‏آخر المستجداتالمجتمع

تباينات الزواج والخصوبة تكشف مغربًا متعدد الطبائع والسرعات

(كش بريس/ التحرير)ـ يعرض “الأطلس السوسيو-ديمغرافي الإقليمي” الصادر عن المندوبية السامية للتخطيط لوحة مركّبة للمغرب، تكشف مغربًا يسير بسرعات ديموغرافية وصحية متباينة. فالمؤشرات تُظهر فجوات واضحة بين الحضر والريف، وبين شمال المملكة وجنوبها، سواء في أنماط الزواج والخصوبة أو في الصحة العامة.

على المستوى الوطني، يقدَّر معدّل الخصوبة الإجمالي للنساء (15–49 سنة) بنحو 1.97 طفل لكل امرأة، مع فروق بارزة: 1.77 في المدن مقابل 2.37 في الأرياف. كما يرتفع متوسط سنّ الزواج الأول إلى 32.4 عامًا للرجال و24.6 عامًا للنساء، في إشارة إلى تحوّل اجتماعي يؤخّر تكوين الأسر في الوسط الحضري.

وتتجلى التباينات المجالية في بنية الحياة العائلية. فمعدلات العزوبة تتجاوز 35٪ في كبريات المدن الساحلية مثل الرباط والدار البيضاء وطنجة، وتمتد إلى مدن الشمال الشرقي والأقاليم الجنوبية، فيما تبلغ نسب الزواج ذروتها (أكثر من 61٪) في الأقاليم الداخلية والجبلية كخنيفرة وأزيلال وبني ملال، وحتى في بعض مناطق الريف مثل شفشاون وتاونات. أما أدنى نسب الزواج (أقل من 56٪) فتتركّز مجددًا في الشريط الساحلي الأطلسي وفي بعض الأقاليم الصحراوية.

الطلاق بدوره يرسم خريطة مغايرة؛ إذ تتصدر الأقاليم الجنوبية مثل العيون وطانطان وواد الذهب نسبه الأعلى (أكثر من 3.75٪)، تليها مدن محورية كالعاصمة الرباط والدار البيضاء وفاس ومكناس، بينما ترتفع نسب الترمل خصوصًا في القرى والجبال، متجاوزة 6٪ في الأطلسين الكبير والصغير وسوس، مقابل مستويات أدنى بكثير (أقل من 4٪) في الأقاليم الجنوبية والحواضر الكبرى.

وتبرز فروق إضافية في “متوسط عمر الزواج الأول للإناث”: ففي الأقاليم الريفية والجبلية تتزوج النساء قبل 23.5 سنة، كما في مناطق الريف والأطلس والشرق، بينما يتأخر الزواج في المدن الساحلية الكبرى. أما الخصوبة فتبقى الأعلى في الجنوب وفي بعض الريف الشمالي، متخطية 2.3 طفل لكل امرأة، مقابل أقل من 1.8 في محور الدار البيضاء–الرباط–القنيطرة.

ولا تقتصر الفوارق على مؤشرات الزواج والخصوبة؛ إذ تكشف المعطيات عن اختلافات لافتة في نسب الإعاقة. فبينما تنخفض المعدلات وطنيًا من 5.1٪ سنة 2014 إلى 4.8٪ سنة 2024، تسجل المناطق الجبلية والشرقية أعلى النسب، متجاوزة 6٪ في أقاليم مثل تازة وتارودانت وشفشاون والحوز، في حين تحتفظ الأقاليم الجنوبية بأدنى المستويات (دون 4٪).

تكشف هذه الخريطة السوسيو-ديمغرافية عن مغرب متعدّد الإيقاعات: مدن كبرى تتجه نحو أنماط عائلية متأخرة وخصوبة منخفضة، مقابل ريف وأقاليم جبلية تحافظ على زواج مبكر وخصوبة مرتفعة. وهو تباين يعكس تفاعلًا معقّدًا بين التحولات الاقتصادية والثقافية، ويطرح على السياسات العمومية تحدّي تحقيق توازن تنموي يراعي هذه الفوارق العميقة.

‏مقالات ذات صلة

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


Back to top button