
(كش بريس/ التحرير)ـ في خضم تصاعد التوتر الاجتماعي وتنامي الشكوك حول جدية الحكومة في الوفاء بالتزاماتها، أطلقت الكونفدرالية الديمقراطية للشغل تحذيرًا شديد اللهجة من تجاوز ميثاق مأسسة الحوار الاجتماعي، مستنكرة للمرة الثالثة على التوالي تأجيل جولة شتنبر وما اعتبرته “هروبًا إلى الأمام” يهدد بتقويض الثقة بين الشركاء الاجتماعيين ويزيد من حدة الاحتقان.
في بيانٍ أعقب اجتماع مكتبها التنفيذي، وصفت المركزية النقابية خطوة الحكومة بأنها هروب إلى الأمام ونهج لا مسؤول، يعمّق حالة الاحتقان الاجتماعي ويغذي شعور الشغيلة المغربية بالتهميش. وأشارت إلى أنّ تعطيل جولة شتنبر 2025 ليس مجرد تأجيل إجرائي، بل دليل على غياب إرادة سياسية حقيقية لمعالجة الملفات المطلبية الملحّة وتحسين الأوضاع المعيشية.
ولم يقتصر موقف الكونفدرالية على التحذير فحسب، بل كشفت عن مظاهر أوسع للأزمة، من تضييق على الحريات النقابية إلى تسريحات وطرد عمال خارج القانون، إضافة إلى خرق متواصل لمدونة الشغل وحرمان فئات واسعة من التصريح لدى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، ما يعكس—بحسب البيان—استمرار الاستخفاف بحقوق العمال وواجبات الدولة.
قراءة تركيبية وتحليلية
يتجاوز بيان الكونفدرالية مجرد تسجيل احتجاج ظرفي؛ فهو يعكس توترًا بنيويًا بين النقابات والسلطة التنفيذية في سياق اقتصادي واجتماعي مأزوم. فغياب جولة الحوار لا يُفهم فقط كإخلال بجدول زمني، بل كإشارة إلى تراجع الثقة في آليات التفاوض المؤسساتي التي وُضعت لضبط العلاقات الشغلية وحماية السلم الاجتماعي.
كما أن اتهام الحكومة بـ“الهروب إلى الأمام” يكشف عن تراكم وعود غير منفذة منذ اتفاق أبريل 2022، ما يضعها أمام امتحان مصداقية قد يهدد استقرار سوق العمل ويزيد من احتمالات الاحتجاجات.
في ضوء هذه المعطيات، يبدو أن تأجيل الحوار الاجتماعي لم يعد مجرد خطأ تكتيكي، بل مؤشر على أزمة أعمق تتطلب إعادة بناء الثقة بين الشركاء الاجتماعيين، وتدعو الحكومة إلى تحمل مسؤوليتها الوطنية أمام تحديات اقتصادية واجتماعية تتفاقم، خصوصًا مع ارتفاع تكاليف المعيشة واتساع الفوارق الاجتماعية.
بهذا، يتحول البيان النقابي إلى جرس إنذار سياسي واجتماعي، ينبه إلى أن تجاهل الحوار لم يعد ممكنًا من دون كلفة عالية على الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي في المغرب.