
(كش بريس/التحرير)ـ
تستعد وزارة الصحة والحماية الاجتماعية لإطلاق حملة وطنية مكثفة لمتابعة تطورات فيروس التهاب القصيبات الهوائية الحاد (البرونكوليت)، خلال الفترة الممتدة من 13 أكتوبر 2025 إلى 12 أبريل 2026، في خطوة تعكس يقظة السلطات الصحية أمام تهديدات مرض موسمي يثقل كاهل المنظومة الصحية ويضع حياة الرضع على المحك.
ويُعدّ “البرونكوليت” عدوى تنفسية حادة وسريعة الانتشار، تتفشى عادة بين أكتوبر ومارس من كل سنة. ويكتسي خطورة خاصة بالنسبة للرضع المولودين قبل الأوان أو الذين يعانون من ضعف في المناعة، حيث تُظهر التقديرات العالمية أن ثلث هذه الفئة تقريبا يُصاب بالمرض سنويا.
أرقام مقلقة من الموسم الماضي
بين أكتوبر 2024 وأبريل 2025، سجل المغرب 52 ألفا و973 إصابة بالبرونكوليت في صفوف الأطفال دون السنتين، من بينها 4334 حالة استدعت الاستشفاء، بينما تلقت أزيد من 10 آلاف حالة العلاج في العيادات الخارجية. هذه الأرقام، التي كشفتها وزارة الصحة، تؤشر على تحديات كبرى قد تتفاقم في ظل تغير المناخ الذي يزيد من طول فترة انتشار الفيروسات التنفسية، إضافة إلى الضغط الذي تعرفه البنيات الاستشفائية خلال المواسم الباردة.
خطة استباقية منذ 2016
تؤكد وثيقة داخلية للوزارة أن موسم 2025-2026 يتطلب “مضاعفة الجهود والتحلي بالاستباقية للحد من الوفيات المرتبطة بالمرض”. وترتكز الخطة الوطنية، التي وُضعت أول مرة سنة 2016، على محاور عملية تشمل:
- تنظيم مسار الفرز والاستقبال والعلاج على مستوى مراكز الرعاية الأولية وأقسام المستعجلات وطب الأطفال.
- ضمان الأدوية الأساسية وتدريب الأطر الصحية على بروتوكولات موحدة للتشخيص والعلاج.
- تنظيم حملات توعوية موجهة للآباء والمهنيين عبر ملصقات، برامج إذاعية وتلفزية، ومقاطع توعوية رقمية.
حملات توعية ووقاية
ترى الوزارة أن الرهان لا يقتصر فقط على جاهزية المستشفيات، بل يمتد إلى انخراط الأسر والمجتمع المدني في الوقاية، عبر تعزيز النظافة الشخصية، تهوية المنازل، تقليل تعرض الرضع للمدخنين، والحرص على التطبيب المبكر عند ظهور الأعراض. ومن المنتظر أن تنطلق الحملة التوعوية ابتداء من مطلع أكتوبر الجاري، على أن تُقيَّم نتائجها في ماي 2026.
مرض عالمي بتأثير محلي
تُظهر الإحصائيات الدولية أن الفيروس المسبب للبرونكوليت يؤدي إلى 33 مليون إصابة سنويا حول العالم، ويتسبب في وفاة ما بين 20 ألفا و101 ألف طفل، معظمهم دون سن الخامسة. هذه الأرقام تُبرز البعد العالمي لعدوى قد تبدو “موسمية”، لكنها في الواقع تُصنَّف من طرف منظمة الصحة العالمية كواحدة من أبرز أسباب دخول الأطفال إلى المستشفيات خلال فصل الشتاء.
تحدي المنظومة الصحية المغربية
يعكس التوجه الجديد للوزارة نحو الحملات الاستباقية وعيا متناميا بضرورة تخفيف الضغط على المستشفيات خلال مواسم الذروة، وضمان استمرارية الخدمات الطبية الأخرى. غير أن نجاح هذه الخطة يبقى رهينا بمدى توفر الموارد البشرية واللوجستية، وبقدرة النظام الصحي على التنسيق بين المستشفيات العمومية، القطاع الخاص، والجماعات الترابية.