
(كش بريس/ التحرير)ـ افتتح الملك محمد السادس اليوم الجمعة، السنة التشريعية الأخيرة من الولاية الحالية لمجلس النواب، داعيًا البرلمانيين إلى جعلها سنة للعمل الجاد والمسؤول، لا سنة انتخابية بامتياز. وأشاد بما تحقق في مجالات التشريع والمراقبة والتقييم، مؤكداً على أهمية الدبلوماسية البرلمانية والحزبية في الدفاع عن القضايا الوطنية الكبرى.
ركز الخطاب الملكي على ترسيخ ثقافة المسؤولية والفعالية في العمل البرلماني، واستكمال الأوراش التشريعية والمشاريع التنموية المفتوحة، مع التشديد على ضرورة التوازن بين المشاريع الوطنية الكبرى والبرامج الاجتماعية بما يضمن العدالة في التنمية وتحسين مستوى عيش المواطنين.
كما حمّل الملك جميع الفاعلين—البرلمان، الأحزاب، المنتخبين، الإعلام، والمجتمع المدني—مسؤولية تأطير المواطنين والتواصل معهم حول المبادرات والقوانين التي تمس حياتهم اليومية، مبرزاً أن التنمية ليست مسؤولية الحكومة وحدها، بل مسؤولية جماعية.
في محور التنمية، دعا الملك إلى إطلاق جيل جديد من برامج التنمية الترابية لتحقيق العدالة الاجتماعية والمجالية، معتبرًا ذلك توجهًا استراتيجيًا ورهانًا مصيريًا لا يجوز التراجع عنه. وشدد على أن نجاح هذا التحول يتطلب تغيير العقليات واعتماد ثقافة النتائج والاعتماد على التكنولوجيا الرقمية والمعطيات الميدانية الدقيقة.
حدّد الملك ثلاثة مجالات ذات أولوية:
تنمية المناطق الجبلية والواحات بسياسات تراعي خصوصياتها.
استثمار السواحل الوطنية في إطار تنمية مستدامة متوازنة.
توسيع المراكز القروية لتقريب الخدمات من المواطنين ومواكبة التوسع الحضري.
وختم الخطاب بالدعوة إلى تعبئة وطنية شاملة، تغلب فيها الحكومة والبرلمان، أغلبيةً ومعارضةً، المصلحة العليا للوطن والمواطنين، بروح النزاهة ونكران الذات.
يؤسس هذا الخطاب لرؤية سياسية تؤكد أن الشرعية البرلمانية لا تُقاس بمدة الولاية، بل بعمق الأثر التنموي. فهو خطاب يوازن بين الواقعي والرمزي: واقعي في تحديد الأولويات الترابية والاجتماعية، ورمزي في استدعاء قيم المسؤولية والمواطنة.
يتجاوز الملك في هذا النص حدود التوجيه الحكومي إلى دعوة لإصلاح ثقافة الحكم والإدارة، عبر ترسيخ مبدأ “الثقة المنتجة” بدل الثقة الشكلية، واعتبار البرلمان محورًا في هندسة العدالة المجالية، لا مجرد مؤسسة تشريعية.