فنون وثقافةلحظة تفكير

د عبد الناصر لقاح: الحب في أنظار فاطمة المرنيسي

الشاعر عبد الناصر لقاح

ثنائيات فاطمة ـ

لا يمكن فهم (ف. م) في معزل عن ثبات الرأي عندها على الفرق بين الشمال والجنوب أو الغرب والشرق، ولهذا هناك حريم عربي/ مغربي وهناك حريم غربي/ فرنسي يثوي في لوحات أوجين دولاكروا Eugène Delacroixوهنري ماتيس Henri Matisse وأمريكي تمثله سينما هوليوود وهناك حب مسلم / وحب آخر مختلف عنه.

وثمة دائما، بطريقة ما تفضيل للمكتوب العربي، وتأويله تأويلا جديدا يقابل التأويلات التي أساءت إليه، ذلك أن الإساءة إلى المرأة في الغالب تُعزى لتأويل الحديث لا لمؤدّاه الحقيقي…ولهذا، فقراءة التراث على طريقة (ف. م)، يسمح بكشف القناع عن ثرائه وبعده الإنساني وتفرّده، بالقياس إلى التراث الغربي القديم والجديد.

الحب الرومانسي والحب المدني ـ

ثمة عند (ف.م) حبّان : حب رومانسي الأول هو الذي نتعارف عليه بالرباط المقدّس، أو الحب الأفلاطوني( روميو وجولييت، قيس وليلى..) والثاني ذو علاقة بالمؤسسات (الحكم، الرعية، الانتفاضات الشعبية) ويدخل فيه ما حدث في الربيع العربي(Egypteme’s day) بدل. (Valentine’s day).

في الحالات كلّها، الغرب عليه أن يتعلم الحب من العرب المسلمين، الذين، حتى تلامذة ابن تيمية( ابن القيم الجوزية مثلا)’ ألّفوا فيه تواليف ساحرة، ك”روض المحبّين” الذي اشتغلت به (ف.م) ستة أشهر كي تستخرج منه خمسين اسما للحب، وتعلن أن الحب معجميا على الأقل أكثر ثراء عندنا من الذي عند الأغيار.

وأفادت من هذا الكتاب، أن الحب عند العرب يتجاوز حدود العلاقة بين الرجل والمرأة( زوجين او حبيبين) إلى العلاقة بين الحاكم( الآمر/ الناهي) والرعية. حب تقوم عليه نجاخات الحاكم واستتباب الحكم له.

الحب في نظرات(ف.م)، يستند إلى العقل الذي يقيّده ويهذّبه ويثقّفه، وهو عند الأغراب معقل عاطفة أنانية.

الحب حوار دائم (dialogue) بين الأديان والمذاهب الدينية، وبين الحضارات وبين الرجل والمرأة.

الحب، بهذا المعنى كوني يتمثل الدِّين في بعده الإنساني المتماهي مع الله، والحضارة في جانبها الإنساني الاجتماعي القائم على الجهد البشري، والرباط بين الرجل والمرأة، وهو نواة الإنسان ووريث الحضارة ومستقبل الرسائل السماوية.

الحب في تواليف العرب ـ

احتفلت (ف.م) كثيرا بموضوع الحب عند الفقهاء والأئمة، من أمثال، الفقيه الظاهري ابن حزم في” طوق الحمامة” وتلميذ ابن تيمية، الإمام ابن قيم الجوزية في” روضة المحبين ونزهة المشتاقين” وداوود الأنطاكي في” تزيين الاشواق في أخبار العشاق” وغيرهم. وكانت في خلال قراءتها العالمة لأولاء الفقهاء، تحاول رصد ما يتفردون به ممّا تراه عقليا ومنطقيا في الحب بالقياس إلى فلاسفة وكتّاب الغرب

واستنادا إلى ذلك، ترى أن الغرب يجعل” فهم العاطفة مشكلة مَرَضية تستدعي زيارة الطبيب النفساني، بينما العلماء المسلمون قدروا أنه لا يمكنك أن تغذي عقلك إلا بفهم عاطفتك اولا”1

وفي الحوار نفسه:” بينما الغرب يسوّق العري والإباحية [هكذا!]، نحن نبحث في قيمة الحب، جانب الرقة لا يتعامل معه الغرب [……] أما الطريقة التي يفسّر بها الغرب الحب [ف] تدخل فقط في إطار تسليعي استهلاكي دون تنمية القدرة على الفهم” 2

وعليه ف” الإسلام حب”3، ومن ثم، فكل من يقول غير ذلك من كونه عنيفا مثلا، فهو يستند إلى تأويل المؤولين من الأعراب والأغراب معا للإسلام الذي ينبغي الوقوف عليه في القرآن والسنة لا عند المفسرين والمؤولين.

ولهذا” Refusant de suivre l’exemple de la Grèce misogyne, qui encourageait les hommes à rechercher la communion intellectuelle auprès des hommes uniquement, les premiers Khalifes abbassides aimaient la compagnie des femmes, avec lesquelles la communication – sensuelle aussi bien qu’ intellectuelle pouvait être totale”4

. إن الحب وفق تصور (ف.م) في التراث العربي أعمق وأصدق وأهل التصوف وشعراء بني عذرة مراء لهذا، فهم يتوحّدون في الحب بالمحبوب الإنسان والمحبوب الله، وإذا كان لبني عذرة أشباه بالغرب، فليس للحلاج او رابعة أو ابن عربي نظائر عند الأغيار..

(ف.م) كلفة بالحب عند المتصوفة، ولهذا تسمي نفسها متصوفة: “I’m sufi” وهي في الوقت نفسه مع الحب عند الرجل العربي المختلف عن الرجل الغربي، فبينما يحب العربي المرأة الذكية، يحب الغربي المرأة الغبية:”In Germany they invited me to teach course.. Western men love

stupid women ..while Muslims love intelligent women”5

والخلاصة عندنا أن أنظار (ف.م) حول الحب، قائمة ثقافيا على ما تحب من التراث العربي وهو حب يملأ جوانح النفس منها. إن الحب عندها انعكاس مباشر لما تحب من المظان الثقافية العربية…هذا الحب الذي يجعل من (ف.م) تتمثّل المرأة العربية الممتدة في ألف ليلة وليلة، فتعلن بوضوح:

« Je préfèrerais, et je ne crois pas être la seule, m’appeler Bouche de

Corail ou Cou d’albâtre plutôt que Fatema. »6.”

هوامش:

1-فاطمة مرنيسي: تراثنا أنصف الحب.( من حوار أجرته معها سميرة مغداد، لصالح سيدتي، نقلا عن هسبريس.)

2- Ibid

3- Ibid

4- ibid l’amour dans les pays musulmans. Fennec. Poche. 2017.p 42.

5- Mn 27.58 YouTube.

6- op.cit. p : 73

‏مقالات ذات صلة

Back to top button