
(كش بريس/التحرير)ـ في تطور لافت داخل المؤسسة الإعلامية الأمريكية، أعلن أكثر من 300 كاتب وأكاديمي وصحفي بارز من قسم “الرأي” في صحيفة نيويورك تايمز، تعليق تعاونهم مع الصحيفة إلى حين التزامها بثلاثة شروط أساسية، أبرزها تصحيح مسار تغطيتها المنحازة ضد فلسطين خلال العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة.
وطالب الموقعون على البيان، الذي أحدث صدى واسعاً في الأوساط الإعلامية الدولية، بـمراجعة شاملة للسياسات التحريرية التي تتحكم في تناول الصحيفة للقضية الفلسطينية، مع سحب تقرير “الصرخات الصامتة” الذي اتهم حركة “حماس” بارتكاب اعتداءات جنسية دون وجود أدلة موثوقة، معتبرين أن التقرير “تضمّن مزاعم غير مدعومة وأُنتج في سياق سياسي ضاغط يخدم الدعاية الإسرائيلية”.
كما دعا الموقعون إلى إقرار معايير تحريرية جديدة أكثر توازناً وإنصافاً في تغطية الصراع، وتبنّي موقف علني يدعو إلى فرض حظر أمريكي على تصدير السلاح إلى إسرائيل، في ظل ما وصفوه بـ“الانتهاكات الممنهجة” ضد المدنيين الفلسطينيين في غزة والضفة الغربية.
وأشار البيان إلى أن تغطية الصحيفة منذ 7 أكتوبر 2023 اتسمت بـ“انحياز صارخ” لصالح الرواية الإسرائيلية، عبر تغييب الأصوات الفلسطينية، وتشويه الحقائق الميدانية، وتجاهل السياق التاريخي للاحتلال المستمر منذ أكثر من سبعة عقود.
وجاء في البيان ذاته أن إدارة التحرير في نيويورك تايمز “أعادت نشر الأكاذيب الصريحة لمسؤولين إسرائيليين، وأخفت أو غيّرت الأخبار بناءً على طلب القنصلية الإسرائيلية وجماعات الضغط المؤيدة لتل أبيب، كما وجهت تعليمات لمراسليها بعدم استخدام مصطلحات مثل مجزرة وتطهير عرقي والأراضي المحتلة، في خرق فاضح لحرية التعبير المهنية”.
🔍 التحليل الصحفي والسياسي
تُعدّ هذه الخطوة سابقة نوعية في المشهد الإعلامي الأمريكي، إذ تكشف عمق التحوّل داخل النخب الثقافية والإعلامية التي باتت أكثر جرأة في انتقاد التواطؤ المؤسسي مع الرواية الإسرائيلية.
فالاحتجاج الجماعي الذي قاده كُتاب وأكاديميون من داخل نيويورك تايمز – وهي واحدة من أكثر الصحف نفوذاً وتأثيراً في العالم – يُعبّر عن أزمة مصداقية متفاقمة تواجه وسائل الإعلام الغربية في تغطية الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي.
من زاوية أخرى، يعكس البيان تحولاً أخلاقياً ومعرفياً داخل الأوساط الليبرالية الأمريكية، إذ بدأ جزء من النخبة الأكاديمية والصحفية يرفض ازدواجية المعايير الإعلامية في توصيف الضحايا والمعتدين، مطالباً بعودة “الضمير المهني” إلى غرف التحرير الكبرى.
كما أن المطالبة بحظر توريد السلاح الأمريكي لإسرائيل تحمل دلالات سياسية عميقة، تتجاوز المطلب الإعلامي إلى موقف حقوقي وإنساني يعيد النقاش إلى جذوره: العدالة والكرامة وحق الشعوب في تقرير مصيرها.
وبذلك، يمكن القول إن تمرد هؤلاء الكُتاب ليس مجرد خلاف مهني مع المؤسسة الإعلامية، بل هو احتجاج رمزي على بنية السرد الغربي المنحاز تاريخياً ضد فلسطين، وعلى ثقافة الصمت التي تحيط بها دوائر النفوذ الإعلامي والسياسي في واشنطن ونيويورك.
 
				 
					 
					




