
(كش بريس/التحرير)ـ في تطور مثير يعكس استمرار مظاهر الارتباك الإداري داخل بعض المؤسسات التعليمية، تفجّرت بمدينة العيون قضية أثارت جدلاً واسعاً بعد أن أقدم مدير الثانوية التأهيلية موسى بن نصير على عقد جمعٍ عام لجمعية أمهات وآباء وأولياء التلاميذ دون علم رئيس مكتبها التنفيذي، في خطوة وُصفت من قِبل الفاعلين التربويين بـ«سابقة خطيرة» تمسّ مبدأ التدبير التشاركي وروح الحكامة الجيدة التي تنادي بها الإصلاحات التربوية في المغرب.
وبحسب المعطيات المتداولة، فقد قام المدير، بشكل منفرد، بتشكيل مكتب جديد للجمعية عيّن فيه مسيّر المصالح المادية والمالية بالمؤسسة رئيساً، وحارسة عامة عضوة ضمن المكتب، وهو ما اعتُبر من قبل فعاليات مدنية «محاولة للهيمنة الإدارية» على كيان مدني يفترض فيه الاستقلالية القانونية والتنظيمية.
كما جرى عقد هذا الجمع العام في ظروف غامضة وبحضور محدود لم يتجاوز عشرة أشخاص، معظمهم لم يُسددوا واجب الانخراط السنوي، مما أثار تساؤلات حول شرعية الجمع العام وتمثيليته القانونية.
خلفية مؤسساتية وإشكالية الحوكمة:
تكشف هذه الواقعة عن ثغرات بنيوية في تدبير العلاقة بين الإدارة التربوية وجمعيات أمهات وآباء التلاميذ، وهي علاقة يفترض أن تقوم على الشراكة والتكامل، لا على الوصاية أو التبعية.
فمن الناحية القانونية، تُعد جمعيات الآباء هيئات مدنية مستقلة تمثل جسراً بين الأسرة والمدرسة، ويمنحها المشرع المغربي دوراً محورياً في تتبع الحياة المدرسية ودعم الإصلاح التربوي.
غير أن هذه الحادثة تبرز خللاً في تطبيق مقتضيات الحكامة المدرسية التي تؤكد على الانفتاح والتشاركية، مما يجعل تجاوز القوانين في هذا السياق مؤشراً على تراجع ثقافة التشاركية داخل المؤسسات التعليمية، وعودة بعض مظاهر السلطوية الإدارية التي تُقوّض مبادئ المقاربة التعاقدية التي تبنتها وزارة التربية الوطنية.
موقف الرابطة وتحذيراتها:
في ردّها على ما حدث، عبّرت رابطة جمعيات أمهات وآباء وأولياء التلاميذ بالعيون عن استنكارها الشديد لما وصفته بـ«الخروقات القانونية» و«التحايل الإداري»، معتبرة أن عقد الجمع العام دون إشعار رسمي أو احترام للمساطر التنظيمية يمثل ضرباً لمبدأ الشفافية والنزاهة في تسيير الشأن الجمعوي داخل المدرسة.
كما شجبت الرابطة ما اعتبرته محاولة واضحة من مدير المؤسسة لـ«التحكم في جمعية الآباء» عبر فرض مكتب صوري تابع للإدارة، مؤكدة على استقلالية الجمعيات المدنية ورفضها لأي تدخل إداري في عملها.
وطالبت الجهات الوصية، على رأسها الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين بجهة العيون–الساقية الحمراء، بالتدخل العاجل لإعادة الأمور إلى نصابها القانوني، ضماناً لاحترام مبدأ فصل السلط داخل الفضاء التربوي.
وأعلنت الرابطة احتفاظها بحقها في سلك المساطر القانونية والإدارية دفاعاً عن الدور التشاركي لجمعيات الآباء، وحرصاً على حماية المشروع التربوي من أي ممارسات تُسيء إلى صورته كمجال للتعاون والشفافية.





