‏آخر المستجداتالمجتمع

الإصلاح المؤجل: غضب طلبة الإجازة في التربية وصمت الوزارة

(كش بريس/التحرير)ـ

يتواصل التوتر داخل أروقة المنظومة التعليمية المغربية، مع تصاعد أصوات طلبة الإجازة في التربية الذين نددوا بما وصفوه بـ“التهميش المستمر” الذي يطال ملفهم المطلبي منذ سنوات. فهؤلاء الطلبة، الذين يُقدَّمُون في الخطاب الرسمي باعتبارهم “أساتذة الجيل الجديد”، يشعرون بأنهم خارج معادلة الإصلاح، وأن المسار الذي وُعدوا به قبل سنوات تحوّل إلى انتظار طويل محفوف بالالتباس والغموض.

التنسيقية الوطنية لطلبة الإجازة في التربية أكدت في بلاغها الأخير أن “أي إصلاح حقيقي للمدرسة العمومية سيظل ناقصًا ما لم يُنصف هؤلاء الطلبة”، مشيرة إلى أن غياب الاعتراف بموقعهم داخل منظومة التوظيف والتأهيل يعد إخلالًا بوعود الدولة في تجديد النخبة التربوية وتجاوز أعطاب التعليم التقليدي.

البلاغ أشار بوضوح إلى أن الملف المطلبي لهذه الفئة لا يلقى أي تعاطٍ جاد أو مسؤول من قبل الوزارة الوصية، في ظل تجاهل مستمر من طرف المسؤولين، سواء في الخطاب الرسمي أو في النقاشات البرلمانية أو في الاجتماعات الداخلية. وهو تجاهل، تقول التنسيقية، يعكس “نهجًا ممنهجًا في الإقصاء والتهميش”.

أمام هذا الجمود، أعلنت التنسيقية استعدادها للحوار “البناء والمسؤول”، لكنها في الوقت نفسه لوّحت بخيارات تصعيدية تبدأ بوقفات احتجاجية في المدارس العليا للأكاديميات ومقر الوزارة، وقد تنتهي بمقاطعة شاملة للدراسة إذا استمرت سياسة الصمت إلى ما قبل مباراة التوظيف المرتقبة في شهر نونبر المقبل.

وفي العمق، يكشف هذا الاحتقان عن مفارقة جوهرية في الخطاب الرسمي للإصلاح التربوي بالمغرب: فبينما تتحدث الوزارة عن “مدرسة الجودة والريادة”، تعيش أهم مكوناتها البشرية — طلبة الإجازة في التربية — شعورًا بالتهميش وفقدان الأفق.

إنّ هذه المفارقة تعيد طرح السؤال الجوهري: هل الإصلاح التعليمي في المغرب مشروع معرفي ومجتمعي متكامل، أم مجرد عملية إدارية لتدبير الموارد البشرية؟

إن ما يطرحه طلبة الإجازة في التربية ليس مجرد احتجاج مهني، بل هو مرافعة رمزية عن معنى العدالة التربوية، وعن حق الأجيال الجديدة من المربين في تكوين متكامل وضامن للكرامة والمستقبل. فحين يصبح التكوين المدرسي مجرد “قناة انتظار”، تتآكل الثقة في مؤسسات الدولة، ويغدو التعليم نفسه مجالًا للأزمة لا مدخلًا للحل.

قد يكون من المشروع التساؤل اليوم:

ما قيمة الحديث عن “مدرسة الريادة” إذا كانت الأطر المستقبلية تشعر بالإقصاء؟

وأي إصلاح يمكن أن ينجح في غياب العدالة في التكوين والولوج إلى المهنة؟

أليس الإصلاح في جوهره تربية على الثقة قبل أن يكون مجرد هندسة للبرامج والمناهج؟

في النهاية، يبدو أن القضية أعمق من مجرد مطالب آنية، فهي تمس صورة التعليم ذاته في الوعي الجمعي المغربي. فإما أن يُعترف بكرامة المربي بوصفه فاعلاً في التغيير، أو يظل الإصلاح التعليمي مجرد شعار يُعاد تدويره في كل موسم سياسي، دون أثر حقيقي في الواقع.

‏مقالات ذات صلة

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


Back to top button