
(كش بريس/التحرير)ـ كشف تقرير تربوي أصدرته اليونسكو أن المغرب يُعد من بين دولتين فقط في العينة الأفريقية التي تتوفر على أهداف تعلم واضحة وقابلة للقياس على مستوى السلطات التعليمية المحلية، ويعد من الدول القليلة التي تعتمد عقود أداء في علاقاتها مع الفاعلين التربويين المحليين.
وأشار التقرير، الصادر في ديسمبر 2025، إلى أن المغرب وزيمبابوي فقط يتمتعان بأهداف تعلم واضحة وآليات تعاقدية للمساءلة بين المدارس والإدارة التعليمية، في قارة تعاني ضعف تعميم التعلم التأسيسي وعجز غالبية الأطفال عن بلوغ الحد الأدنى من الكفايات في القراءة والرياضيات بنهاية التعليم الابتدائي.
واستند التقرير إلى مسح شمل نحو 300 مدرسة ابتدائية، ومقابلات مع سلطات تعليمية محلية في خمس دول (الكاميرون، كوت ديفوار، كينيا، المغرب وزيمبابوي)، مع تحليلات للقيادة المدرسية ودورها في تحسين نتائج التعلم في السنوات الأولى من التعليم الابتدائي.
وسجل التقرير قوة المغرب في تنظيم القيادة التعليمية على المستوى الجهوي من خلال نموذج الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين، التي تتمتع بالشخصية الاعتبارية والاستقلال المالي، مما يمنحها دورًا مركزيًا في التخطيط التربوي وإدارة الموارد ومواكبة المؤسسات التعليمية، مقارنة بنماذج أخرى في القارة.
فيما يتعلق بالمساءلة، وصف التقرير العلاقة بين المدارس والإدارة المحلية بالمغربية بأنها تعاقدية، حيث يعمل المدراء مع المفتشين على إعداد “المشروع المندمج للمؤسسة”، ويستعينون بنظام “مسار” لمتابعة أداء المدارس ومقارنة النتائج في الزمن الحقيقي.
وعلى صعيد المعطيات، أشار التقرير إلى توفر بيانات التسجيل والامتحانات النهائية بشكل جيد، فيما تبقى بيانات التغيب والنتائج في التعلم التأسيسي أقل انتظامًا، ما يحدّ من قدرة السلطات على التدخل المبكر، وهي إشكالية مشتركة مع الدول الأخرى في العينة.
كما أبرز التقرير تميز المغرب في انتقاء مديري المدارس، بالاعتماد على مباراة كتابية وبرنامج تكوين مدته سنتان قبل تحمل المسؤولية، مقارنة بدول تعتمد معايير غير واضحة أو الأقدمية، رغم أن المديرين يقضون جزءًا كبيرًا من وقتهم في المهام الإدارية على حساب القيادة البيداغوجية، فيما تبلغ الاجتماعات الشهرية مع هيئة التدريس نحو 40٪ في المغرب مقابل أكثر من 80٪ في بعض الدول الأخرى.
وفي دعم التلاميذ المتعثرين، يعتمد المغرب حصص الدعم الجماعي بقيادة المدرسين أو الأقران، بنسبة 77٪، مقارنة بـ90٪ في كينيا، فيما تختلف البرامج في دول أخرى بين الدعم العلاجي وتكرار السنة.
وسجل التقرير أن المغرب يتميز بتوفر الكتب المدرسية في السنوات الأولى من الابتدائي بمعدل كتاب لكل تلميذ تقريبًا، رغم تفاوت داخلي بين المؤسسات والوسطين الحضري والقروي، بينما يبقى توفر دليل المدرس أقل انتظامًا لدى 25٪ من المعلمين، مقارنة بـ41٪ في زيمبابوي.
أما على مستوى التخطيط البيداغوجي، فقد برز المغرب بمعدل 97٪ من المدرسين قادرين على إبراز خطط دروسهم، وهو أعلى معدل بين دول العينة، مقابل 50٪ في الكاميرون، ما يعكس انتظامًا نسبيًا في التخطيط.
وأشار التقرير إلى دور الأسر والمجتمع في متابعة الشأن المدرسي عبر جمعيات الآباء، التي تلعب دورًا أكبر من لجان التدبير، مع كون نصف المجتمعات المحلية فقط مطلعة جيدًا على تقدم المدارس، مما يستدعي تعزيز التواصل والشفافية.
ويضع التقرير التجربة المغربية في سياق أفريقي أوسع، حيث يغادر واحد من كل خمسة أطفال التعليم الابتدائي، وأقل من واحد من كل عشرة يبلغ الحد الأدنى من الكفايات، ما يؤكد أهمية تحسين القيادة التعليمية وتوفير الوسائل الأساسية للتعلم.
ويخلص التقرير إلى أن المغرب، رغم مؤشرات إيجابية في الأهداف القابلة للقياس، وتنظيم القيادة الجهوية، وتوفر الوسائل التعليمية، يظل يواجه تحديات بنيوية مشتركة مع باقي الدول الأفريقية، تتعلق باستغلال المعطيات، وعبء الإدارة على حساب القيادة البيداغوجية، والحاجة إلى تعزيز تكوين ودعم الفاعلين التربويين في الميدان.





