
(كش بريس/ التحرير) ـ في سياق التفاعلات الإعلامية المواكبة للحركة الاحتجاجية التي يعيشها المغرب، أعلنت لجنة أخلاقيات المهنة بالمجلس الوطني للصحافة عن شروعها في دراسة ملف صحيفة إلكترونية بثت شريطا مصورا مثيرا للجدل، تضمن دعوة صريحة إلى العنف والقتل، كما أظهر قاصرين يبدون آراءهم داخل هذا المحتوى، في سياق تحريضي يمس سلامة الممارسة الإعلامية ومقتضياتها الأخلاقية.
ويأتي تحرك اللجنة، بحسب بلاغ رسمي صادر عن المجلس الوطني للصحافة، في إطار المسطرة التلقائية المنصوص عليها في المادة الثانية من القانون رقم 90.13، المنظم لإحداث المجلس، وكذا المادة 39 التي تخوّل له صلاحية التدخل لتصحيح التجاوزات المهنية، وحماية المهنة من الانزلاقات التي تهدد مصداقيتها. وبناء على ذلك، أحال أعضاء اللجنة المؤقتة المكلفة بتسيير شؤون قطاع الصحافة والنشر الملف على لجنة الأخلاقيات والقضايا التأديبية قصد التداول واتخاذ الإجراءات اللازمة.
ويؤكد البلاغ أن ميثاق أخلاقيات المهنة ينص بوضوح على منع نشر أو بث أي مادة تمجد العنف أو الجريمة أو الإرهاب (البند الثالث)، كما يشدد على ضرورة حماية القاصرين وصورهم في المواد الإعلامية ذات الحساسية الاجتماعية (البند التاسع)، معتبراً أن أي استعمال استعراضي أو توظيف قسري لهم في أشرطة تتضمن مشاهد العنف أو الميوعة أو التحريض يعد إخلالاً صريحاً بكرامة المهنة وبالقيم الإنسانية التي يفترض أن تحكمها.
وانطلاقاً من هذه الحيثيات، شدد المجلس على أن اللجنة التأديبية ستتخذ القرارات المناسبة التي تضمن حماية المجتمع من المحتويات المروعة والمهددة للأمن العام، وتحصين الصحافة من الممارسات التي تمس بشرفها المهني وبثقة الجمهور فيها.
وفي ختام البلاغ، جددت اللجنة المؤقتة تأكيدها على التزامها الصارم بحماية أخلاقيات المهنة، داعية مختلف المنابر الإعلامية إلى التحلي بأقصى درجات المسؤولية في تغطية الاحتجاجات، وإلى الالتزام باستعمال المصطلحات القانونية الدقيقة (مثل التفريق بين “الاعتقال” و“التوقيف”، أو بين “المتهم” و“المشتبه به”)، تفادياً لأي خلط أو تضليل للرأي العام.
يبرز من خلال هذه الواقعة أن المجلس الوطني للصحافة يسعى إلى ترسيخ مبدأ المسؤولية الأخلاقية في مواجهة الانفلاتات الرقمية والإعلامية التي تصاحب فترات التوتر الاجتماعي. فهي لحظة اختبار لمصداقية المهنة، ولقدرتها على التوفيق بين حرية التعبير والضوابط الأخلاقية والقانونية.
يتجلى البعد المحوري في هذا الملف في نقطتين أساسيتين:
- التحريض على العنف بوصفه انتهاكاً صريحاً للقيم الديمقراطية، وتحويلاً لوسائل الإعلام من فضاء للنقاش العمومي إلى أداة تعبئة سلبية.
- استغلال القاصرين داخل محتوى سياسي متوتر، بما يشكل خرقاً لأبسط معايير حماية الطفل في الفضاء العمومي.
إن دلالات هذا التحرك تتجاوز البعد التأديبي، لتؤشر على وعي مؤسساتي متنامٍ بضرورة تأهيل الممارسة الإعلامية في سياق رقمي سريع التغير، حيث تتحول السرعة والإثارة إلى مغريات مهنية خطيرة قد تهدد أخلاقيات الصحافة ومصداقيتها.
ـ الصورة من الأرشيف ـ