‏آخر المستجدات‏تكنولوجيا و ميديا

الإعلام الوطني بين معركة الحقيقة والانتصار الرمزي

ـ اللجنة المؤقتة لتسيير شؤون قطاع الصحافة والنشر (بلاغ) ـ

(كش بريس/التحرير)ـ عبّرت اللجنة المؤقتة لتسيير شؤون قطاع الصحافة والنشر عن ارتياحها العميق لقرار مجلس الأمن الدولي، الذي صوّت لصالح مقترح الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية، معتبرةً إياه “انتصارًا تاريخيًا” للحق المغربي المشروع، و”تتويجًا لمسار طويل من النضال السياسي والدبلوماسي، قاده الملك محمد السادس بحكمة وبعد نظر”.

هذا الموقف، الذي يحمل أبعادًا سياسية ورمزية متشابكة، يعكس من جهة الاصطفاف الوطني الشامل خلف الثوابت السيادية للمملكة، ومن جهة أخرى إدراكًا متزايدًا لدور الإعلام في معركة تثبيت الشرعية التاريخية والقانونية لقضية الصحراء المغربية، بوصفها ليست مجرد نزاع جيوسياسي، بل قضية وجود وهوية ووحدة وطنية.

كما أكدت اللجنة أن النجاح في هذه المعركة الأممية ما كان ليتحقق لولا وحدة الصف الوطني، وتلاحم العرش والشعب في مواجهة محاولات التمزيق التي تعرّض لها المغرب عبر تاريخه. فبهذا التلاحم، تمكنت البلاد من تحويل قضية الصحراء من ملف نزاع إلى نموذج للتماسك الوطني والسيادة المتجددة، على الرغم من التحولات الدولية والضغوط الإقليمية.

وتبرز هذه الإشارة الرمزية إلى الالتحام الوطني باعتبارها تذكيرًا بالثوابت المؤسسة للدبلوماسية المغربية الحديثة، حيث ظلت قضية الصحراء معيارًا لمدى صلابة الجبهة الداخلية، ووحدة القرار السياسي والإعلامي والحقوقي في الدفاع عن المصالح العليا للبلاد.

وفي بُعدٍ إعلامي دقيق، نبّهت اللجنة إلى أن “المعركة الإعلامية” حول الصحراء كانت ولا تزال أحد أكثر ميادين الصراع ضراوة، إذ سخّرت خصوم الوحدة الترابية إمكانيات مالية وبشرية ضخمة لتشويه الحقائق وتزييف الوقائع.

هذا الوعي بعمق الحرب الإعلامية، يترجم تحولًا في الخطاب الوطني من مجرد التفاعل إلى الفعل الاتصالي الاستباقي، القائم على المهنية والتوثيق والاشتغال على الرواية المغربية للقضية، باعتبارها واجهة ناعمة للسيادة.

وتشير اللجنة، ضمنيًا، إلى أن الإعلام المغربي مطالب اليوم بالانتقال من خطاب التبرير إلى خطاب التأثير، ومن ردّ الفعل إلى إنتاج السردية الوطنية القادرة على المنافسة داخل المنصات العالمية.

وتوقفت اللجنة أيضًا عند المظاهر الاحتفالية التي شهدتها مدن الأقاليم الجنوبية عقب صدور قرار مجلس الأمن، معتبرةً إياها برهانًا حيًّا على وطنية ساكنة الصحراء المغربية وتكذيبًا عمليًا لكل حملات التضليل التي تصوّر هذه الأقاليم كـ”مناطق توتر أو رفض”.

فالمشهد الاحتفالي في الداخلة والعيون والسمارة وغيرها، كما أشارت اللجنة، هو في عمقه تجسيدٌ لمفهوم الشرعية الميدانية التي تترجمها مشاعر الانتماء والولاء للوطن، لا عبر الخطابات الرسمية فقط، بل عبر الفعل الاجتماعي والوجداني الجماعي.

وختمت اللجنة بلاغها بدعوة صريحة إلى رفع جاهزية المنظومة الإعلامية الوطنية في هذه المرحلة الجديدة من تكريس مغربية الصحراء، عبر تكوين الصحافيين، وتعزيز البنية التحتية للمؤسسات الإعلامية، وتطوير خطاب وطني عقلاني قادر على تفكيك خطاب الخصوم بلغة الحجة والتوثيق والبيانات الدقيقة.

إن بلاغ اللجنة، في عمقه، ليس مجرد تعبير عن موقف رسمي من قرار دولي، بل هو بيان في فلسفة الإعلام الوطني، الذي يُدرك أنه جزء من “جبهة السيادة” بالمعنى الواسع للكلمة — جبهة تجمع بين الأمن والدبلوماسية والوعي والاتصال الجماهيري.

ففي زمن “الحروب الرمزية والمعلوماتية”، تغدو الشرعية الإعلامية رديفًا للشرعية الترابية، ويصبح القلم الوطني سلاحًا مكمّلًا للدبلوماسية والسياسة الخارجية في تثبيت سردية المغرب كدولة وازنة، مستقرة، ومؤثرة في محيطها الإقليمي والدولي.

‏مقالات ذات صلة

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


Back to top button