‏آخر المستجداتالمجتمع

تقرير: 5 ملايين مغربي خارج التغطية الصحية ومعضلة “الحقوق المغلقة” تتفاقم

(كش بريس/التحرير)ـ أفاد تقرير جديد صادر عن المركز المغربي للحكامة والتسيير بشراكة مع المؤسسة الألمانية “كونراد أديناور” (مكتب المغرب)، بأن ورش الحماية الاجتماعية في المغرب، الموصوف بأنه “أحد أكثر الإصلاحات الاجتماعية طموحاً في تاريخ المملكة”، يواجه اليوم تحديات مفصلية تعيق تحقيق أهدافه.

ويوضح التقرير، الذي أعده الباحث الاقتصادي يوسف كراوي الفيلالي، رئيس المركز المغربي للحكامة والتسيير، أن هذا الورش الملكي، الذي انطلق رسمياً في أبريل 2021 بهدف تحويل منظومة الحماية الاجتماعية من دعم ظرفي إلى استثمار استراتيجي في الرأسمال البشري، يصطدم بإشكالات مرتبطة بالتمويل والحكامة وقدرة النظام على إدماج الفئات الهشة.

ويشير المصدر ذاته إلى أن الغاية الكبرى للإصلاح تتمثل في ضمان ولوج جميع المواطنين إلى الخدمات الصحية، والاستفادة من التعويضات العائلية، والتقاعد، ودعم فقدان الشغل بشكل عادل ومنصف.

تحديات الاستدامة والعدالة

وعلى الرغم من التقدم المحقق في عدة مستويات، يخلص التقرير إلى أن تعميم الحماية الاجتماعية ما زال بعيداً عن الاكتمال، في ظل استمرار “معضلة القطاع غير المهيكل” الذي يصعُب إدماج العاملين فيه داخل المنظومة الرسمية، إضافة إلى تحديات “العدالة المجالية في الصحة” الناتجة عن التفاوت الجهوي في ولوج عروض العلاج العمومية.

كما نبّه التقرير إلى إشكالية “مصداقية الاستهداف” المرتبطة بفعالية السجل الاجتماعي الموحد في توجيه الدعم إلى مستحقيه، فضلاً عن ضرورة تأمين الاستدامة المالية لنظم التغطية الاجتماعية لتفادي اختلالاتها الهيكلية على المدى البعيد.

أرقام مقلقة و”حقوق مغلقة”

وبخصوص التأمين الإجباري عن المرض، كشف التقرير عن معطيات مقلقة؛ إذ إن حوالي 5 ملايين مواطن (13.55% من السكان) ظلوا إلى حدود شتنبر 2024 خارج أي نظام للتغطية الصحية.

وتتفاقم الصورة بسبب ما سماه التقرير بـ”الحقوق المغلقة”، حيث يوجد 3.5 ملايين شخص مسجلون في أنظمة التأمين لكنهم محرومون فعلياً من العلاج جراء عدم انتظام الاشتراكات أو إشكالات إدارية، وهو ما يشكل 11% من مجموع المنخرطين. وتبلغ نسبة العمال غير الأجراء الذين يواجهون هذا الوضع 66%، في مؤشر يعكس تحديات إدماج المهن الحرة والمستقلين.

كما سجل التقرير استمرار عجز الصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي (CNOPS) منذ 2021، حيث بلغ 1.28 مليار درهم سنة 2023. أما نظام التقاعد (CMR) فيشهد “تدهوراً حاداً” بعدما أصبح عدد المستفيدين معادلاً لعدد المساهمين، مما ينذر بمخاطر جدية على ديمومة المعاشات.

ويظل القطاع غير المهيكل “الحلقة الأضعف” في المنظومة، إذ يشتغل داخله 2.5 مليون شخص خارج أي تغطية اجتماعية (دون احتساب الفلاحة)، ما يقلص قاعدة الاشتراكات ويعرقل توسع النظام.

ثقوب في شبكة الأمان الاجتماعي

وسلّط التقرير الضوء على ثلاث فئات تعاني من فجوات حادة في الحماية الاجتماعية:

  • المسنون: 60% من الساكنة النشيطة لا يستفيدون من أي نظام تقاعد، مما ينذر بأزمة شيخوخة بدون موارد.
  • الأشخاص في وضعية إعاقة: 65% منهم خارج التغطية الصحية رغم وجود إطار قانوني خاص بهم.
  • فاقدو الشغل: معايير الاستفادة من التعويض عن فقدان الشغل “تعجيزية”، حيث يتم رفض نصف الملفات المقدمة.

نحو ميثاق اجتماعي جديد

ويخلص يوسف كراوي الفيلالي إلى أن نجاح الورش الملكي يستدعي تجاوز المقاربة التقنية نحو “ميثاق اجتماعي جديد” يعيد الثقة للمواطن ويضمن تماسك المنظومة.

ويقترح التقرير توحيد صناديق التغطية الصحية، ومراجعة معايير السجل الاجتماعي الموحد لضمان عدم إقصاء الفئات الفقيرة، وتحقيق عدالة مجالية في توزيع البنيات الصحية، حتى لا يبقى الحق في العلاج امتيازاً مرتبطاً بالمراكز الحضرية الكبرى. داعيا إلى حكامة ناجعة وإصلاح شامل لأنظمة الحماية الاجتماعية، باعتبارها شروطاً أساسية لبلوغ الأهداف المرسومة “وفق المعايير الدولية”.

‏مقالات ذات صلة

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


Back to top button