
(كش بريس/ التحرير)ـ يرى المفكر صبحي حديدي أنّ مشروع الاستيطان الجديد في منطقة E1 ليس مجرد خطوة عقارية إسرائيلية، بل هو مشروع تفكيك جغرافي وسياسي يرمي إلى تصفية فكرة الدولة الفلسطينية من أساسها. اختيار حكومة الاحتلال الإعلان عنه من داخل مستوطنة معاليه أدوميم يترجم إرادة فرض الأمر الواقع كسياسة ممنهجة.
ويحلل الكاتب، في مقال جديد منشور يف صحيفة القدس العربي ليوم الأحد 14 شتنبر الجاري، في موضوع :”بين معاليه أدوميم والأغوار: هستيريا يهوشع بن نتنياهو”، الخطاب التوراتي لنتنياهو الذي يستحضر شخصيات مثل يهوشع بن نون أو إشعيا لتبرير سياساته، في مزاوجة بين الأسطورة الدينية والهستيريا السياسية. فنتنياهو يقدّم نفسه كامتداد لشخصيات العهد القديم، في محاولة لإضفاء شرعية «ما ورائية» على احتلال يقوم فعلياً على التطهير والإبادة والتجويع. هذه الإحالات ليست بريئة، بل تُستخدم كأداة أيديولوجية لتصوير الفلسطينيين بوصفهم «عماليق العصر» الواجب محوهم.
ويكشف المقال تناقضات نتنياهو، إذ سبق أن قدّم التزامات شكلية بإقامة دولة فلسطينية (خطاب بار إيلان 2009، وصفقة القرن 2020)، قبل أن ينقلب عليها علناً بإعلان: «لن تكون هناك دولة فلسطينية». هذا التحول ليس براغماتية سياسية بقدر ما هو تكتيك سلطوي يستثمر في التناقض بين الخطاب الدولي والواقع الميداني.
كما يربط حديدي بين المشروع الحالي وبين تاريخ من الهوس الاستيطاني الذي تناوبت عليه حكومات إسرائيلية يمينية ويسارية طوال 35 عاماً، لكنه ظل مؤجلاً بفعل تعقيدات ميدانية. ومع ذلك، فإنّ التواطؤ الدولي—بين استنكار أوروبي خجول وتغطية أمريكية صريحة—منح نتنياهو ما يسميه الكاتب «حصانة هستيرية» تجعله يندفع نحو خطوات أكثر فجاجة.
ويؤكد حديدي أن جوهر الصراع لا يتحدد في مواقف الاتحاد الأوروبي أو البيت الأبيض، بل في المعادلة الفلسطينية الداخلية: مقاومة شعبية أثبتت تاريخياً قدرتها على إحباط مشاريع الاحتلال، مقابل آلة عسكرية لم يسبق أن حظيت بحصانة دولية مماثلة. ومن هنا، فإنّ هستيريا «يهوشع بن نتنياهو» قد تعكس صلابة الاحتلال، لكنها تكشف أيضاً عن مأزق عميق في قدرته على كسر إرادة المقاومة.