
(كش بريس/ التحرير)ـ شهد المغرب في الفترة الأخيرة زيادة ملحوظة في طلبات الحصول على الجنسية المغربية من قبل الإسرائيليين من أصول مغربية، في ظل أزمات سياسية واقتصادية متصاعدة في إسرائيل، شملت ارتفاع تكاليف المعيشة والتوترات الداخلية، فضلاً عن إرهاق اجتماعي ونفسي ناجم عن الحرب على غزة منذ أكتوبر 2023، وفق ما أوردته مجلة “جون أفريك”، مع تسجيل مغادرة أكثر من 82,000 شخص إسرائيل خلال 2024.
الرؤية الإيجابية
يرى فريق من الخبراء والمراقبين أن هذه الظاهرة تمثل فرصة تاريخية وثقافية، حيث يجد الإسرائيليون من أصول مغربية في المغرب امتدادًا للهوية الثقافية والدينية، وفرصة للعودة إلى جذور أجدادهم. ويشير ممثلو الجالية اليهودية في المغرب إلى أن العديد منهم يسعى للحصول على جواز السفر المغربي لأسباب متعددة، بينها الاستقرار الاجتماعي، تأسيس أعمال جديدة، واستعادة الروابط العائلية والثقافية. كما يرى هؤلاء أن المغرب يوفر بيئة مواتية للاستثمار وريادة الأعمال، بفضل موقعه الاستراتيجي والبنية التحتية المتاحة، ما يجعله وجهة جاذبة للمغاربة العائدين.
الرؤية النقدية
في المقابل، يطرح طرف مغربي آخر تساؤلات وانتقادات حول هذه الظاهرة، معتبرًا أن تدفق طلبات الحصول على الجنسية من قبل الإسرائيليين من أصول مغربية يمكن أن يُثير حساسيات سياسية واجتماعية. ويشير المنتقدون إلى أن التركيز على العودة إلى المغرب قد يُخفي دوافع اقتصادية واستراتيجية مرتبطة بالاستقرار أو الملاذ الآمن بعيدًا عن الأزمات الإسرائيلية، ويثير تساؤلات حول كيفية توازن حقوق المغاربة المقيمين والعودة الجماعية للمهاجرين الجدد. كما يعبر بعضهم عن مخاوف تتعلق بالتأثير على الهوية الوطنية، والتوازن الديمغرافي والثقافي في المدن الكبرى، خاصة إذا لم يتم تنظيم عمليات استقبال هؤلاء بشكل واضح وقانوني.
الأبعاد القانونية والسياسية
على الصعيد الرسمي، يتيح المغرب برامج تسهيل منح الجنسية للأشخاص من أصول مغربية، بما في ذلك إصدار جوازات السفر وتسهيل الاستثمار. ورغم ذلك، يشدد النقاد على ضرورة وضوح المعايير القانونية والإجرائية لضمان أن تكون العودة والاندماج متوافقة مع مصالح الدولة والمجتمع المحلي، دون أن تتحول إلى موضوع جدل سياسي أو اقتصادي.
التأثير الاجتماعي والثقافي
تمثل العودة الرمزية أو الفعلية للإسرائيليين من أصول مغربية فرصة لإحياء التراث المغربي اليهودي، وإعادة الروابط العائلية والثقافية. لكن التحفظات المطروحة تُبرز أهمية الموازنة بين الترحيب بالعودة والحفاظ على النسيج الاجتماعي المحلي، بما يحمي مصالح جميع الأطراف ويعزز التعايش بين مختلف الفئات.
تظهر الظاهرة الحالية على أنها قضية متعددة الأبعاد: تجمع بين الفرص الاقتصادية والثقافية للشباب المغاربة العائدين وبين المخاوف السياسية والاجتماعية التي يطرحها المجتمع المحلي. ويعكس ذلك الحاجة إلى سياسات استقبال متكاملة وشفافة، تشمل الأطر القانونية، والإجراءات الإدارية، ودعم الاستثمار، فضلاً عن تعزيز الحوار بين مختلف الأطراف لتقليل الاحتكاكات، وضمان أن تكون العودة مصلحة مشتركة.