‏آخر المستجدات‏أخبار وطنية

من الالتزام البيئي إلى الرؤية الأطلسية: مرافعة المغرب من أجل انتقال طاقي منصف

(كش بريس/التحرير)ـ قالت وزيرة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة، ليلى بنعلي، إن المغرب يدخل مؤتمر الأطراف الثلاثين (كوب 30) بخطاب سياسي واستراتيجي متماسك، يرتكز على مطلب جوهري يتمثل في إصلاح نظام التمويل المناخي العالمي، وجعله أكثر عدالة وإنصافا للدول النامية. هذا التوجه لا يندرج فقط ضمن المرافعة الدبلوماسية، بل يعكس وعيا بنيويا بخلل التوازن في توزيع كلفة الانتقال المناخي ومسؤولياته بين الشمال والجنوب.

وسعت الوزيرة إلى تأكيد أن المقاربة المغربية باتت ترابية وابتكارية في آن، إذ لم تعد المساهمات المناخية مقتصرة على مؤشرات كمية لتقليص الانبعاثات، بل أُدرجت فيها أدوات جديدة، من قبيل مؤشر تكلفة خفض الانبعاثات القطاعي، والربط المباشر بين التمويل المناخي ومشاريع التكيف المحلية. هذه المقاربة التقنية تعبّر عن انتقال من “الخطاب المناخي” إلى “المنهج التنموي المناخي”، حيث يصبح العمل المناخي وسيلة لتحقيق العدالة المجالية، وليس مجرد التزام بيئي.

من الناحية الجيوسياسية، يؤكد الموقف المغربي على تموقع ثلاثي الأبعاد: إفريقي–عربي–أطلسي، مستلهم من الرؤية الملكية التي تجعل من المغرب محور عبور استراتيجي بين القارات، في مجالات الطاقة والنقل والربط الكهربائي. فالمملكة تراهن على أن تكون مختبرا للتحول الطاقي في إفريقيا، من خلال تطوير مشاريع كبرى في الهيدروجين الأخضر، والطاقات الشمسية والريحية، وربطها بالأسواق الأوروبية عبر ممرات طاقية ومشاريع الربط العابر للحدود.

في المستوى الاقتصادي، تكشف الأرقام عن منعطف استثماري واسع النطاق: قدرة إضافية تناهز 15 جيغاواط في أفق 2030، باستثمارات تفوق 120 مليار درهم، 78 في المئة منها مخصصة للطاقات المتجددة. وهو ما يعكس إدراك المغرب لكون الانتقال الطاقي لم يعد خيارا بيئيا فحسب، بل رافعة اقتصادية واستراتيجية للتموقع الصناعي الجديد.

أما على الصعيد الدولي، فإن دعوة المغرب إلى اعتماد “خارطة طريق باكو-بيليم” بقيمة 1300 مليار دولار سنويا، تمثل مرافعة رمزية ضد التفاوتات المناخية، حيث يطالب بتوزيع منصف بين التكيف والتخفيف والخسائر والأضرار، وتخصيص نصيب أكبر لإفريقيا التي تتحمل الأثر دون أن تكون المساهم الأكبر في الانبعاثات.

في المجمل، يحمل الخطاب الوزاري دلالتين متكاملتين:

الواقعية الاستراتيجية: تحويل الالتزامات المناخية إلى مشاريع اقتصادية ملموسة، تربط التمويل بالتنمية.

العدالة المناخية: كفلسفة جديدة للعلاقات الدولية، تتجاوز منطق المسؤوليات التاريخية نحو منطق المشاركة في الإنقاذ الجماعي للكوكب.

‏مقالات ذات صلة

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


Back to top button