
(كش بريس/ التحرير)ـ في وقتٍ يشهد فيه العالم تراجعًا غير مسبوق في مؤشرات الحرية والديمقراطية، وضع تقرير المعهد الدولي للديمقراطية والمساعدة الانتخابية “إنترناشونال آيديا” المغرب ضمن خانة الأداء الديمقراطي المتوسط خلال سنة 2025. التقرير، الذي يصدر من العاصمة السويدية ستوكهولم، لم يكتفِ بتصنيفٍ رقمي، بل كشف عن مسار متذبذب يزاوج بين تقدم نسبي في بعض المجالات، وتراجع أو ركود في أخرى، مع بقاء حرية الصحافة عالميًا في أدنى مستوياتها منذ نصف قرن، ما يعكس أزمة بنيوية تهدد استدامة التجارب الديمقراطية برمتها.
وجاء المغرب في المرتبة 107 عالميًا في مؤشر التمثيل، مسجّلًا تحسّنًا بأربع درجات مقارنة بالعام الماضي، وبنقطة إجمالية بلغت 0.432. وفي مؤشر الحقوق احتل المركز 77 بتنقيط 0.509، متقدّمًا بدرجتين، بينما حلّ في المرتبة 103 في مؤشر سيادة القانون بـ0.396 نقطة. أما على مستوى المشاركة السياسية فقد أحرز المغرب تقدّمًا أوضح، محتلاً المركز 96 عالميًا بزيادة 13 درجة مقارنة بسنة 2024، محققًا 0.531 نقطة.
تحليليًا، يبيّن التقرير أن المملكة تراوح موقعًا وسطًا بين تجارب عربية وإفريقية متعثّرة مثل الجزائر ومصر، التي تراجعت في مؤشرات جوهرية، وبين تجارب أكثر استقرارًا كالأردن وتونس، رغم ما تعرفه هذه الأخيرة من انتكاسات ديمقراطية. وعلى الصعيد القاري، يقف المغرب بعيدًا عن التجارب الرائدة مثل الرأس الأخضر، لكنه يحافظ على مستوى متوسط يوصف بالاستقرار النسبي.
غير أن المعطى الأكثر خطورة الذي يبرزه التقرير يتعلّق بـ حرية الصحافة، إذ سجّل العالم خلال الفترة 2019 – 2024 “أكبر تراجع في نصف قرن” على حدّ وصف الأمين العام للمعهد، كيفن كاساس-زامورا. فقد انحدرت مؤشرات حرية الإعلام في 43 دولة عبر القارات، بينها 15 دولة في إفريقيا و15 أخرى في أوروبا، نتيجة “تدخلات حكومية مقيدة للحريات، بعضها مرتبط بإرث جائحة كورونا، إلى جانب تفشي التضليل الإعلامي الذي استُخدم ذريعة للحد من حرية التعبير”.
ويحذّر التقرير من أن أكثر من نصف دول العالم (54%) عرفت تراجعًا في المؤشرات الخمسة الرئيسية للديمقراطية خلال الأعوام الخمسة الماضية، ما يشي بــ”واقع عالمي مقلق” قد يؤثر سلبًا على مسار الانتقال الديمقراطي في مناطق متعددة، ومنها شمال إفريقيا.