‏آخر المستجداتالمجتمع

انخفاض التضخم السنوي يثير تساؤلات حول القدرة الشرائية للمغاربة

(كش بريس/التحرير)ـ أظهرت البيانات الصادرة عن المندوبية السامية للتخطيط يوم الاثنين أن معدل التضخم السنوي في المغرب سجل انخفاضًا إلى 0.3 بالمئة في شهر غشت، مقارنة بـ 0.5 بالمئة في الشهر السابق. ويُقاس هذا التضخم على أساس مؤشر أسعار المستهلكين، الذي يعكس التغيرات في أسعار السلع والخدمات الأساسية التي يستهلكها الأسر.

ويكشف التحليل التفصيلي للمؤشر أن أسعار المواد الغذائية، التي تُعتبر المحرك الرئيس للتضخم في الاقتصاد المغربي، سجلت ارتفاعًا بنسبة 0.2 بالمئة على أساس سنوي، في حين ارتفع التضخم غير المرتبط بالمواد الغذائية بنسبة 0.3 بالمئة. وهذا التفاوت يعكس تراجع الضغوط التضخمية على السلع الأساسية بالمقارنة مع ضغوط ارتفاع الأسعار على السلع والخدمات الأخرى، مثل النقل والطاقة والخدمات الاستهلاكية.

من جهة أخرى، أشار التقرير إلى أن التضخم الأساسي، الذي يستثني السلع الأكثر تقلبًا لتقديم صورة أوضح عن اتجاهات الأسعار العامة، ارتفع بنسبة 0.7 بالمئة على أساس سنوي، فيما ظل مستقراً على أساس شهري. ويُعد هذا الرقم مؤشراً مهماً على أن الاقتصاد المغربي يشهد ضغطًا معتدلاً على الأسعار الأساسية، مما يعكس قدرة السياسة النقدية على ضبط التوازن بين الطلب والعرض، وكذلك تأثير العوامل الخارجية مثل أسعار المواد الأولية والطاقة العالمية.

يمكن تفسير هذا الانخفاض النسبي للتضخم بعدة عوامل مترابطة: أولاً، الاستقرار الجزئي في أسعار المواد الغذائية على الرغم من الصدمات العالمية التي أثرت على سلاسل الإمداد؛ ثانيًا، تراجع أسعار الطاقة العالمية نسبيًا خلال الأشهر الأخيرة، مما انعكس على تكاليف النقل والتدفئة؛ وثالثًا، السياسات الحكومية الموجهة لدعم القدرة الشرائية، سواء من خلال دعم المواد الأساسية أو التحكم في الرسوم والضرائب على بعض السلع الاستهلاكية.

ويستدعي هذا الوضع الاقتصادي عدة أسئلة مهمة: هل يمثل الانخفاض الحالي للتضخم مؤشراً على استقرار الأسعار على المدى المتوسط، أم أنه مؤقت ويعكس فقط تأثيرات موسمية أو عوامل عابرة؟ وكيف ستتعامل السياسة النقدية والبنك المركزي المغربي مع احتمالية صعود الأسعار إذا ارتفعت مجددًا أسعار المواد الأولية أو الطاقة؟ إضافة إلى ذلك، يبقى التضخم الأساسي مؤشرًا دقيقًا لمتابعة ضغط الأسعار الفعلي على الأسر المغربية، خصوصًا مع استمرار تفاوت القدرة الشرائية بين المناطق الحضرية والريفية وبين شرائح المجتمع المختلفة.

بالتالي، يشير التقرير إلى أن المغرب يمر بفترة ضبط نسبي للتضخم، لكن السياق العالمي المتقلب والتحديات الداخلية المتعلقة بالقدرة الشرائية والاستقرار الاقتصادي يجعل من الضروري متابعة هذه المؤشرات عن كثب، سواء من قبل صانعي السياسات أو المستثمرين أو الباحثين الاقتصاديين، لفهم ديناميكيات الأسعار والتخطيط للمستقبل بشكل أفضل.

‏مقالات ذات صلة

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


Back to top button