
(كش بريس/التحرير)ـ عقد المكتب الوطني للنقابة الوطنية لموظفي التعليم العالي والأحياء الجامعية، المنضوية تحت لواء الكونفدرالية الديمقراطية للشغل، اجتماعًا يوم الاثنين 20 أكتوبر 2025، ركز على تقييم جولات الحوار مع وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، مؤكدًا على “تحميل الوزارة كامل المسؤولية عما قد تؤول إليه الأوضاع”، ومشدّدًا على “التمسك بخط نضالي مستقل والدفاع عن كرامة وحقوق الموظفين”.
تصعيد محتمل وأفق غامض للنظام الأساسي
بيان النقابة لم يخفِ تهديده بـ”تصعيد الأشكال النضالية في حال استمرار التجاهل واللامبالاة” من طرف الوزارة، مع رفض أي إصلاحات وصفها بـ”الفوقية” دون إشراك فعلي للمنظمة الأكثر تمثيلية في القطاع. يأتي هذا التحذير في سياق جمود الحوار حول النظام الأساسي الخاص بموظفات وموظفي التعليم العالي، الذي ما زال يواجه ما وصفته النقابة بـ”سياسة التسويف والمماطلة”، خصوصًا بعد الاجتماع الأخير للوفد النقابي يوم 16 أكتوبر بمقر الوزارة بحسان، حيث لوحظ غياب أي تقدم ملموس والاكتفاء بتكرار الأعذار دون تحديد آجال واضحة لتنفيذ الالتزامات السابقة.
النقابة أكدت أن المذكرة المقدمة إلى الوزارة شملت أكثر من 30 مادة من مشروع القانون 59.24، أبرزها المواد 30 و52 و84 و85، في محاولة لضمان حماية مكتسبات الموظفين وتحديد وضوح الحقوق والالتزامات. هذا التأكيد على المواد الجوهرية يعكس القلق من إمكانية تمرير القانون دون معالجة جوهرية لمطالب النقابة، ما يفتح الباب أمام “تصعيد نضالي” قد يشمل الجامعات المغربية كلها.
تنظيم داخلي وتعبئة شاملة
من أبرز قرارات الاجتماع، تنظيم المجالس الجهوية تحت إشراف المكتب الوطني، بجدول أعمال موحد يركز على تقييم مراحل البرنامج النضالي، واستعداداً لما قد يفرضه المستقبل من معارك نضالية. كما دعت النقابة المكاتب الجهوية إلى رفع وتيرة التعبئة والالتفاف حول المنظمة النقابية، في إشارة واضحة إلى إعادة تأكيد الوحدة والقدرة على التأثير داخل الجامعات المغربية.
النقابة لم تغفل التحضير للمؤتمر الوطني السابع للكونفدرالية الديمقراطية للشغل، ما يعكس حرصها على الموازنة بين النضال القطاعي الداخلي والتموضع ضمن السياسة النقابية الوطنية.
الأزمة بين الموظفين والوزارة
التحركات الأخيرة للنقابة تكشف تراكم الاحتقان الاجتماعي داخل قطاع التعليم العالي، الذي أصبح بمثابة ساحة اختبار للعلاقات بين الدولة وممثلي الموظفين. إن استمرار الجمود حول النظام الأساسي، في ظل غياب آليات واضحة لمراجعة القوانين التنظيمية، يثير تساؤلات حول جدية الوزارة في الاستجابة لمطالب أساسية تتعلق بالحقوق المهنية والاجتماعية للموظفين.
الأزمة إذن تكشف ثغرة بين خطاب الإصلاح والممارسة الواقعية للوزارة، حيث يبدو أن الرؤية الرسمية لا تتماشى مع واقع مطالب الموظفين ومستوى توقعاتهم. النقابة، في المقابل، تحاول تحويل هذا الغياب إلى قوة نضالية عبر تعبئة أعضائها على المستوى الجهوي والوطني، وهو ما قد يؤدي إلى تصعيد أشمل إذا لم يحدث تقدم ملموس في الحوار.
اجتماع النقابة يؤكد أن صراع الحقوق والتنظيم بين موظفي التعليم العالي والوزارة لم يعد مجرد خلاف حول قانون، بل أصبح اختبارًا حقيقيًا لقدرة الدولة على إدارة الحوار الاجتماعي وحماية المكتسبات المهنية.