‏آخر المستجدات‏المرأة وحقوق الانسان

احتجاجات الشباب تكشف عطب الوساطة المؤسساتية وتضع الحكومة في مرمى النقد

(كش بريس/ التحرير)ـ تابعت الرابطة المغربية للمواطنة وحقوق الإنسان موجة الاحتجاجات الشبابية التي اجتاحت عدداً من المدن المغربية، حيث رفعت شعارات اجتماعية واقتصادية مشروعة تتعلق بالصحة والتعليم والشغل والكرامة، في مواجهة الغلاء واستفحال الفساد. وفي بلاغها، شددت الرابطة على أن حماية الحق في التظاهر السلمي وتيسيره ينبغي أن يكون قاعدة دستورية ثابتة، مع مساءلة فردية دقيقة لأي خرق للقانون بعيداً عن منطق التعميم والوصم الجماعي.

في هذا السياق، لم تغفل الرابطة الإشارة إلى ما أعلنته وزارة الداخلية من إصابات وخسائر مادية وتوقيفات رافقت بعض التجمعات، لتؤكد بالمقابل أن الأصل في المقاربة هو تحصين السلمية واعتبار القوة أداة استثنائية لا تُلجأ إليها إلا وفق مبادئ الضرورة والتناسب، مع مساءلة صارمة عن أي تجاوز.

ولم تقتصر الرسالة على السلطات فحسب، بل وُجهت أيضاً إلى الشباب، حيث ناشدتهم الرابطة بالتحلي بالحكمة وضبط النفس وعدم الانجرار وراء دعوات التخريب أو التحريض، سواء في الشارع أو عبر المنصات الرقمية، مؤكدة أن قوة الحراك في سلميته وأن أي عنفٍ يفرغ المطالب من مضمونها ويضعف تعاطف المجتمع معها.

غير أن البعد التحليلي الأبرز في البلاغ تجلى في انتقاد الأداء الحكومي والمؤسساتي؛ إذ سجّل البيان ميلاً واضحاً لخطاب الأغلبية إلى تمجيد المقاربة الأمنية والإجرائية بدل اقتراح حلول اجتماعية عاجلة مقرونة بخارطة طريق زمنية ومؤشرات قياس دقيقة. كما نبه إلى الغياب المقلق لوزارة الشباب عن واجهة التأطير والوساطة، رغم أن جوهر الأزمة يمس هذه الفئة مباشرة، موازاة مع تساؤلات حول تقاعس البرلمان عن القيام بدوره الرقابي والتشريعي العاجل، وغياب الأحزاب عن تأطير الشباب وفتح قنوات المشاركة، وانكماش دور النقابات في الدفاع عن المطالب الاجتماعية المرتبطة بالتشغيل والأجور وظروف العمل.

أما على مستوى المقترحات، فقد قدمت الرابطة مجموعة من الإجراءات العاجلة، أبرزها:

  • وقف فوري للعنف وأي شكل من أشكال التفريق القسري.
  • إحداث خلايا إنصات وتواصل مع المحتجين.
  • إطلاق حزمة اجتماعية استعجالية بخارطة طريق واضحة المعالم.
  • الإفراج عن كل من ثبتت سلميتهم، مع ضمان محاكمة عادلة لمن تُسند إليهم أفعال مجرَّمة.
  • تمكين أسر الموقوفين من المعلومة والمواكبة القانونية.
  • وفي خاتمة بيانها، دعت الرابطة الحكومة إلى الانتقال من خطاب التهدئة إلى فعل اجتماعي مؤطر، كما طالبت البرلمان والأحزاب والنقابات باستعادة أدوارها الدستورية في التأطير والوساطة والمساءلة، مجددة نداءها للشباب بالتمسك الصارم بالسلمية كخيار استراتيجي يحصّن الحراك من الاختراقات ويصون مطالبه من التفريغ والتبخيس.

يعكس بلاغ الرابطة ثلاثة مستويات مترابطة:

  1. مستوى حقوقي: تثبيت مبدأ التظاهر السلمي كحق أصيل، مع الدعوة إلى ضبط استعمال القوة ضمن معايير الضرورة والتناسب.
  2. مستوى سياسي مؤسساتي: نقد غياب الفاعلين المؤسساتيين (الحكومة، البرلمان، الأحزاب، النقابات) عن القيام بأدوارهم الدستورية، مقابل هيمنة المقاربة الأمنية.
  3. مستوى اجتماعي استشرافي: تقديم مقترحات عملية وعاجلة لإعادة بناء الثقة، أبرزها خلق قنوات إنصات وتواصل مباشر مع الشباب وإطلاق إجراءات اجتماعية ملموسة.

إن قوة البلاغ تكمن في كونه لم يكتف بالإدانة الحقوقية، بل انتقل إلى تشخيص أعطاب الوساطة المؤسساتية واقتراح بدائل، واضعاً مسؤولية التهدئة ليس فقط على عاتق الدولة، بل أيضاً على الأحزاب والنقابات والبرلمان، مع تحميل الشباب بدور أساسي في تحصين حراكهم بسلميته ونظافته.

‏مقالات ذات صلة

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


Back to top button