
(كش بريس/التحرير)ـ أشارت المعطيات الصادرة عن المكتب المغربي للملكية الصناعية والتجارية إلى دينامية اقتصادية متزايدة في مجال إحداث المقاولات وتسجيل الأسماء التجارية والعلامات والبراءات، تعكس حركية واضحة للنسيج المقاولاتي الوطني واتجاها تصاعديا في روح المبادرة والاستثمار خلال عام 2025.
فقد بلغت الشهادات السلبية المسلمة للأسماء التجارية إلى غاية نهاية غشت الماضي 91 ألفاً و913 شهادة، بارتفاع نسبته 11,5 في المائة مقارنة مع الفترة نفسها من 2024، وهو مؤشر قوي على استمرار حيوية سوق ريادة الأعمال بالمغرب. ويعزى هذا النمو أساساً إلى ارتفاع طلبات التسميات التجارية بنسبة 12 في المائة، ما يؤكد تنامي الرغبة في تأسيس أنشطة جديدة، خصوصاً من طرف المقاولات الصغيرة والمتوسطة التي تبحث عن تثبيت حضورها القانوني والتجاري في بيئة تنافسية متطورة.
التحليل الجغرافي للمعطيات يُظهر تمركزاً واضحاً للنشاط الاقتصادي في جهة الدار البيضاء-سطات، التي استحوذت على أكثر من ثلث الشهادات (37,2%)، تليها جهات الرباط-سلا-القنيطرة ومراكش-آسفي وطنجة-تطوان-الحسيمة. هذا التوزيع يعكس استمرار تمركز البنية الإنتاجية والخدماتية في المحور الاقتصادي المركزي للمملكة، مقابل حاجة الجهات الأخرى إلى مزيد من التحفيزات لتشجيع الاستثمار والابتكار المحلي.
وفي ما يتعلق بـ إحداث المقاولات الجديدة، فقد واصل المنحى التصاعدي بشكل لافت، إذ ارتفع بنسبة 17,5 في المائة خلال الأشهر الثمانية الأولى من 2025 مقارنة بالفترة نفسها من 2024. ويبرز من هذه المعطيات أن الأشخاص الاعتباريين (الشركات) يمثلون 72 في المائة من إجمالي التسجيلات، وهو ما يدل على انتقال تدريجي نحو تنظيم قانوني أكثر احترافية لأنشطة ريادة الأعمال، وتراجع نسبي للنشاط الفردي غير المهيكل.
أما في مجال الملكية الصناعية، فقد سجل المغرب 21 ألفاً و38 طلب تسجيل علامة تجارية، ضمنها 13 ألفاً و877 طلباً جديداً و7 آلاف و161 طلب تجديد، تشكل فيها الطلبات الوطنية نسبة 68 في المائة من مجموع الإيداعات. ويستمر حضور جهة الدار البيضاء-سطات في الصدارة بنسبة تفوق 53 في المائة من مجموع الطلبات، ما يؤكد مكانتها كقطب اقتصادي واستثماري متكامل.
وفي الشق المرتبط بـ براءات الاختراع، تلقى المكتب 1.912 طلباً خلال الفترة ذاتها، منها 270 طلباً مغربياً و1.642 أجنبياً. ورغم أن الطلبات الأجنبية ما زالت تمثل الأغلبية، فإن الارتفاع الكبير في الطلبات المغربية بنسبة 49 في المائة يُعد مؤشراً مشجعاً على نمو الوعي الابتكاري داخل الجامعات والمراكز البحثية، إذ تستحوذ الجامعات المغربية على 65 في المائة من إجمالي طلبات البراءات، تليها المبادرات الفردية ثم الشركات. ويبرز هذا التوجه دور الجامعة كمحرك رئيسي للبحث والتطوير، ما يفتح المجال أمام تحويل المعرفة إلى قيمة اقتصادية مضافة.
قطاعياً، يتصدر مجال الصناعات الصيدلانية قائمة الإيداعات بنسبة 27 في المائة، يليه قطاع التكنولوجيا الحيوية (13%)، ثم الكيمياء العضوية الدقيقة (11%)، وهو ما يبرز تطور الاهتمام بالاقتصاد المعرفي والابتكار في المجالات ذات القيمة العلمية العالية.
أما بالنسبة إلى الرسوم والنماذج الصناعية، فقد بلغ عددها 4.087 نموذجاً بانخفاض طفيف قدره 4 في المائة مقارنة بعام 2024، ما يعكس تباطؤاً محدوداً في الإبداع التصميمي الصناعي، لكنه لا يلغي الاتجاه العام نحو التنويع والتحديث في مجالات الإنتاج.
يعكس هذا الأداء المؤسسي دينامية متصاعدة للاقتصاد المغربي تقوم على تنشيط روح المبادرة الفردية وتوسيع قاعدة الاستثمار المهيكل، مدعومة بتنامي ثقافة الابتكار وحماية الملكية الفكرية. ومع ذلك، يظل التحدي الأساسي هو تحقيق توزيع متوازن لهذا الزخم عبر مختلف الجهات، وربط النمو المقاولاتي بمنظومة تمويل ودعم مستدامة قادرة على تحويل الأسماء والعلامات إلى قيمة اقتصادية مضافة ضمن رؤية شاملة للاقتصاد الوطني في أفق التحول الصناعي والرقمي.
 
				 
					 
					




