‏آخر المستجدات‏أخبار وطنية

ثلاثة عقود بعد برشلونة.. المغرب يعلن نهاية “زواج المصلحة” مع أوروبا

(كش بريس/ التحرير)ـ عبّر المغرب، على لسان وزير الخارجية ناصر بوريطة، عن رفضه للمقاربة الأوروبية السائدة في تدبير الشراكة الأورو-متوسطية، باعتبارها رؤية تُبقي الجنوب في موقع هامشي وتحوّل التعاون إلى مجرد تبادل ظرفي محدود الأفق. في المقابل، طرح المغرب تصورا بديلا يقوم على الواقعية والطموح، يرمي إلى جعل المتوسط فضاءً متوازنا، قائما على التكامل الاقتصادي، وسلاسل الإنتاج المشتركة، والتضامن الاستراتيجي.

خلال الخلوة رفيعة المستوى المنعقدة بالرباط حول مستقبل العلاقات الأورو-متوسطية، شدّد بوريطة على أن هذا الفضاء يعيش “تحديات وجودية” تجعله في مفترق طرق حاسم. وبعد ثلاثة عقود من إطلاق مسار برشلونة، ورغم بعض النجاحات التي تحققت في الاستقرار والبرامج التنموية، فإن التحديات البنيوية لا تزال قائمة، بل ازدادت تعقيدا.

المغرب قدّم تشخيصا متعدد الأبعاد لهذه الأزمة:

  • أزمة الهوية: غياب توافق حول طبيعة الكيان الأورو-متوسطي؛ هل هو منطقة اقتصادية متكاملة، فضاء سياسي إقليمي، أم مجرد امتداد لسياسة الجوار الأوروبية؟ هذا الغموض جعل المشروع ثقيلا في الحركة وضعيفا في التأثير.
  • غياب التناظر في الدوافع: بينما تنظر أوروبا إلى الشراكة كأداة لضبط الجوار وإدارته، يرى الجنوب أنها تحولت إلى علاقة براغماتية محدودة، أشبه بـ”زواج مصلحة”، تفتقر إلى رؤية وسردية مشتركة.
  • التجزؤ الجيوسياسي: الجنوب يعاني من تعطّل اتحاد المغرب العربي وتمزق المشرق، فيما تتجه أولويات الاتحاد الأوروبي نحو الشرق، تاركة جنوبه بلا سند استراتيجي.
  • عجز إدارة الأزمات: من جائحة كورونا إلى الأزمات في غزة، مرورا بالمجاعة والطاقة، كان الغياب الأورو-متوسطي لافتا، مما أفقده مركزيته.
  • أزمة الشرعية الرمزية: تراجع حضور فكرة “الأوروميد” في المخيال الجماعي، إذ ظلت المبادرات الأكاديمية أو المؤسسية محدودة الأثر.

في مواجهة هذا الوضع، شدّد المغرب على أن نقده قاسٍ لكنه واقعي، معلنا عن مقترحات لإحياء الشراكة عبر ثلاثة محاور كبرى:

  1. تأمين الإمدادات الاستراتيجية في الطاقة والغذاء.
  2. الربط الاقتصادي واللوجستي لتقوية التكامل وسلاسل الإنتاج المشتركة.
  3. تعبئة الرأسمال البشري من خلال التعليم، التكوين، وتنقل الطلبة والكفاءات.

كما دعا إلى إطلاق منتدى سياسي منتظم يضمن حوارا صريحا بين الشمال والجنوب، وإنشاء صندوق أورومتوسطي للتضامن والاندماج قائم على منطق الشراكة المتكافئة، لا منطق المانح والمستفيد.

إن ما يقترحه المغرب، وفق بوريطة، ليس مجرد إصلاح تقني، بل رؤية تحوّلية تسعى إلى جعل المتوسط فضاء لمصير مشترك، يتجاوز الجغرافيا ليؤسس لمجتمع متوازن. ورغم صعوبة الطريق وحاجته إلى زمن طويل، فإن المغرب يصر على المضي فيه بإرادة واقعية وطموح استراتيجي.

‏مقالات ذات صلة

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


Back to top button