‏آخر المستجداتلحظة تفكير

عن الأدب النسائي والأدب النسوي (الإشكاليات والرهانات)

بقلم: فاطمة بن محمود* ـ

     أنتج الأدب في تفاعله مع المجتمع إشكاليات عديدة يثير بعضها الكثير من الجدل من ذلك ما تكتبه المرأة ،هل يمكن تنزيله في سياق أدب نسائي أم يمكن حصره في إطار ما يسمى بالأدب النسوي؟

المرأة والكتابة في مواجهة تاريخ من القهر:

     يعتبر الأدب النسائي هو الأدب الذي تكتبه المرأة، وهو مفهوم حديث نسبيا يعود إلى منتصف القرن العشرين تقريبا عندما فسح المجال لها لتكتب وتعبر أدبيا عن جانب من مشاعرها ورؤاها، وهذا يعني أنه كان هناك تعتيم تاريخي على مكانة المرأة ودورها جعل منها اجتماعيا في الدرجة الدونية وتوسم بالضعف والعجز وقلة الحيلة.

ما كتبته المرأة عبر التاريخ العربي كان قليلا جدا مقارنة بالرجل،يعكس مكانتها الاجتماعية الدونية لذلك كان يجب أن تتحرر من سلطة المجتمع وتتخلص قليلا من هيمنة الوعي الذكوري لتكتشف قدرتها على الكتابة والتعبير عن ذاتها وبذلك يمكن أن نتحدث عن أدب تكتبه المرأة.

عندما بدأت المرأة تكتب أدبها أي تنتج الشعر والقصة والرواية شعرت بعمق الفجوة بينها وبين ما يكتبه الرجل واصطدمت بالمجتمع. يعتبر إقدامها على الكتابة هو عقوق تجاه المجتمع المحافظ والمنغلق على نفسه بمعنى أن فعل الكتابة في ذاته يكشف رغبتها في الخروج من بيت الطاعة وتمردا على مؤسسة المجتمع وعلى قوانين العائلة  وهو ما يؤكد  انتقاص من قيمة المرأة الكاتبة، لذلك وجدت نفسها في حاجة إلى انتحال أسماء مختلفة لتختبئ خلفها و تكتب فظهرت مي زيادة التي أمهرت مقالاتها بأسماء مختلفة من بينها عائدة وإيزيس كوبيا،كما اختارت عائشة عبد الرحمان أن تكتب تحت اسم بنت الشاطئ..

مع فترة التحرر من المرحلة الكولونيالية واستعادة جزء كبير من الأوطان العربية حريتها من قبضة المستعمر انطلقت مرحلة جديدة من الكتابة الأدبية التي كان فيها الانحياز واضحا لفائدة الرجل الذي سيطر على كل القطاعات الإبداعية، فكانت حسرة المرأة شديدة لهذا التفاوت في المكانة الاجتماعية والذي انعكس على المشهد الثقافي عموما، وقد تزامنت تلك الفترة مع ظهور حركة نسوية تطالب بانتزاع حريات عديدة للمرأة من منطلق جندري فأدى ذلك إلى ظهور كتابة أدبية جديدة تنحاز لمطالب المرأة و تنادي بمساحة أرحب تحررها من قبضة الوعي الذكوري، وهنا ظهرت نوال

 السعداوي التي تعتبر رائدة نسوية مثلت بكتابها الأول “المرأة و الجنس” عتبة لتأسيس مرحلة نسوية في العالم العربي أتبعتها بمجموعة من الإصدارات مثل المرأة و الصراع النفسي” و”الوجه العاري للمرأة العربية ” إضافة إلى مجموعة من المؤلفات الروائية مثل الغائب” و”امرأتان في امرأة”….

استطاعت نوال السعداوي أن ترمي حجرا في بركة الوعي السائد الراكدة، وإن لم توفق لتغيير جذري في تركيبة المجتمع إلا أنها استطاعت بانحيازها الشديد للقضايا النسوية أن ترفع صوت المرأة عاليا، ونتج عن ذلك رغبة المرأة في التحرر من قهر المجتمع و سلطة الوعي الذكوري الذي تمثل في الجانب الثقافي و الأدبي بظهور أصوات أدبية نسائية تقتحم الطابوهات وتطالب بالحرية لها و التخلص من قبضة السلطة الأخلاقية، لذلك ظهر الجسد موضوعا رئيسيا في النصوص السردية لمجموعة من الأسماء النسائية التي تكتب بعناد وجرأة، فلم تعد المرأة تحتاج إسما مستعارا تكتب خلفه ولا تتحمل وصاية المجتمع عليها. وهنا ظهرت أسماء أدبية جديدة مثل السورية سلوى النعيمي والسعودية رجاء العالم والمصرية سلوى بكر…

الأدب النسائي والأدب النسوي:

الإشكاليات والرهانات

     إن كان الأدب النسائي أي الذي تكتبه المرأة يهتم بكل القضايا الإنسانية، ويتناول كل المسائل الاجتماعية دون أي انحياز أو تعصب للمرأة  فإن قضية المرأة لا يمكن أن تعالج خارج الاهتمام بقضايا المجتمع ككل، وهذا يعني أن تحرر المرأة و الرجل معا يكون بالتخلص من الجهل الاجتماعي و التحرر من سلطة الرأي و الأحكام المسبقة التي تستند على المقدس لتفرض نفسها، وهنا يمكن أن نتمثل التجربة الأدبية للكويتية ليلى العثمان  التي تقول في أحد حواراتها إنه لا يمكن فصل قضية المرأة عن قضية الرجل نفسه، وإنه لا يمكن أن نطالب بحرية المرأة بمعزل عن المطالبة بحرية الرجل نفسه لنتخلص من جهل المجتمع.

من هنا نلاحظ ان ما تكتبه المرأة في الأدب النسائي هو عام وشامل ولا فرق بين ما يكتبه الرجل سوى أن صاحبة القلم أنثى، في حين أن الأدب النسوي ينطلق من تحديدات جندرية تفصل بين الأنثى والذكر حيث إن  الأدب النسوي يعتبر أن المرأة هي حجرة الزاوية ويجب تحررها أولا من الوعي الذكوري حتى ننهض بالمجتمع، وبذلك ينحاز الأدب النسوي بتطرف إلى المرأة بما هي أنثى وتطرح قضاياها ومشاغلها من منطلق جندري خالص. لعل القمع الشديد الذي سلط على المرأة على مر التاريخ وما عاشته من قهر اجتماعي وتسلط عائلي جعل منها كائنا منسحقا وذليلا وبلا قيمة اجتماعية، و هو الذي جعلها  متطرفة إلى حد ما في أطروحتها الجندرية، وتصر بشدة على مطالبها بالمساواة والتحرر الجنسي، لذلك ظهرت كتابات روائية صادمة مثل رواية “برهان العسل”لسلوى النعيمي و”بنات الرياض” لرجاء العالم و”اسمه الغرام” لعلوية صبح و”اكتشاف الشهوة” لفضيلة الفاروق… إنها نصوص جريئة لا تخجل فيها المرأة من التعبير بصوت مرتفع عن شهوتها وجموحها ورفضها التام لكل الخطوط الحمراء التي رسمت عبر تاريخ طويل من القمع في المجتمع وفي الكتابة.

الأدب النسوي والاشكاليات:

الإشكاليات:

اندفاع الكثير من النساء الكاتبات إلى الانتصار لذواتهن المقهورة في مجتمعات ذكورية يستبد فيها الرجل بالسلطة الاجتماعية و الأدبية حيث استأثر لنفسه بمساحة الضوء والتأثير جعلت له نفوذا مطلقا في المجتمع ينعكس في حضوره السياسي والاقتصادي والإبداعي على حساب المرأة نفسها، فقد نقل المبدعون المرأة من مكانتها الدونية في المجتمع وحولوها إلى مجرد موضوع لهم، واستباحوها داخل النص مثلما كان وضعها في المجتمع ،لذلك ظهرت نماذج سلبية للمرأة يبدو أشدها في صورة نمطية كرسها نجيب محفوظ في شخصية “الست أمينة” المستسلمة لقدرها الخاضعة للسطوة الذكورية لزوجها، ومن جهة أخرى حوّل حنا مينا  المرأة إلى مجرد رغبة يأوي إليها الرجل لينفس عن مكبوتاته ،وهكذا تم توليد صورة دونية للمرأة داخل النصوص الأدبية امتدادا لمكانتها الدونية في المجتمع. إضافة إلى أن النقاد في أغلبهم لم يتناولوا أدب المرأة بما هي ذات مبدعة بل بما هي امرأة تكتب مع ما صاحب ذلك من جلد حينا ومن تجاهل حينا آخر.        

      كل ذلك جعل من المرأة الكاتبة تنتفض ضد الرجل بما يمثله من سلطة اجتماعية وأدبية، وهذا ما يفسر تطرفها داخل النصوص الأدبية وجرأتها في تناول الطابوهات خاصة التي لها علاقة بالجسد، فجاءت العديد من الروايات جريئة جدا نفّست فيه عن كبت تاريخي وقهر اجتماعي وتجاهل أدبي عانته المرأة لذلك كان من الطبيعي أن تثار جلبة حال صدور روايات مثل “بنات الرياض” و”برهان العسل” وغيرها..

ربما الحالة القهرية التي كانت عليها المرأة جعل  تلك النصوص السردية الجريئة تأتي سريعة وانفعالية ،وبذلك نفسر أنها كانت في مجملها تقريرية لأنها غير ناضجة، وسقطت في المباشرتية فافتقدت الخصائص الجمالية والإبداعية ،لذلك نالت العديد من الروايات شهرة لجرأتها و ليس لجماليتها أي أن الخلفية الجندرية طغت على الجوانب الفنية، لذلك يرى العديد أن شهرة غادة السمان جاءت من تمردها كامرأة على قوالب المجتمع، و أن نجومية أحلام مستغانمي اكتسبتها من أسلوبها الشعري المخملي في الكتابة الروائية الذي جعلها تسقط في كتابة الكيتش.

لعل من أبرز إشكاليات الحديث عن الأدب النسوي ارتباطه بمفهوم الهوية الجنسية للمرأة ،وهذا خلق نوعا من الحساسية لدى العديد من الكاتبات النساء وحتى الكتاب الرجال فتم رفض مفهوم الأدب النسوي لأنه يجعل مما تكتبه المرأة في مواجهة ما يكتبه الرجل وبالتالي يعمل ضمنيا على مقارنة تنتهي عادة بالانحياز لما يكتبه الرجل ،وهو ما زاد في إقصاء المرأة الكاتبة عن المشهد الأدبي، بمعنى أن طرح قضايا المرأة بعيدا عن قضايا المجتمع جعل  أدب المرأة بعيدا عن الهم الاجتماعي في مواجهة جهل المجتمع والاستبداد السياسي.

انغلاق المرأة على مفهوم الأدب النسوي جعل مما تكتبه  منحصرا في قضايا محددة تتناولها من منطلق جندري، وهذا جعل من ملكة التخيل باعتبارها إحدى شروط العملية الإبداعية محدودة لديها وبذلك سقطت في كتابة نمطية. فالأسماء النسائية التي تكتب عن الجسد وتدعو ضمنيا إلى التحرر التام من سلطة المجتمع جعلت من هدفها تقويض كل الأسوار المحيطة بالمرأة، جعل من كل تلك الكاتبات يكتبن في نهاية المطاف نصا واحدا بأصوات مختلفة ينتصر للجسد الأنثوي المتمرد على تقاليد العائلة وعلى قيم المجتمع.

    لعل الالتباس المفهومي الذي ارتبط بالكتابة النسوية جعلنا نتعثر بولادة مفاهيم جديدة تدور في نفس الفلك الجندري ولذلك ظهر الحديث عن الأدب المؤنث او الأنثوي، وانتقلنا بذلك من الحديث عن الذات المبدعة إلى الذات الأنثوية ومن الهموم الأدبية والقضايا الاجتماعية إلى الحديث عن هموم الأنثى و قضاياها الذاتية بمعزل عن الحراك الاجتماعي ،وبذلك عوض أن تنتصر المرأة في كتاباتها لذاتها داخل النسيج الاجتماعي نجدها انتهت من حيث لا تقصد الى إقصاء ذاتها وتحويل عالم الكتابة لديها بما هو عالم الخلق و الابتكار اللامحدود إلى عالم ضيق لا يسع غير أنثى تريد التملص من قيود المجتمع و تحدي قواعد الوعي الجمعي.

الأدب النسائي والرهانات:

     لعل هذه الإشكاليات التي تجد المرأة الكاتبة نفسها فيها عندما يتحدد فعل الكتابة لديها بخلفية محددة تحصر حضور المرأة في وجودها الجندري وتنحاز له بتطرف وإن ذهب البعض إلى أن المسألة تتعلق بضرورة التدقيق المفهومي في “الأنثوية” و”النسوية” غير أني أعتقد أنه يجب ترك هذا المفهوم “الأدب النسوي” جانبا، لا يعني اقصاؤه فهو يستجيب لرغبة وأفكار البعض ممن يتطرفن في قضايا النسوية وليس هناك مبرر لإقصائهن، وسلب حريتهن في التطرف الفكري أيضا إن كان ذلك يلبي نزعة ما في ذواتهن الجريحة غير أن المقصود عدم الاهتمام أكثر بهذا المبحث و استبداله بمفهوم الكتابة النسائية التي تجعل من القضايا الجندرية أحد اهتماماتها الأدبية وليس كل اهتمامها، بمعنى يجب أن تنزل قضايا التحرر النسوي في إطار تحرر اجتماعي يهم الرجل كما المرأة على السواء أي أن ما خلّفته المرأة من فراغ في الحراك الأدبي والذي يعود إلى إقصاء اجتماعي مقصود جعلها في مرتبة اجتماعية متدنية ،و في مرتبة إبداعية محدودة يجب أن تعوضه المرأة بتوفير كل قدراتها الأدبية من أجل النهوض بالمجتمع وتساهم في تحرره من جهله بذلك فقط يمكن أن تتحقق الحرية بما هي مطلب ينشده الرجل كما المرأة وبذلك يمكن مواجهة الوعي السائد وخلخلة مسلماته التي تنحاز لكل ما هو ذكوري، وهو في ذلك يساهم في ترذيل وضعية الرجل نفسه الذي لا يمكنه ان يتحرر ونصفه الآخر مكبّل بقيود المجتمع. بمعنى أن مفهومي الذكورة والأنوثة من وضع المجتمع نفسه أي نتاج ثقافي وتاريخي وهو ما تؤكده الدراسات الأنثروبولوجية وتذهب إليه “مارغريت ميد” لذلك فان قضية المرأة هي نفسها قضية الرجل والمطلب الأساسي هو حرية الإنسان من جهل المجتمع و من دكتاتورية السياسي ومن قمع التاريخ.

   لذلك فإن ما ننتهي إليه من إشكاليات في مبحث الأدب النسوي تجعلنا ننتصر إلى الأدب النسائي الذي يمثل أهم الرهانات للنهوض بواقع المرأة والانتصار إلى الإنسان من أجل بلوغ التحرر، وهذا يعني أن الإبداع لا جنس له وأنه لا يمكن الفصل بين ما تكتبه المرأة ويكتبه الرجل إلا إجرائيا لاغير.

لا ننكر أن المرأة تعيش واقعا اجتماعيا يجعلها مشدودة إلى سلطة المألوف والعادة وهذا في ظل وعيها بحقيقة واقعها إلى معاناة حقيقية،هو لذلك ما تعيشه المرأة يمثل مساحة مهمة يمكن أن تكتبها بتوهج خاص ربما هي أفضل من تكتبه على أن لا تجعله مبحثها الوحيد او تحدد من خلاله زاوية النظر الضيقة التي تنظر منها لذاتها وللعالم.

تخلص المرأة من المحدد الجندري وبالتالي من الثنائية الجنسية يوفر مساحة أرحب لاستثمار طاقتها الإبداعية في الكتابة من أجل الانتصار لكل هو إنساني وهو الذي يجعلها تكتب بندية مع الرجل. وعلى الكاتب نفسه أن يخلص نفسه من مخلفات القهر الاجتماعي والكبت التاريخي للمرأة وأن ينتصر بدوره إلى نموذج إيجابي وفاعل للمرأة فلا يجتر صورة نمطية لامرأة ضعيفة وهشة ومستسلمة لقدرها، فما يكتبه الأديب سيؤثر في أجيال من القراء هم نواة المجتمع و لا أحد ينكر الإسهامات الإبداعية التي تشغلها المرأة في نصوصها الجريئة والمتأصلة في الواقع الذي تعيشه والمنشغلة بهواجس الواقع ومطالب المجتمع في الحرية والمساواة.

مرحلة ما بعد النسوية والإشكال الجديد:

لعل المغنم الوحيد للحديث عن أدب نسوي أنه يجعل الجدل الذي يثيره، والمآزق التي ينتهي إليها هي أحد منطلقات الأدب النسائي التي تجعله يدخل العملية الإبداعية بما هي فعل إنساني يساهم في تحرر المجتمع متحررا من كل العُقد الجندرية ويسعى لنحت صورة جديدة للمرأة توافق دورها الجديد، وتعكس قيمتها الحقيقية بمعنى عوض أن تلعن مكانتها الدونية في المجتمع عليها أن تبني مكانتها القيمية في المجتمع،  وعوض أن تحمّل الرجل ومن خلفه المجتمع عليها أن تنافس الرجل وتتحدى المجتمع، فالفعل الإبداعي ليس التفكير في ما كان بل العمل من أجل ما يجب أن يكون تلك هي الطريقة العملية لردم تاريخ من القهر الاجتماعي.

بحكم التغييرات اللافتة في المجتمعات الآن والتي تجعلنا نرى المرأة في مراكز قيادية لافتة ولها مكانة اجتماعية معتبرة واستطاعت في الأدب أن ترفع صوتها في منابر إبداعية عديدة جعل  مفهوم الأدب النسوي يتقلص ويخفت حوله اللغط وهذا ما سمح بالحديث عن مرحلة “ما بعد النسوية” بما هي أطروحة تتمثل الأدب بما هو نتاج إبداعي للإنسان بعيدا عن التحديد الجندري، بمعنى أنه يجب أن لا نربط بين الإبداع ومفهومي الذكورة و الأنوثة…. وفي هذا الإطار يمكن مناصرة المرأة دون ان يعني ذلك عداء للرجل وأن  نتحمس لقضايا تعيشها المرأة ولا ننكر أنها تسبب لها مشاعر القهر والألم و الإحساس بالدونية دون ان يعني ذلك أن نسلط على الرجل مسؤولية ما تعيشه المرأة .وهذا ما يجعل من مواجهة الضيم الاجتماعي مسؤولية كل من المرأة والرجل على السواء وهذا يعني أن يوجه النقد إلى المجتمع بما هو حامل للإرث الثقافي الذي يحمل في بنيته هذه الفوارق المهينة بين المرأة والرجل، ومن ثمة تصبح المسؤولية الحقيقية للدولة التي عليها أن تلتزم باستراتيجية تستغل فيها كل إمكانياتها القانونية والمادية المتعددة في التربية والإعلام والاقتصاد وغيرها من أجل تحقيق ذوات إنسانية مستقلة ومشبعة بقيم المساواة والعدالة.

     اللافت أن مصطلح ما بعد النسوية إن كان يسدل الستار على اللغط الذي تثيره الأطروحة الجندرية إلا أنه مصطلح يثير الجدل بدوره لأن هناك من يرفضه من منطلق أنه يوحي أن المساواة قد تحققت بين الرجل والمرأة في حين أن الواقع يفند ذلك خصوصا في الدول المحافظة والمتخلفة التي لا تزال تفرض على المرأة خطوطا حمراء في الحياة كما في الكتابة.

يبدو أن العديد من الجالسين على الربوة والذين يتابعون اللغط الشديد الذي تثيره قضايا النسوية دون مساهمة فعلية منهم لحلحلة المكانة التي عليها المرأة داخل النص الأدبي وخارجه جعلهم يعتبرون أن مفهوم “ما بعد النسوية” هو إشكال مفهومي يأتي من وراء البحار، وهذا يعني أنها مجرد مناورة ثقافية مستوردة لاجترار القضية النسوية أي وهم آخر تصنعه المرأة لهدر طاقتها في التفكير.

 يبدو أن كرة الثلج لا تنتهي وأن كل جدل يأتي بآخر، وكل أزمة تجر أخرى وراءها، ولذلك  أعتقد أنه يجب أن ننتهي إلى فكرة واحدة أن على المرأة المبدعة أن لا تشغل نفسها بغير الكتابة، وأن لا تشغل نفسها بغير هواجسها الشخصية وأن تتفرغ لكتابة ذاتها ولكتابة العالم من حولها بروح إبداعية مستقلة، وبمخيلة متفجرة تسمح لها أن تكون داخل النص بكل عنفوانها الأدبي، وهنا يجب أن تتسلح بالذكاء الأدبي الذي يفرض عليها أن تكون شجاعة في اختيار مواضيعها وذكية في تعاملها الفني، وتترك اللغط لغيرها من المنظرين يولدون الأفكار ويثيرون الجدل، وتلك طريقة تحتاجها بعض المجتمعات لتثبت أنها على قيد الحياة وأنها تعيش وتفكر حتى وهي تلوك الأوهام….. 

*كاتبة من تونس

ـ تحصلت سنة 1994 على شهادة الفلسفة بالجامعة التونسية – كلية الآداب 9 أفريل بتونس

– أستاذة فلسفة في التعليم الثانوي / متفرغة الآن للكتابة.

وهي – عضو مؤسس في المكتب التنفيذي للاتحاد العربي لأندية القصة / الخرطوم سنة 2017
– عضو الهيئة المديرة لاتحاد الكتّاب التونسيين ” مستقيلة ” دورة 2011-2013
– عضو مؤسس للرابطة العربية لكُتّاب القصة القصيرة جدا / المغرب سنة 2013
– عضو في “المؤسسة التونسية لحقوق المؤلف و الحقوق المجاورة” منذ 2013

-عضو مؤسس ورئيسة لجمعية الكاتبات المغاربيات بتونس من 2017 الى 2022.

ـ لها إهتمام بالإعلام واشتغلت في الصحافة التونسية والعربية نشرت في “القدس” و”نزوى” الخ، كان لها عمود أسبوعي في الصحافة التونسية بعنوان ” قطرات ضوء ” و”فاطميات” .

 كما كانت لها تجربة في الإعلام الإذاعي في إذاعة تونس الثقافية (إذاعة حكومية) من خلال برامج ثقافية أسبوعية مثل ” قطرة ضوء ” و أخر بعنوان ” وطني في عينيك ” والان تقدم الافتتاحية في برنامج “بكل هدوء”.

 لها تجربة في الإعلام الدولي : مراسلة لمجلة ” الإمارات الثقافية ” منذ تأسيسها سنة 2012الى أن سنة 2016.
– لها اهتمام بالتصوير الفوتوغرافي .. تابعت تكوينا في الغرض بمدرسة الفنون والحِرف برادس سنة 2008 / 2009

– لها اهتمام بالسينما وتابعت في الغرض تكوينا في الورشة السينمائية “صلاح أبو سيف” بالمروج باشراف السينمائي التونسي سالم بن يحي وأخرجت شريط سينمائي قصير جدا بعنوان ” أزهار أمي ” عن قصة قصيرة جدا لها سنة 2010/2011

  –  لها اهتمام بالفنون التشكيلية وانخرطت في ورشة بإشراف الفنان التشكيلي التونسي سمير شوشان 2019/2020 وأنجزت لوحة بعنوان “حياة”.

– تُرجم لها قصائد وقصص إلى الفرنسية والإنقليزية والكردية والفارسية والألمانية..

لها إصدارات عديدة :

في الرواية:

– “امرأة في زمن الثورة” سنة 2011

– “الملائكة لا تطير” سنة 2020

– “زمن الغبار” سنة 2023

وفي الشعر:

– رغبة أخرى لا تعنيني (شعر) على النفقة الشخصية سنة 1998

– ما لم يقله القصيد (شعر) على النفقة الشخصية سنة 2006

– الوردة التي لا أسميها (شعر) على نفقتي الشخصية سنة 2012

– لا توقظ الليل (شعر) عن دار الثقافية تونس سنة 2013

– ما لا تقدر عليه الريح (شعر) عن دار ميارة تونس سنة 2019

– أحلام تمد أصابعها (نصوص مفتوحة/ بالاشتراك مع عبد الله المتقي) عن دار الوطن في المغرب سنة 2021. 

وفي القصة:

– من ثقب الباب (قصص قصيرة جدا) عن دار الوطن في المغرب سنة  2013

– الغابة في البيت (قصص قصيرة جدا عن دار المنتدى تونس سنة 2017

وفي النقد الأدبي:

– في حدائق القص المغرب (نقد أدبي) عن دار الوطن في المغرب سنة 2018

– ليلى العثمان والكتابة من الداخل (نقد أدبي) عن دار الوطن في المغرب سنة 2022

وفي أدب اليوميات:

– صديقتي قاتلة (في أدب اليوميات زمن الكورونا) عن دار الكتاب التونسي في تونس سنة 2021

و في الترجمات:

 – ديوان (مختارات شعرية) إلى اللغة الفرنسيية  بترجمة الطاهر لكنيزي
 سنة 2014Edilivre   عن

– كتاب قصصي (مختارات قصصية) إلى اللغة الفارسية بترجمة رحيم فروغي في ايران سنة 2017. 

وشاركت في العديد من الكتب الجماعية منها :

  • كتاب “حدائق العشق: قصائد كازال ابراهيم ” : مطبعة قانع / السليمانية ( العراق ) / 2018
    مقالة بعنوان ” الذات الشاعرة بين التأثير الرومانسي و الملمح الصوفي عند الشاعرة الكردية كه زال ابراهيم خدر ” .
  • كتاب ” نافلة ذهب، سحر القص ” منشورات منتدى الفكر التونسي / 2019

             مقالة بعنوان ” دلالة المكان في الكتاب القصصي ” الشمس والإسمنت للتونسية نافلة ذهب.  

  • كتاب بعنوان ” خصائص الكتابة الروائية في رواية كأنها ظلة لسعاد الناصر/ مقاربات نقدية نسائية”    منشورات مكتبة سلمى بتطوان / 2021

            بمقالة بعنوان “العتبات والدلالات في رواية “كأنها ظلة” لأيبة المغربية الدكتورة سعاد الناصر”.

 – كتاب بعنوان “الرواية في اليمن، تجديد وتجريب” عن دار عناوين للنشر والتوزيع باليمن / سنة 2022 بمقالة بعنوان “تجليات الذات والتاريخ في رواية مسامرة الموتى للروائي الغربي عمران” من ص 252 إلى 262.

كما قدمت كتبا أدبية:

قامت بكتابة تقديم للعديد من الإصدارات الأدبية لكتّاب من تونس وخارجها:

 – ديوان الشاعر المغربي محمد كنوف “الخيول لا تنام على مهلها” منشورات دار الوطن / المغرب 2012.

 – ديوان الشاعرة الكردية كازال ابراهيم ” عين للعشق حضن للمحبة ” إعداد ريبوار محمد يوسف / طبعة خاصة / السليمانية (العراق) 2000

 – كتاب نقدي للباحث التونسي جميل فتحي الهمامي “في نقد النقد – حصاد ألسنتهم ” عن دار الخليج للنشر والتوزيع بعمان / الأردن 2019

– ديوان “ذنوب الآلهة للشاعرة التونسية دنيا الزرلي نشر عن دار ميارة للنشر بتونس / 2022..

– كتاب قصصي بعنوان “عناقيد الضياء” للكاتبة الجزائرية الدكتورة أمال لواتي (قيد الطبع)

– كتاب قصصي بعنوان “لا تذهب” للكاتبة الليبية غادة البشتي (قيد الطبع)

ومن الكتب التي تناولت نتاجاتها الأدبية:

 – أ. فاطمة بوهراكة: الموسوعة الكبرى للشعراء العرب ( 1956/2006 ) ص 1307

– د. يوسف حطيني: دراسات في القصة القصيرة جدا/ منشورات المهرجان العربي الثالث للقصة القصيرة جدا / مطابع الرباط نت / المغرب 2014 ص ص 227 – 236

– الناقد محمد معتصم : المرأة و تطوير السرد العربي ( النسائية / النسوية / الأنوثة )  عن ” الآن ناشرون و موزعون ” بعمان / الأردن  سنة 2019  ص ص 219 / 226

  • الناقد المغربي حميد ركاطة في كتابه ” جماليات القصة العربية القصيرة جدا ” (الجزء الثاني) عن دار الموجة  وبدعم من وزارة الثقافة المغربية 2019.

– كتاب نقدي مشترك بعنوان “نون النسوة” دراسات في الروائية النسوية العربية، بين الدكتور المغربي محمد دغيسي أبو أسامة والدكتورة الجزائرية زينب لوت ÷ فيه مقالة بعنوان “الروائية النسوية التونسية في محارب التغيير وبلاغة الفن التحرري من خلال رواية امرأة في زمن الثورة لفاطمة بن محمود, ص 87/94.

 – الناقد يونس شعبان الفنادي: “من بستان الخضراء” عن دار الأمينة للنشروالتوزيع بتونس سنة 2022

 – كتاب حواري بعنوان “مائة مبدعة عربية / حوارات ثقافية وإنسانية كاشفة” لصاحبته الكاتبة والإعلامية المصرية سماح عادل / نشر عن دار النخبة للنشر والتوزيع بمصر سنة 2022

ومن الكتب التي صدرت عنها:

 – كتاب “مسالك الإبلاغ ومقاصد التأليف في الخطاب الروائي المعاصر/ الملائكة لا تطير لفاطمة بن  محمود نموذجا للباحث لمجد بن رمضان (فرنسا/ تونس) صدر عن دار الكتاب التونسي بتونس 2022 .

– كتاب “الرواية المعاصرة وأفاق القراءة والتأويل، رواية “الملائكة لا تطير” لفاطمة بن محمود نموذجا” من إعداد الدكتورة زينب لوت (الجزائر) قيد الطبع.

– كتاب “الشجرة التي تمشي” من اعداد الدكتورة مريم جبر (الأردن) قيد الطبع.

وفي رحاب الجامعة:

– الدكتورة دوجة المملوك: برمجت مجموعة من قصائد الشاعرة للتدريس لطلبة شعبة العربية في جامعة كونكسفيل بولاية تينسي في الولايات المتحدة الأمريكية كما خصصت لقاء افتراضي للشاعرة مع الطلبة على اليوتيوب في الموسم الدراسي 2013 (اللقاء موجود على اليوتيوب).

– الطالب بومكحلة جيلالي بجامعة مستغانم / الجزائر أطروحة دكتوراه موسومة ب: القصة القصيرة جدا في المغرب العربي، البنية والدلالة بتقدير مشرّف جدا في الجزائر سنة 2019

– الأستاذة ابتسام التليلي تتحصل على ماجستير في الترجمة المتعددة من خلال ترجمة لمختارات شعرية لفاطمة بن محمود إلى اللغة الاسبانية باشراف الدكتور محمد بن سلامة في المعهد العالي للعلوم الإنسانية بتونس (ابن شرف) في الموسم الدراسي 2021.

– الدكتور عبد الستار الجامعي: برمج نصوص من كتاب “صديقتي..  قاتلة” الاديبة فاطمة بن محمود

لتكون مادة لاختبار طلبة شعبة العربية بجامعة السربون بباريس في السنة الدراسية 2021

– كتاب نقدي باللغة الفرنسية للدكتور رضا بورخيص  بعنوان
 Ridha Bourkhis: LITTERATURE DE FEMMES TUNISIENNES

عن دار نشر   ontraste Editions

تونس 2022

 – الباحث الأستاذ لمجد بن رمضان: برمج نصوصا من رواية “الملائكة لا تطير لفاطمة بن محمود لتكون مادة للتدريس لطلبة شعبة العربية بجامعة ليون بفرنسا في السنة الدراسية 2021 /2022

– أعدت ندوة عنها في جامعة القاضي عياض بمراكش / المغرب سنة 2021 برئاسة الدكتور مصطفى غَلمان وقدمت دراسات أدبية عنها من طرف الدكتور ادريس الخضراوي والدكتور عبد العزيز الحويذق مع قراءات شعرية لها ولقاء مفتوح مع الطلبة.

وكرمت في مهرجانات ومناسبات عديدة:

– ضيفة شرف في المهرجان الثقافي الوطني للشعر النَسوي بقسنطينة / الجزائر (أكتوبر 2012)

– تكريم من المهرجان الوطني للإبداع الثقافي في دورته الأولى في سيدي بوسعيد ( سبتمبر 2014 )

– تكريم وطني للمؤلف المربي من المندوبية الجهوية للتعليم ببن عروس ( تونس ) في فضاء معرض تونس الدولي للكتاب. ( مارس 2017 )

– ضيفة شرف في الملتقى الوطني للرواية النسائية بتوجان (الدورة الثالثة / مارس 2019)

معلومات أخرى:

– اختارها المجمع التونسي للآداب والعلوم والفنون ( بيت الحكمة) من أبرز الشخصيات التونسية الأدبية في النصف الثاني من القرن العشرين.

– وصلت روايتها “الملائكة لا تطير” إلى القائمة القصيرة لجائزة راشد الشرقي للابداع بالامارات في دورتها الأولى سنة 2018.


– أطلقت مجلة “أوراق مبعثرة” في جانفي / يناير 2021 التي تصدر من لندن ويترأسها الإعلامي الليبي الدكتور جمال محمد “مسابقة عربية في القصة القصيرة جدا باسم فاطمة بن محمود” مساهمة منها في تدعيم الإبداع العربي واختارت أن تحمل الدورة الأولى لسنة 2021 .

‏مقالات ذات صلة

Back to top button