‏آخر المستجداتقضايا العدالة

النقيب الجامعي يتهم الحكومة بالانتقام من المحاماة عبر مشروع قانون مثير للجدل

كش بريس/التحريرـ حذّر النقيب عبد الرحيم الجامعي من خطورة مشروع قانون تنظيم مهنة المحاماة، معتبرا أنه لا يهدف إلى الإصلاح أو التطوير، بقدر ما يسعى إلى إضعاف المهنة ومؤسساتها والحد من استقلاليتها، واصفا إياه بأنه محاولة لـ«كسر شوكة المحامين من داخل جبة المحاماة». كما انتقد بشدة ما وصفه بالتبريرات غير المسؤولة الصادرة عن بعض أعضاء مكتب جمعية هيئات المحامين، داعيا إياهم إلى تحمل مسؤولياتهم كاملة في ما آلت إليه الأمور.

واعتبر الجامعي أن المشروع يروم نزع القوة الاعتبارية لمهنة المحاماة، ومحاصرة ممارسيها، ووضع مستقبلها تحت نوع من الوصاية والحجر، بما ينعكس سلبا في النهاية على المتقاضين الذين سيجدون أنفسهم أمام مصير غامض. وأضاف أن هذا النص، وهو يقترب من المسطرة التشريعية، يدفع بالمحاماة نحو العتمة بدل فتح آفاق مستقبل مهني مستقل ومشرق.

وعبّر النقيب عن رفضه لما اعتبره محاولات بعض أعضاء مكتب الجمعية التنصل من المسؤولية، سواء الفردية أو الجماعية، من خلال الحديث عن «مؤامرات» تُحاك ضد المهنة من جهات غير مسماة، مؤكدا أن هذا الخطاب يفتقر إلى الجدية والمسؤولية ولا يخدم مصلحة المحاماة.

وفي هذا السياق، قال الرئيس الأسبق لجمعية هيئات المحامين إن المشروع يكشف بوضوح، حسب تعبيره، عن نية حكومية للانتقام السياسي من مهنة ظلت متشبثة باستقلالها، وبعيدة عن منطق التحكم، معتبرا أن الغاية ليست التنظيم أو الإصلاح، وإنما الرد السياسي على مواقف المحامين وتحركاتهم المهنية الجريئة، سواء عبر المساطر القانونية أو المرافعات، في مواجهة المقاربة القمعية التي اعتمدتها الدولة تجاه استمرار مطالب الحركات الاجتماعية، من قبيل حراك الريف وحراك جيل زد.

وشدد الجامعي على أن المحامين مدعوون إلى مطالبة الدولة والحكومة بالتعقل، وإعادة النظر في سياستها تجاه المحاماة، من خلال إرسائها على أسس ثقافية وأخلاقية، محذرا من أن المشروع يشكل خطرا حقيقيا، ليس فقط على المهنة، بل أساسا على العدالة والقضاء وضمانات المحاكمة العادلة.

وسرد المتحدث جملة من المخاطر التي تستوجب، في نظره، وقف المشروع أو إعادة فتح النقاش بشأنه، في مقدمتها ما اعتبره انتشار قواعد فاسدة في مختلف أبوابه ومواده، وسحب اختصاصات جوهرية من المؤسسات المهنية ومنحها لوزير العدل، من بينها صلاحيات تسجيل محامين أجانب في جداول الهيئات، وفرض مكاتب أجنبية بعقليات تجارية وشركاتية، مع تمكينها من معاملة تفضيلية على حساب المحامين المغاربة.

وأضاف أن وزير العدل بات يحتكر سلطة تحديد رسوم الانخراط، وأصبح طرفا يُبلّغ بعدد من القرارات المتعلقة بقبول أو رفض التسجيل في جدول المحامين، بما يمس جوهر الاستقلال المهني.

كما اعتبر الجامعي أن المشروع استغل حالة تضارب المصالح والمواقف بين الهيئات، والتي أضرت بمصداقيتها، خاصة في ظل الخلافات الحادة حول توحيد مبلغ واجب الانخراط، والارتفاع غير المبرر لهذه الرسوم دون اعتماد معايير واضحة وموحدة بين الهيئات.

ومن بين المخاطر الأخرى، أشار النقيب إلى إدماج مسطرة تأديب طلبة المعهد ضمن مشروع القانون، والانقلاب على عدد من المكتسبات المهنية، في سياق يعكس، حسب تعبيره، سياسة الاحتواء والتضييق.

وانتقد الجامعي ما وصفه بـ«الزحف الهجومي» على مهنة المحاماة من جهة، وبالغموض والانغلاق اللذين طبعا موقف جمعية هيئات المحامين، رئيسا ومكتبا، من المشروع، إضافة إلى التردد في التعامل معه بمقاربة مهنية مسؤولة، رغم كونه يمس جميع المحامين، بمن فيهم النقباء الممارسون والسابقون، الذين لم يُؤخذ برأيهم.

وفي ختام موقفه، دعا الجامعي جمعية هيئات المحامين بالمغرب، ومكتبها، والهيئات، والنقباء، ومؤسسة الرؤساء السابقين والنقباء السابقين، إلى اليقظة والتنبه للمخاطر المحدقة بالمهنة، ووضع المصلحة العليا للمحاماة فوق كل اعتبار، والابتعاد عن الحسابات الضيقة والمزايدات، وعدم الانسياق وراء الوعود أو التوصيات التي قد تفرغ النضال المهني من مضمونه.

‏مقالات ذات صلة

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


Back to top button