‏آخر المستجداتبقية العالم

فرنسا على صفيح ساخن: يوم “شلّ البلاد” يضع ماكرون في مواجهة غضب الشارع

(كش بريس/التحرير)ـ في ظل حكومة ساقطة وضغوط اقتصادية خانقة، تستعد فرنسا ليوم استثنائي من التعبئة الشعبية، بعدما دعت حركة “بلوكون تو” إلى شلّ المرافق الحيوية، في خطوة يرى مراقبون أنها تتجاوز مجرد الاحتجاج على الموازنة لتتحول إلى اختبار حقيقي لشرعية الرئيس إيمانويل ماكرون.

تعبئة ضخمة وإجراءات استثنائية

وفق وزارة الداخلية، سيتم نشر نحو 80 ألف شرطي ودركي لحماية المواقع الحساسة والتدخل السريع عند أي تجاوز، فيما شدد الوزير برونو ريتايو على أن الدولة لن تسمح بشلّ البنى التحتية الحيوية، محذّراً من أعمال عنف أو تخريب قد ترافق بعض التحركات.

غير أن الدعوات الاحتجاجية لا تقتصر على المسيرات التقليدية، بل تشمل تكتيكات جديدة أكثر إرباكاً: تعطيل الطرق الدائرية والمطارات والموانئ، فتح بوابات الطرق السريعة مجاناً، تعطيل أنظمة الدفع الإلكترونية، وحتى دعوات إلى ما يُسمى بـ”التسوق المجاني” في المتاجر الكبرى. كما تضع بعض المجموعات عينها على مواقع استراتيجية مثل مرفأ لوهافر ومصفاة النفط في مرسيليا، ما يثير قلق الأوساط الاقتصادية.

الشارع بين اليسار الراديكالي وتعاطف الأغلبية

في المشهد السياسي، يقف خلف الحراك خليط من القوى اليسارية الراديكالية، بدعم من “فرنسا الأبية” والخضر والشيوعيين، فيما ترفض أحزاب اليمين واليمين المتطرف الانخراط في التعبئة. ومع ذلك، يكشف استطلاع رأي (Toluna-Harris Interactive) أن 63% من الفرنسيين يتعاطفون مع الحركة، رغم أن معظمهم يفضلون التظاهر السلمي على أساليب التعطيل.

هذا المعطى يعكس حالة غليان اجتماعي متزايد في البلاد، حيث تبدو الهوة بين الشارع والسلطة آخذة في الاتساع.

ماكرون بين مطرقة الداخل وسندان الخارج

الاحتجاجات تأتي بعد سقوط حكومة فرنسوا بايرو إثر حجب الثقة، ما زاد من هشاشة المشهد السياسي وأضعف موقع الرئيس إيمانويل ماكرون. وإلى جانب الضغوط الداخلية، تترقب باريس بقلق تقييم وكالة “فيتش” للديون الفرنسية، المقرر الجمعة، في وقت تتزايد فيه المخاوف من خفض جديد قد يضاعف منسوب التوتر في الأسواق ويقوض ثقة المستثمرين.

بذلك، يجد ماكرون نفسه في مواجهة أزمة مركبة:

  • غضب اجتماعي يهدد بالانفجار.
  • أزمة سياسية تتجلى في سقوط الحكومة وتآكل الشرعية البرلمانية.
  • ضغوط اقتصادية مرتبطة بتصنيف الدين والقدرة على ضبط العجز.

لحظة مفصلية

يرى محللون أن هذا اليوم قد يشكل منعطفاً مفصلياً: فإذا نجحت “بلوكون تو” في فرض تعبئة قوية وشلّ فعلي للمرافق، فسيكون ذلك بمثابة رسالة سياسية صريحة بأن شرائح واسعة لم تعد تحتمل نهج الحكومة. أما إذا نجحت الدولة في احتواء الحراك وضبط تداعياته، فقد تكسب السلطة وقتاً إضافياً لترتيب أوراقها، وإن كان ذلك على حساب تآكل شعبيتها ومصداقيتها.


✦ في المحصلة، فرنسا تدخل الأربعاء اختباراً حقيقياً لمدى صلابة مؤسساتها وقدرة حكومتها على مواجهة غضب شعبي متجدد يتغذى من الأزمات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية المتشابكة.

‏مقالات ذات صلة

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


Back to top button