‏آخر المستجداتفنون وثقافة

د. م علي الخامري: “تأملات قرآنية” رمضان 1443 هج (الحلقة الثانية)

الموضوع : ( بعض مظان الإيمان والكفر في القرآن الكريم )

توطئة :

كما كان الدَّأَب ، وصارت العادة في استقبال شهر الله الفضيل رمضان الكريم ، وكما جرت أمور السلف الصالح حين كانوا يتركون كل العلوم والمعارف ويلتفتون إلى كتاب الله العزيز قراءة وتفسيرا ومدارسة يسعدني أن أحيي في نفسي ، وفي كل من يود الانضمام هذا المنهج الحسن ، وألتفت بدوري إلى مائدة القرآن الكريم في هذا الشهر الفضيل ، وأطل من خلالها على ما استقر في النفس ، ونُسِجَت معه علائق القراءة والتفكر والتأمل عبر مجموعة من وقفات تَدَبُّرِ آي الذكر الحكيم ، وأتمنى من العلي في علاه أن يوفقنا ، وينفعنا ، وينفع بنا ، ويثيبنا على أعمالنا ، ويجعلنا من أهل القرآن ومن خدامه الغيورين عليه بالعلم والمعرفة ، والمنافحين عنه بالعمل والإنجاز ، وإيصال الآثار الحسن إلى كل قلب مومن متعطش للاستفادة والاستزادة من معانيه وأسلوبه ، ودُرَرِه ، وبراعة سَبْكِه ، وسلاسة هديه ، وقوة أفكاره ، وبلاغة أحكامه وحِكَمِه .

الحلقة الثانية : فحوى أهم ملخص قرآني لثنائية الإيمان والكفر

في البداية أريد أن أنصح كل من يود الاطلاع على أهم ما قيل في ثنائية الإيمان والكفر بشكل موجز ودال بإحاطة شاملة أن يرجع إلى بدايات سورة البقرة ، وبالضبط من الآية الأولى وإلى الآية التاسعة والعشرين كما سيظهر ذلك من خلال تتبعنا لمحتوياتها في هذه الحلقة الثانية من تأملاتنا الجديدة للقرآن الكريم .

ملاحظة هامة أخرى أود أن أنبه إليها وتتمثل في كون مضامين الآيات المذكورة كلها حديث مباشر من رب العزة عن الإيمان والكفر باعتباره من مركبات الصبغة الفطرية للكائن البشري ، مما يجعل أهميتها تزداد لتثبيت حقيقتها وحقائقها في النفوس ، ولاتخاذها مقياسا على ماجرى ويجري في مختلف الأزمان والأمكنة ، ولنعتبرها من مكونات الوجود ، وتجليات معنى الإنسان الأبدي ، والأكثر هو أن يطمئن المومنون اطمئنانا تاما وكاملا في وجودهم ، وفي مآلات الحياة المنتظرة ، فلن تخرج عن المسار المرسوم لها والمتحكم فيها ، تماما كما صارت أمور الماضي الغابر ، فالله سبحانه وتعالى هو الخالق الوحيد المدبر : ( مَن يَهْدِ اللهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِي ۖ وَمَن يُضْلِلْ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ – الأعراف 178 )
( وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآيَاتِ رَبِّهِ فَأَعْرَضَ عَنْهَا وَنَسِيَ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ إِنَّا جَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْرًا وَإِنْ تَدْعُهُمْ إِلَى الْهُدَى فَلَنْ يَهْتَدُوا إِذًا أَبَدًا وَرَبُّكَ الْغَفُورُ ذُو الرَّحْمَةِ لَوْ يُؤَاخِذُهُمْ بِمَا كَسَبُوا لَعَجَّلَ لَهُمُ الْعَذَابَ بَلْ لَهُمْ مَوْعِدٌ لَنْ يَجِدُوا مِنْ دُونِهِ مَوْئِلًا – الكهف : 57 \ 58 ) .

سأسعى منذ البداية إلى تحديد محاور الكلام الجاري في الآيات الأولى من سورة البقرة ، أي ما بين الآية الأولى والآية التاسعة والعشرين كما قلنا ، وسيكون ذلك وفق الترتيب التالي :

1 – محددات الإيمان العامة : عندما نقول الإيمان فإننا نعني بذلك ضوابط مسنونة ، سطرها الله تعالى لعباده حتى لا يزيغون لسبب من الأسباب المحيطة بهم ، وسنلاحظ أن التحديد كان واضحا ومركبا من عناصر متكاملة كانت مجرى للكلام من مثل الإيمان بالغيب وإقامة الصلاة ، والحرص على الإنفاق المستمر من مختلف الأرزاق التي خُوِّلَت للإنسان في حياته ، وضرورة الإيمان بالقرآن الكريم وبقية الكتب السماوية المنزلة على رسله السابقين ، وكل هذا لِيُصلِح حالَ الإنسان في الدنيا والآخرة ، وليصل إلى المرتبة المنشودة وهي مرتبة الهدى والتقوى والفلاح المأمول ، قال تعالى : ( الم ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ أُولَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ) .

2 – محددات الكفر وهي الأطول بمفهوم الحديث المباشر عن معانيه ، وبمفهوم السياقات الممكنة والملاحظة في الحياة ، ويمكن أن نميز من تلك السياقات ما يلي :

2 – ا – الكفر من الله ، أي أن بعض النفوس قد كتب عليها أن تكون كافرة لحِكَمٍ عديدة منها غفلة الإنسان الناتجة عن أمراض القلوب كما نبه إلى ذلك القرآن الكريم ، ومنها عُجبُ الإنسان بذاته وبمواهبه واستغناؤه عن ربه ، ومحاولة تبديل سنن الكون بأطماع وتطلعات بشرية محضة ، قال الله تعالى : ( إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ ) .

2 – ب – الكفر من النفس : وفحواه يبين لنا ما قلناه في السابق من كون بعض النفوس قد غلب عليها تركيب الكفر بشهادة أفعالها الحياتية المختلفة ، فلا تتعظ مما تراه أمامها ، ولا مما يجري عليها من سنن التبديل والتغيير المتلاحقة ، فتعيش في قفص أهوائها التي تزين لها مواقف الشرك والكفر وكأنها أصبحت كما رأينا من ذوي القلوب المريضة ، أو كما سنرى حين تضاف إلى ذوي الصم والبكم والعمي ، أي أن وجودها في حقيقته لا يرتفع عن مستويات تلك الأمراض وعاهات الفساد والإفساد المانعة من التقاط الأنوار المظللة باستمرار على الكون ، قال تعالى : ( وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِنْ لَا يَشْعُرُونَ وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا كَمَا آمَنَ النَّاسُ قَالُوا أَنُؤْمِنُ كَمَا آمَنَ السُّفَهَاءُ أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاءُ وَلَكِنْ لَا يَعْلَمُونَ وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ ) .

3 – الحديث عن الكفر من خلال أمثلة عامة تُقَرِّب المفاهيم إلى الأذهان ، فالإنسان الموصوف بالكفر يتعلق بالضلالة وينفر من دواعي الهداية ، ويحاول أن يبصر الأنوار المضيئة في الكون فلا يستطيع فيبقى في ظلماته جاثما بلا حركة ترجو التغيير ، ويصير في عداد الصم والبكم والعمي وإن كانت حواسه سليمة ، ويمارس بها حياته اليومية ، ويقضي بها جميع أغراضه ، لأن الاعتبار هو علاقته بربه ، وإقامة وجوده على الضوابط الإلهية المطلوبة .

ومن العجيب هنا أن الله تعالى قد نوع وعدد في ضرب أمثلة للكفر لِتُدرَك حقيقتُه بأدوات حسية مشاهدة من لدن كل الناس ، ويجب على كل منا أن يفر منها ، وألا يوصف بها ، فهي تمثل عوائق مانعة من الحياة السوية المطلوبة ، قال تعالى : ( أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلَالَةَ بِالْهُدَى فَمَا رَبِحَتْ تِجَارَتُهُمْ وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَارًا فَلَمَّا أَضَاءَتْ مَا حَوْلَهُ ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لَا يُبْصِرُونَ صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لَا يَرْجِعُونَ أَوْ كَصَيِّبٍ مِنَ السَّمَاءِ فِيهِ ظُلُمَاتٌ وَرَعْدٌ وَبَرْقٌ يَجْعَلُونَ أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ مِنَ الصَّوَاعِقِ حَذَرَ الْمَوْتِ وَاللَّهُ مُحِيطٌ بِالْكَافِرِينَ يَكَادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصَارَهُمْ كُلَّمَا أَضَاءَ لَهُمْ مَشَوْا فِيهِ وَإِذَا أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ قَامُوا وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ) .

4 – التحذير من الكفر : وبما أن سياقات الآيات المتقدمة قد تحدثت عن حقيقتي الإيمان والكفر بوسائل مباشرة وواضحة وملاحظة من لدن كل الناس فقد صار سياق التحذير من الكفر على النهج نفسه حيث دُعِي الإنسان إلى عبادة الله الواحد الأحد الذي تفضل عليه بنعمة الخلق العام في نفسه وفي الأرض الذي يقيم عليها ، وفي السماء الذي يستظل بها ، ونظير ما جاد عليه من مختلف النعم والثمار على الأرجح والأعدل ، وطلب منه ألا يقيم أندادا له ممن تنعدم فيه مثل أقداره على مستوى الخلق والعطاء المستمر والمشاهد ، قال تعالى : ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِرَاشًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ ) .

5 – طلب التحدي : هذا منهج ملاحظ ومتبع في أنسقة الإيمان والكفر الواردة في القرآن الكريم ، فلا تجد كفرا متجبرا إلا وبجانبه دعوة هادئة للإيمان ، مسايرة لحقائق الوجود ، وطلبا للتحدي المطلوب عبر فتح باب المبارزة بشكل دائم للنفح عن الحق ، ودحض الباطل .

والميزة الأساسية في آيات سورة البقرة هي أنها حصرت طلب التحدي المفتوح بزمن نبينا محمد عليه الصلاة والسلام ، وبما أنزل عليه من القرآن ، قال الله تعالى : ( وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ كُلَّمَا رُزِقُوا مِنْهَا مِنْ ثَمَرَةٍ رِزْقًا قَالُوا هَذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِنْ قَبْلُ وَأُتُوا بِهِ مُتَشَابِهًا وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَهُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ) .

6 – إقامة مجالات واسعة للاختبار بين أحوال الإيمان والكفر : تفرد هذا المجال بذكر صنائع الله الحية والدائمة التي تثير حيرة أهل الكفر ، وتدفعهم إلى التفوه بأسئلتهم الحمقاء ، ولعله تَحَدٍّ آخر غير محدد ، ولا منتهي ، سيستغرق الحياة كلها ، ويُبقِي على كل تلك الدلائل المقيمة والمبينة لمختلف الحقائق ، كما أنه سيُتَخذ معيارا دائما للتفريف بين أهل الضلال وأهل الإيمان ، يقول الله تعالى : ( إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلًا مَا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَيَقُولُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَذَا مَثَلًا يُضِلُّ بِهِ كَثِيرًا وَيَهْدِي بِهِ كَثِيرًا وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الْفَاسِقِينَ الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ ) .

7 – الحصيلة والتتويج : وهي نتيجة ضرورية في مثل ثنائية الإيمان والكفر ، تتلبس مواقف الاستغراب من أفعال لا تَعتَبِر بالمجريات أمامها ، بل هي في ماهيتها وأجرأتها الواقعية مضادة لمفهوم الحياة ، وصَادَّة عن كل ما يؤثر في الحس ، ويتوصل إليه العلم ، ويتماشى مع مقتضيات العقل المتزن والمنصف ، يقول الله تعالى 🙁 كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللهٍ وَكُنْتُمْ أَمْوَاتًا فَأَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ) .

إنه خطاب رباني مُحيطٌ ومطلع على أحوال الخلق ، فاحصٌ لأفعالهم التي لا تتماشى مع الفِطًر السليمة ، ولا مع محصلات العقل البشري في مجالي التدبر والمعرفة ، أقام مضامينه على فضائل التتبع والشرح ، ولفت انتباه الأذهان ، والإدلاء بالحقائق المشاهدة في الكون بطرق البسط والتيسير ، وتَبَدَّلَ أسلوبه ما بين كثرة الإشارات الدالة ، وإقامة المقارنات الضرورية لبيان الغايات الضابطة لمعاني الإيمان والكفر ، وقدم كل ذلك في مشاهد وصور مركبة من الحسن والقبح انطلاقا من مواقف الإنسان الحياتية ، مما جعله يعدد وينوع ما بين الاستهزاء والتشنيع والرفض لكل ما يتماشى مع مراد الله تعالى ، وسنن الكون الملاحظة .

( يتبع .. )

‏مقالات ذات صلة

Back to top button