات القطاع، الأمر الذي يمنحهما “قوة تفاوضية كبيرة” مع الموردين، خاصة الصغار منهم، ويُضعف شروط المنافسة.

وأبرزت في سياق متصل، أن الهوامش الربحية في بعض المنتجات الأساسية بلغت مستويات غير مبررة، في ظل تباين كبير بين سعر الخروج من المعامل وسعر البيع النهائي، خاصة في مواد مثل الحليب المبستر، الزبدة، الجبن، والعجائن الغذائية، حيث أفضى ضعف الشفافية إلى تغذية التضخم بدل كبحه.

كما أوضح المجلس أن هامش الربح الإجمالي لبعض المنتجات الغذائية بلغ مستويات مرتفعة، من بينها العجائن الغذائية (أكثر من 31 في المائة)، ومركّز الطماطم (أزيد من 25 في المائة)، والمربى (حوالي 16 في المائة)، وذلك في سلاسل التوزيع العصرية.

وأفاد أن التجارة التقليدية ما تزال تهيمن على توزيع بعض المنتجات الحساسة، مثل الحليب المبستر الذي يتم تسويق أكثر من 95 في المائة منه عبر محلات البقالة وتجار الجملة، بينما لا تتجاوز حصة التوزيع العصري في هذه المادة 3,5 في المائة.

كما سجل أن العلاقة بين الموردين والموزعين تشوبها ممارسات غير تنافسية، خصوصا في ما يتعلق بآجال الأداء وهوامش الربح “الخلفية”، والتي تتحول في بعض الحالات إلى أداة ضغط خفية تُثقل كاهل المنتج وتضاعف سعر البيع للمستهلك.

وأشار أيضا إلى تعدد المتدخلين وغموض الأدوار بين المؤسسات المعنية، ما يخلق تداخلا في الصلاحيات وغيابا للحكامة الفعالة، داعيا إلى هيكلة شاملة لسوق التوزيع، وربط التجارة التقليدية بالتحول الرقمي، ووضع نظام يقظة لجمع البيانات من أجل تحسين الشفافية وتعزيز الإنصاف في توزيع القيمة بين المنتج، الموزع، والمستهلك.

وشدد على أن جذور التضخم تعود بالأساس إلى صدمات خارجية، كجائحة كوفيد والتوترات الدولية، فإنه شدد على أن الانفلات الداخلي ساهم في مفاقمته، محولا الأزمة من ظرفية إلى بنيوية.

واقترح مجلس المنافسة إعادة هيكلة حكامة القطاع، وسن آلية وطنية لليقظة وجمع البيانات، وتقنين هوامش الربح الخلفية وآجال الأداء، ودعم رقمنة التجارة التقليدية، إلى جانب وضع سياسة تعمير تجاري متوازنة تحد من التركز المفرط للمساحات الكبرى.

وقال أن الظرفية التضخمية التي تمر بها البلاد لا يمكن فصلها عن السياق الدولي، لكنها تفاقمت بفعل ممارسات داخلية في سلاسل التوزيع، داعيا إلى مراجعة عميقة لهذه المنظومة بما يضمن تعزيز المنافسة وحماية القدرة الشرائية للمستهلك المغربي.

‏مقالات ذات صلة

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


Back to top button