‏آخر المستجداتفنون وثقافة

بين القانون والدم: تهافت السردية الإسرائيلية عن الأخلاق العسكرية

(كش بريس/التحرير)ـ مقاله الأسبوعي الجديد ” الجيش الإسرائيلي : حبل الأكذوبة القاصر والقصير”، المنشور بصحيفة القدس العربي ليومه الأحد 2 نونبر الجاري، يحلل الكاتب السوري صبحي حديدي استقالة يفعات تومر–يروشاليمي، المدعية العامة العسكرية في جيش الاحتلال الإسرائيلي، بعد ثلاثين سنة من الخدمة، باعتبارها حدثاً كاشفاً لا يمكن فصله عن تآكل السردية الإسرائيلية الرسمية حول “الجيش الأكثر أخلاقية في العالم”.

يُظهر المقال كيف ترافقت هذه الاستقالة مع تصريحات فاشية وعدوانية لوزراء في حكومة الاحتلال، مثل يسرائيل كاتس وإيتمار بن غفير، اللذين سارعَا إلى مهاجمة المدعية العامة واتخاذ إجراءات انتقامية، كمنع زيارة الصليب الأحمر للمعتقلين والمطالبة بتشريعات تُجيز الإعدام للسجناء الفلسطينيين.

ويشير الكاتب إلى أن العلاقة بين الجيش الإسرائيلي والقانون ليست سوى “حبل كذب قصير الأجل”، إذ تُستخدم التحقيقات والمحاكمات كأدوات دعائية لتلميع صورة جيش متورط في جرائم حرب وإبادة وتجويع وتطهير عرقي في غزة، تسببت في استشهاد أكثر من 68 ألف فلسطيني وإصابة مئات الآلاف.

حتى المدعية المستقيلة نفسها، التي سرّبت لوسائل الإعلام صور التعذيب الوحشي في معتقل سدي تيمان، لم تخرج عن الأكذوبة ذاتها، إذ واصلت التمسك بخطاب “الأخلاق والقانونية” داخل الجيش، معتبرة أن “النشاط القانوني أصبح جبهة بحد ذاته”، وهو ما يراه الكاتب تجميلاً فجّاً للعنف المُمأسس داخل المؤسسة العسكرية الإسرائيلية.

يذهب الكاتب إلى أن استقالة تومر–يروشاليمي ليست موقفاً ضميرياً بقدر ما هي انعكاس لتناقض داخلي في بنية المشروع الصهيوني ذاته: فهو يسوّق نفسه كديمقراطية ليبرالية تحكمها القوانين، بينما يستند عملياً إلى منظومة استعمارية إحلالية تُمارس التطهير العرقي وتدوس كل معايير العدالة الدولية.

الجيش الذي يصف نفسه بـ“الأكثر أخلاقية في العالم” هو، بحسب المقال، المختبر الأكثر نفاقاً في إنتاج العنف المؤسسي وتبريره قانونياً. فـ”الأخلاق العسكرية” في هذا السياق ليست إلا واجهة خطابية تُستخدم لستر المذابح وتبييض الجرائم، في حين تُظهر الوقائع أن “الجبهة القانونية” التي تحدثت عنها المدعية العامة ليست سوى استمرار للجبهة العسكرية بوسائل أكثر دهاءً.

بهذا المعنى، يفضح المقال كيف تحوّلت “الأكذوبة الأخلاقية” إلى أداة مركزية في الحرب الدعائية الإسرائيلية، لكنها باتت اليوم قاصرة وقصيرة — كما عنوان المقال — أمام فيض الصور والحقائق التي تُوثّق الإبادة في غزة وتعرّي زيف “القانونية” الإسرائيلية أمام الرأي العام العالمي.

‏مقالات ذات صلة

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


Back to top button