
(كش بريس/ التحرير)ـ تشهد الساحة الصحية في المغرب توترًا متزايدًا في قطاع الصيدليات، نتيجة سياسات دوائية ارتجالية يصفها مهنيون بأنها تفتقر إلى رؤية واضحة واستراتيجية متكاملة. فقد أصدرت كونفدرالية نقابات صيادلة المغرب بلاغًا للرأي العام تحذر فيه من تداعيات هذه السياسات على استقرار الصيدليات ووفرة الأدوية، خصوصًا بالنسبة للمرضى المزمنين الذين يعتمدون على توافر الأدوية لضمان استمرارية علاجهم.
وتشير الكونفدرالية إلى أن هذه السياسات أدت إلى ارتفاع وتيرة انقطاع الأدوية في السوق، مما يطرح تهديدًا مباشرًا على الأمن الدوائي الوطني، ويؤثر سلبًا على صحة المواطنين. ويأتي هذا التحدي في وقت تشهد فيه البلاد ضغوطًا إضافية بسبب زيادة الطلب على بعض الأدوية الأساسية، وتباطؤ في سلسلة التوريد نتيجة عوامل اقتصادية وعالمية.
وفي بلاغها، أعربت الكونفدرالية عن استيائها العميق من الوضع الراهن، مؤكدة أن استمرار هذه السياسات من دون مراجعة استراتيجية قد يفضي إلى تدهور القطاع بشكل غير مسبوق. وشددت على أن حماية الأمن الدوائي واستقرار الصيدليات ليست مسؤولية الصيادلة وحدهم، بل هي قضية وطنية تتطلب تدخل السلطات المختصة ووضع حلول عاجلة ومستدامة.
خطوات تصعيدية واحتجاجية
في إطار الدفاع عن مصالح الصيادلة وحماية صحة المواطنين، أعلنت الكونفدرالية عن سلسلة من الإجراءات التصعيدية، من بينها:
- الوقفة الاحتجاجية الأخيرة التي اعتبرتها خطوة أولى ضمن مسار تصعيدي لمواجهة السياسات الدوائية الحالية، مع استمرار المراقبة الدقيقة للوضع.
- انعقاد المجلس الوطني للكونفدرالية يوم الجمعة 19 شتنبر، لتقييم التطورات واتخاذ قرارات تصعيدية مناسبة على ضوء الأوضاع الحالية.
- التأكيد على التزامها بالدفاع عن القطاع بكل الوسائل القانونية والمهنية المتاحة، في حال استمرار السياسات التي تهدد استقرار الصيدليات.
أبعاد الأزمة وتأثيراتها
تأتي هذه التحركات في ظل واقع صعب يعيشه قطاع الصيدلة بالمغرب، يتمثل في:
- ارتفاع تكاليف الأدوية في بعض الأصناف، مع تذبذب أسعار صرف العملة وتأثير ذلك على المستوردين.
- تأخر توزيع الأدوية الأساسية، خاصة تلك المتعلقة بأمراض القلب والسكري والضغط، ما يضع المرضى المزمنين في موقف صعب.
- ضغط على الصيدليات المستقلة، التي تواجه تحديات مالية وتشغيلية، بسبب المنافسة الشديدة والتكاليف المتزايدة.
ويؤكد خبراء قطاع الصيدلة أن الحلول تحتاج إلى استراتيجية دوائية وطنية شاملة تشمل تحديث القوانين، تعزيز الرقابة على سلسلة التوريد، وضمان حوافز للمستثمرين في القطاع الدوائي لتخفيف ضغط انقطاع الأدوية.
أزمة الصيدليات بالمغرب ليست مجرد نزاع مهني بين الصيادلة والسلطات، بل هي قضية صحة عامة تمس ملايين المواطنين، وتستلزم تدخلاً عاجلًا لوضع حد للسياسات الارتجالية التي تهدد الأمن الدوائي. وتظل الكونفدرالية على أهبة الاستعداد لمواصلة التصعيد بما يضمن الدفاع عن مصالح القطاع وضمان استقرار تزويد السوق بالأدوية الضرورية.