
كش بريس/التحريرـ ذكرت صحيفة لوموند الفرنسية أن بريجيت باردو، أيقونة السينما الفرنسية التي رحلت يوم الأحد عن عمر ناهز 91 عامًا، كانت على مدى ثلاثين عامًا شخصية استثنائية ليس فقط في عالم الفن، بل أيضًا في السياسة الفرنسية، بسبب ارتباطها العلني باليمين المتطرف.
وأوضحت الصحيفة أن باردو لم تكن مجرد ممثلة، بل تحولت إلى رمز سياسي مثير للجدل، حيث كانت الوحيدة بين نجوم فرنسا التي أعلنت تأييدها لأفكار اليمين المتطرف، ورافقت صعوده السياسي، خاصة في صفوف عشيرة لوبان. واعتُبرت باردو من قبل لوموند “بطلة الاحتقار” في المجال الثقافي، و“رمز الكراهية العرقية” في المجال السياسي، بعد أن أدينت خمس مرات بتهم التحريض على الكراهية والعنصرية.
وبعد اعتزالها السينما في تسعينيات القرن الماضي، اقتربت باردو من أطروحات اليمين المتطرف وتزوجت برنار دورمال، مستشار جان-ماري لوبان، الذي ظل زوجها حتى وفاته. ومعروف عنها كثافة تصريحاتها المعادية للإسلام، حيث كانت تربط بين دفاعها عن الحيوانات ورؤيتها الموروثة عن فرنسا “النظيفة”، حسب وصف الصحيفة، فيما دفعها ماضيها كرمز لتحرر المرأة إلى تخطي حدود الخطاب المقبول، بين استفزاز مقصود وعنصرية حقيقية.
وتذكر لوموند شهادة جان-ماري لوبان في مذكراته (Tribun du peuple) حول لقائه الأول بباردو في أواخر خمسينيات القرن الماضي، حين وافقت على زيارة الجنود الجرحى بعد عودته من حرب الجزائر، رغم أنها لم تكن عسكرية النزعة. وقال لوبان: “لدينا قواسم مشتركة أكثر مما يبدو. هي تحب الحيوانات ولديها حنين إلى فرنسا نظيفة؛ وأنا أحب شجاعتها وصراحتها”.
وفي أواخر التسعينيات، دعمت باردو علنًا أول رؤساء البلديات من حزب “الجبهة الوطنية” (التجمع الوطني اليوم) في المدن الكبرى، وظل دفاعها عن الحيوانات محور مواقفها السياسية. وفي رسالة نشرتها مجلة اليمين المتطرف Présent، عبّرت باردو عن مخاوفها من عيد الأضحى، معتبرة أنه “سيُغرق أرض فرنسا بدماء الخراف المذبوحة”، مضيفة تحذيرات مبالغ فيها عن تأثير المسلمين على فرنسا. وقد أدت هذه التصريحات إلى أول إدانة قضائية لها، لكنها قالت أمام المحكمة: “لست عنصرية في قرارة نفسي”.
وكانت باردو معادية لليسار، ورفضت منطق “العيش المشترك”، بينما أظهرت إعجابًا بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين. لكنها لم تشارك اليمين المتطرف كل مواقفه، إذ دعمت الإجهاض ووجدت أن جان-ماري لوبان متطرف في بعض تصريحاته، مع اعتبار أن ابنته مارين لوبان أكثر توافقًا مع رؤاها، ومنحتها صوتها في الانتخابات.
ومع مرور الوقت، أصبح الدفاع عن الحيوانات البوصلة السياسية الوحيدة لباردو، وفي هذا المجال وجدت الدعم أيضًا إلى جانب مارين لوبان، ما يوضح استمرار حضورها في المشهد السياسي الفرنسي حتى نهاية حياتها، بما جمع بين الفن والسياسة، والإثارة والجدل، والرمزية الثقافية والانتماء السياسي.
الصورة من الأرشيف





