
(كش بريس/خاص)ـ قال تقرير نشره موقع معهد ماساتشوستس، إن جامعة محمد السادس متعددة التخصصات التقنية بالمغرب شاركت في تمويل وتطوير جهاز جديد يُنتج مياه الشرب من الهواء مباشرة دون الحاجة إلى أي مصدر طاقة خارجي، حيث أن الجهاز الذي تم ابتكاره داخل معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، قادر على استخراج مياه الشرب النقية من الهواء، حتى في أكثر البيئات جفافا مثل صحراء وادي الموت بولاية كاليفورنيا الأميركية.
وحسب تقرير معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا أو معهد ماساتشوستس للتقانة ( Massachusetts Institute of Technology)، والذي يعرف اختصارًا بـ«إم آي تي» (MIT)، وهو معهد بحثي خاص بقع في مدينة كامبريدج بولاية ماساتشوستس في الولايات المتحدة الأمريكية، فإن هذا الجهاز، الذي لا يتعدى حجمه حجم نافذة منزلية، يعتمد على مادة هلامية مبتكرة مستوحاة من فن الطي الياباني “أوريغامي”، تمتص بخار الماء من الهواء خلال الليل ثم تطلقه في النهار عندما تشتد الحرارة.
وأضاف أن هذا البخار يتكثف على سطح زجاجي مبرّد، قبل أن يُجمع عبر أنابيب بسيطة كمياه صالحة للشرب. واللافت أن هذا النظام يعمل بشكل كامل دون الحاجة إلى أي مصدر طاقة كهربائية، لا ألواح شمسية ولا بطاريات ولا اتصال بالشبكة، ما يجعله مثاليا للمناطق التي تعاني من فقر شديد في البنية التحتية.
هذا وقد تم تطوير هذا الجهاز بدعم من عدة جهات أكاديمية وعلمية، بما فيها جامعة محمد السادس للتقنيات، التي ساهمت في تمويل المشروع من خلال برنامج تعاون بحثي مشترك مع معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا. كما ساهم في تمويل المشروع برنامج التعاون البحثي بين المعهد والجامعة الصينية في هونغ كونغ، بالإضافة إلى منحة البذور الخاصة بالمياه والغذاء من مبادرة المياه والغذاء العالمية التابعة لمعهد ماساتشوستس.
ووفقا لفريق البحث الذي أشرف عليه البروفيسور شوانخه جاو، أستاذ الهندسة الميكانيكية والهندسة المدنية والبيئية في المعهد، فقد جُرّب الجهاز ميدانيا في صحراء وادي الموت، وهي أكثر مناطق أمريكا الشمالية جفافا، حيث أثبت فاعليته في استخراج المياه من الهواء على مدى سبعة أيام متتالية. عمل الجهاز ليلا على امتصاص الرطوبة من الهواء، وهي الفترة التي تصل فيها نسبة بخار الماء إلى أعلى مستوياتها، ثم بدأ في النهار بتحرير هذا البخار وتكثيفه، لتُجمع المياه بعدها في أنابيب خاصة.
وقد تراوحت كمية المياه المنتَجة يوميا بين 57 و161.5 مللترا، حتى عندما لم تتجاوز نسبة الرطوبة 21 بالمائة. بالتالي فإن هذه الكفاءة العالية تجعل الجهاز يتفوق على العديد من التصاميم الأخرى، بما في ذلك الأجهزة التي تعتمد على الطاقة.
ويعتمد هذا الابتكار على مادة هيدروجيل سوداء اللون تُشبه غلاف الفقاعات المستخدم في التغليف، تحتوي على قباب صغيرة تنتفخ عند امتصاص بخار الماء ثم تنكمش بطريقة مستوحاة من فن “الأوريغامي” عند إطلاقه. ومن الخصائص الفريدة لهذه المادة أنها تمنع تسرب الأملاح إلى المياه المستخلصة، وهو تحدٍ طالما واجهته الأجهزة السابقة.
ويشار إلى أنه في معظم التصاميم القديمة، كانت تُضاف أملاح مثل كلوريد الليثيوم لزيادة امتصاص الرطوبة، لكن هذه الأملاح غالبا ما تتسرب مع الماء مما يفرض الحاجة إلى عملية ترشيح لاحقة. أما في الابتكار الجديد، فقد أضاف الباحثون مادة “الغليسيرين” إلى تركيبة الهيدروجيل، وهي مادة سائلة طبيعية تساعد على تثبيت الأملاح داخل المادة الهلامية، ومنعها من التبلور أو التسرب. كما أن البنية المجهرية للمادة خالية من المسام الدقيقة جدا، مما يمنع أي تسرب إضافي.
ولتعزيز كفاءة امتصاص الرطوبة، صمم الباحثون المادة الهلامية على شكل أنصاف قباب صغيرة، مما زاد من مساحة السطح الملامسة للهواء. وقد صُنعت ألواح من هذه المادة الهلامية بمساحة نصف متر مربع، ووضعت داخل حجرة زجاجية مطلية من الخارج بطبقة بوليميرية خاصة تساعد على التبريد وتحفّز تكثف البخار على السطح الداخلي. عند تكاثف الماء، يتدفق إلى الأسفل ليُجمع في أنابيب بسيطة.
وأشار الفريق إلى أن هذا النموذج لا يزال في مرحلة إثبات المفهوم، وأن هناك مجالا واسعا لتطوير المادة وتحسين خصائصها وزيادة إنتاجيتها، بما في ذلك بناء نماذج أكبر حجما أو استخدام تصاميم متعددة الألواح.
جدير بالذكر، أنه حتى أكتوبر 2024، كان معهد ماساتشوستس للتقانة مرتبطًا بـ 105 حائزين على جائزة نوبل، و26 فائزًا بجائزة تورينج، و8 حاصلين على ميدالية فيلدز كخريجين أو أعضاء هيئة تدريس أو باحثين. كما ضم المعهد 58 من حاملي الميدالية الوطنية للعلوم، و29 من حاملي الميدالية الوطنية للتكنولوجيا والابتكار، و50 من زملاء ماك آرثر، و83 من حاملي منح مارشال، و41 رائد فضاء، و16 كبير علماء في القوات الجوية الأمريكية، و8 رؤساء دول أجانب. ويشتهر المعهد أيضًا بثقافته الريادية القوية، حيث أسس خريجوه العديد من الشركات الكبرى والبارز.