
(كش بريس/التحرير)ـ يحتفي العالم، في الثامن عشر من دجنبر 2025، باليوم العالمي للغة العربية، الذي تخلده منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) كعادتها كل سنة، تحت شعار: «آفاق مبتكرة للغة العربية: سياسات ومسارات ترسم مستقبلاً لغوياً أكثر شمولاً». وهو شعار يرسخ مكانة اللغة العربية باعتبارها قضية سيادة، لا يقتصر دورها على كونها وعاءً ثقافياً وأدبياً فحسب، بل رافعة حقيقية للتنمية الشاملة والمستدامة، حاضراً ومستقبلاً.
وبهذه المناسبة، يشارك الائتلاف الوطني من أجل اللغة العربية في احتفالات هذه السنة عبر تنظيم مجموعة من الأنشطة والفعاليات بمختلف جهات المملكة المغربية، تشمل ندوات فكرية، ولقاءات علمية، ومبادرات تربوية وتحسيسية، مؤكداً جملة من المواقف والمطالب.
وأكد الائتلاف أن فتح «آفاق مبتكرة» للغة العربية يقتضي تجنيد كل الإمكانات لتمكينها من استئناف رسالتها الحضارية، وتأهيلها لمواكبة التحولات المتسارعة لعصر الرقمنة، وهو ما يستدعي توظيفاً جاداً وواعياً للمبتكرات التكنولوجية، وعلى رأسها الذكاء الاصطناعي، ونقل العربية من لغة لاستهلاك الثقافة إلى لغة لإنتاج المعرفة.
وشدد على أن تحقيق «مستقبل لغوي أكثر شمولاً» في السياق المغربي يظل رهيناً بالتفعيل الفعلي للطابع الرسمي للغة العربية في مختلف مناحي الحياة، واعتماد سياسة لغوية واضحة تعيد تموضعها في المشهد اللغوي الوطني، لتكون لغة التعليم والإدارة والمال والأعمال وسائر القطاعات الحيوية، بما يحد من هيمنة اللغة الفرنسية.
كما دعا الائتلاف إلى التفعيل الفوري للمجلس الوطني للغات والثقافة المغربية، وتحديد اختصاصاته التنفيذية، حتى يضطلع بدوره كآلية دستورية لصياغة سياسات لغوية ناجعة، إلى جانب إرساء أكاديمية محمد السادس للغة العربية وتمكينها من شروط الاشتغال الضرورية.
وطالب بإعادة النظر في المادة الثانية من القانون الإطار رقم 17.51 المتعلق بمنظومة التربية والتكوين، خاصة ما يرتبط بالتناوب اللغوي، بما يضمن اعتماد اللغة العربية لغةً لتدريس العلوم في مختلف الأسلاك التعليمية، ولاسيما في ظل النتائج السلبية التي بدأت تتكشف منذ اعتماد اللغات الأجنبية في تدريس المواد العلمية بسلكي التعليم الثانوي.
وأكد الائتلاف كذلك على ضرورة التسريع بإخراج مرسوم الهندسة اللغوية، مع استحضار جميع الملاحظات الواردة في رأي المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي، محذراً من أن ترسيم الأمر الواقع داخل المنظومة التعليمية يكرس فوضى لغوية وتدبيرية غير مبررة، ويهدر زمن الإصلاح الذي دعا جلالة الملك إلى القطع معه.
وفي السياق ذاته، شدد على إلزام الإدارات العمومية والمقاولات الخاصة باحترام مقتضيات منشور رئيس الحكومة رقم 2018/16 بتاريخ 30 أكتوبر 2018، المتعلق بإلزامية استعمال اللغة العربية أو اللغة الأمازيغية في المراسلات والخدمات والوثائق الرسمية.
كما دعا إلى اعتماد سياسات مالية وتحفيزية داعمة لريادة الأعمال اللغوية، وتوظيف إمكانات الذكاء الاصطناعي في رقمنة اللغة العربية وتطوير أدواتها، بما في ذلك توجيه جزء من ميزانية واستثمارات مركز الرقمنة من أجل التنمية المستدامة (D4SD)، الذي أطلقه المغرب بشراكة مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، لتعزيز الحضور الرقمي للعربية وتمكينها من المنافسة في الفضاء الرقمي العالمي.
وفي ختام بلاغه، أكد الائتلاف الوطني من أجل اللغة العربية عزمه مواصلة جهوده لدعم النهوض باللغة العربية وتطويرها، وتنمية استعمالها خاصة في المجالات العلمية والتقنية والمهنية، بتنسيق مع مختلف الفاعلين أفراداً ومؤسسات، إيماناً بقدرة العربية على التعبير عن الحاجيات العلمية ومواكبة التحولات التقنية المتسارعة، وبدورها المحوري في ترسيخ الانتماء الحضاري للشعب المغربي، مجدداً التزامه الدائم بالدفاع عن المكانة الاعتبارية للغة الضاد، في انفتاح إيجابي ومسؤول على مستجدات العصر.





