‏آخر المستجداتالمجتمع

بعد رفض اقتراحات لتعديله من قبل المعارضة المنقسمة.. “دستور العدالة الجنائية” أمام محطة التصويت النهائي..

(كش بريس/ التحرير) ـ قال وزير العدل عبد اللطيف وهبي، إن مشروع قانون رقم 03.23 بتغيير وتتميم القانون رقم 22.01 المتعلق بالمسطرة الجنائية، “هو محطة تاريخية استثنائية هامة لمنظومة عدالتنا الجنائية لاسيما في إطار ما شهدته بلادنا في العقدين الأخيرين من مستجدات هامة شملت تعزيز مجال الحقوق والحريات والانخراط التام في الالتزامات الدولية ذات الصلة بحقوق الإنسان ومكافحة الجريمة، وكذا ما يتعلق بتطوير عمل المؤسسات لاسيما ما يرتبط بتدبير المرحلة الانتقالية التي تعيشها بلادنا بخصوص إحداث سلطة قضائية مستقلة وفق ما نص عليه دستور المملكة”.

وأوضح وهبي في تقديمه لمشروع القانون خلال جلسة العامة المنعقدة اليوم الثلاثاء 20 ماي الجاري، “إننا لسنا أمام قانون عادي بمعيار مضمونه ووظائفه، إنه دستور للعدالة الجنائية إن صح التوصيف، فبقدر ما تتسلح به أجهزة إنفاذ القانون في مواجهة خطر الجريمة وضبط مرتكبيها ومحاكمتهم، بقدر ما يستند إليه أطراف الخصومة الجنائية للدفاع عن حقوقهم ومطالبهم فهو عملة بوجهين”.

وأبرز المسؤول الحكومي : “وتبقى مسألة صناعة مثل هذه القوانين لحظة فارقة ومميزة في المسار الديمقراطي للدول لا تعاش إلا في محطات معدودة، كما هو الحال بالنسبة للمغرب الذي عرف منذ فجر الاستقلال إلى حدود يومه فقط نصين قانونيين للمسطرة الجنائية، أولهما في سنة 1959 وذلك قبل صدور مجموعة القانون الجنائي لسنة 1963، وثانيها سنة 2003. فصلت بينهما مرحلة مؤقتة عرفت تطبيق ظهير الإجراءات الانتقالية الذي للأسف تجاوز طابعه الانتقالي وعمر ما يقارب ثلاثة (3) عقود من الزمن”.

وتابع بالقول: “فقد حرصت كل الحرص على أن يستجيب المشروع لمختلف التطلعات وأن يسعى إلى مواكبة المجهودات المبذولة على مستويات متعددة للنهوض بحقوق الإنسان وتعزيز مجال الحقوق والحريات من جهة ومكافحة الجريمة من جهة ثانية”.

وأكد الوزير عينه، على أن المشروع الذي يتماشى في فلسفته التشريعية مع باقي القوانين التي صدرت مؤخرا، تحكمت في إعداده مجموعة من المحددات الأمنية والحقوقية وإشكالات الممارسة العملية ومسألة تحقيق فعالية ونجاعة العدالة الجنائية ومواكبتها بالإصلاحات التي تعرفها منظومة العدالة ببلادنا، كما استحضرت المراجعة مجموعة من المرجعيات الوطنية والدولية وفق ما هي مفصلة في ديباجة المشروع.

واستحضر وهبي بعض المعطيات لاستحضارها في فهم فلسفة وحدود هذه المراجعة التشريعية القائمة أساسا على ضمان التوازن بين مكافحة الجريمة واحترام حقوق وحريات الأفراد؛ باعتبارها المفصل في بناء قاعدة أي جنائية إجرائية في التشريعات الجنائية المعاصرة.

كما أكد على أنه بعدما أثيرت العديد من الملاحظات حول بعض مستجدات القانون في مجال تقوية وتعزيز آليات مكافحة الجريمة؛ باتت الحاجة ملحة إلى ملاءمة قانون المسطرة الجنائية مع تطور تدويل القاعدة الجنائية في ظل تفاعل المملكة المغربية في إطار الوفاء بالتزاماتها الدولية مع جل المواثيق الدولية وما يصدر من آلياتها من توصيات سواء التي تهم مجال مكافحة الجريمة أو حقوق الإنسان.

كما أشار الوزير إلى ضرورة مواجهة خطر الجريمة الذي شكل حسب المعطيات الإحصائية المتوفرة ارتفاعا فيما يخص معدل الجريمة، واستمرار العديد من أزمات العدالة الجنائية التي تتطلب تدخلا آنيا، مع ضبط وتدقيق العديد من الإجراءات والمساطر الجنائية في إطار تأكيد الشرعية وتبسيطها وتحقيق النجاعة المطلوبة، عبر اعتماد مساطر مبسطة وتعزيز العدالة التصالحية، مع إضفاء البعد الإنساني على مرحلة التنفيذ الزجري، واعتماد فرص واستخدامات الرقمنة في مجال الإجراءات الجنائية.

أما فيما يخص ضمانات المحاكمة العادلة وتعزيز مجال الحقوق والحريات، أكد الوزير أن المشروع قد حرص على تقوية القانون بمجموعة من الضمانات خلال كافة مراحل الدعوى العمومية وملاءمتها مع المعايير الدولية المعتمدة، وأن ما أثير من ملاحظات بشأن البعض منها يقتضي استحضار التدرج وتوفير الوسائل اللوجيستيكية والبشرية اللازمة.

وأضاف أن أهم التعديلات التي تمت الاستجابة إليها من طرف هذه الوزارة وصادقت عليها لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان، تتجلى في إعادة صياغة بعض العبارات بهدف تجويد النص وتحقيق الانسجام مع باقي المقتضيات الواردة بالمشروع؛ تعزيز حماية ضحايا الاتجار بالبشر من خلال التنصيص على مجموعة من التدابير تروم حماية سلامتهم وتقديم الخدمات الضرورية بما فيها المساعدات الطبية والنفسية اللازمة والإيواء والتعريف بحقوقهم القانونية وكذا حقهم في المطالبة بالحصول على تعويض عن الأضرار التي لحقت بهم.

كما همت التعديلات تمكين ضحايا الاتجار بالبشر من الاستفادة من مهلة للتعافي والتفكير خلال مدة محددة إذا توافرت أسباب جدية بكونهم ضحية الفعل الجرمي المذكور وذلك تماشيا مع الالتزامات الدولية للمملكة في هذا الإطار؛ والتنصيص على ضرورة احترام الضمانات القانونية أثناء سير إجراءات التحقيق؛ والتنصيص على مقتضيات إضافية تروم تعزيز حقوق الدفاع خلال مرحلة التحقيق الإعدادي؛ وتعزيز استعمال وسائل التكنولوجيا الحديثة في مختلف الإجراءات القانونية؛ والتنصيص على منع حضور النيابة العامة أثناء مداولات المحكمة؛ وكذلك التنصيص على إمكانية رد الاعتبار فيما يخص عقوبة الغرامة وذلك بمجرد أدائها؛ إضافة الى التنصيص صراحة على عدم اعتبار الصمت بمثابة اعتراف ضمني بما هو منسوب للشخص الموضوع تحت الحراسة النظرية.

وخلص الوزير إلى التأكيد أن هذه المبادرة التشريعية التي تجسد بلا شك خطوة مهمة لتحديث الترسانة القانونية الوطنية، والاستجابة للتطلعات والإنتظارات، سيحرص على الترافع بشأنها خلال المرحلة القادمة من المناقشة أمام مجلس المستشارين بعد مصادقة المجلس الموقر، كما سيعمل بكل مسؤولية على التواصل بشأن مستجداتها والتنسيق مع كل الجهات المعنية بتنفيذ أحكامها إيمانا بأن الممارسة تبقى هي المحك الحقيقي للتنزيل الأمثل لمضامينها.

وكان الوزير وهبي قد رفض قبول مجموعة من التعديلات خلال أشغال لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان بمجلس النواب، الثلاثاء 13 ماي 2025، والتي خصّصت لمناقشة التعديلات الخاصة المقدمة من الأغلبية والمعارضة حول مشروع القانون المذكور.

وشمل رفض مجموعة من التعديلات التي تقدم بها سواء الفريق الحركي أو فريق التقدم والاشتراكية، فضلا عن الفريق الاشتراكي ــ المعارضة الاتحادية، إلى جانب المجموعة النيابية للعدالة والتنمية، ناهيك عن بعض التعديلات المقدمة من قبل فرق الأغلبية.

ويشار إلى أن الفريق الاشتراكي ــ المعارضة الاتحادية قد تقدم بـ 309 تعديلات، جرى قبول 42 تعديلا منها فقط، أما الفريق الحركي فتقدم بما مجموعة 186 تعديلا، تم قبول 28 منها.

بينما تقدم فريق التقدم والاشتراكية بـ167 تعديلاً على مواد مشروع القانون المذكور، جرى قبول 11 منها، في حين تقدم نواب المجموعة النيابية للعدالة والتنمية بما مجموعة 435 تعديلا، تم قبول 21 تعديلا منها، ما جعل مجموعتهم النيابية تتصدر الفرق والمجموعات التي قدمت أكثر عدد من التعديلات وحازت أكبر نسبة من “عدم قبول”.

أما نواب فرق الأغلبية فتقدموا بدورهم بما يصل إلى 155 تعديلا، جرى قبول 43 تعديلا منها فقط.

‏مقالات ذات صلة

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


Back to top button