
(كش بريس/التحرير)ـ اعتبرت هيئات نقابية ومهنية صحفية مشروع القانون تهديدًا لمبدأ التنظيم الذاتي للمجلس الوطني للصحافة، ما يعكس صراعًا بين السلطة التنفيذية والقطاع المهني حول التحكم في الإطار التنظيمي لمهنة الصحافة. التوجه الحكومي لتقديم المشروع قبل صدور الرأي الاستشاري يعكس محاولة لتجاوز الضوابط المؤسساتية والدستورية.
جاء ذلك في مضمون بلاغ مشترك موقع من قبل أربع هيئات نقابية ومهنية في قطاع الصحافة، أكدت من خلاله على استمرار رفضها القاطع لمشروع القانون رقم 25-26 المتعلق بإعادة تنظيم المجلس الوطني للصحافة، معتبرة أن الحكومة تسعى لتمريره بشكل أحادي ودون استشارة حقيقية للمهنيين والهيئات الداعمة لهم.
وأوضحت الهيئات، في بلاغها المشترك، أنها شاركت يوم الخميس 4 شتنبر في لقاء مع المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، ضمن إطار إعداد رأي استشاري بطلب من مجلس النواب، مؤكدة التزامها بالمشاركة في كل مسعى يسعى للتشاور والتفاوض حول المشروع.
كما أشارت الهيئات إلى أن الوزير المعني ينوي تقديم المشروع لمجلس المستشارين يوم الاثنين 8 شتنبر، “دون الالتفات لدعوات قطاع واسع من المهنيين والهيئات الحقوقية والمدنية، ودون انتظار الرأي الاستشاري للهيئتين الدستوريتين اللتين أحال مجلس النواب المشروع عليهما”، وهو رأي قد يسهم في معالجة الوضع غير الصحي المرتبط بعرض المشروع.
وأكد البلاغ، الذي وقعته النقابة الوطنية للصحافة المغربية، والفيدرالية المغربية لناشري الصحف، والجامعة الوطنية للصحافة والإعلام والاتصال (الاتحاد المغربي للشغل)، والنقابة الوطنية للإعلام والصحافة (الكونفدرالية الديمقراطية للشغل)، أن الحكومة “تواصل حرق المراحل لفرض المشروع”.
وشددت الهيئات على موقفها المشترك الرافض للمشروع، مؤكدة أن مضمونه وأهدافه وبناؤه ينتهك بشكل صارخ مبدأ التنظيم الذاتي وفلسفته كما نص عليه الدستور والقوانين. وأوضح البلاغ أن طريقة عرض المشروع تجعله “مدخلاً للإقصاء على أساس سياسي واقتصادي ومصلحي ضيق، متجاهلة التنظيمات النقابية والمهنية بمستوى تغول غير مسبوق”.
وأشار البلاغ كذلك إلى أن الهيئات الأربعة، التي مثلت الجسم المهني وفازت بانتخابات المجلس سنة 2018، مستمرة في التنسيق والعمل المشترك فيما بينها، ومتمسكة بمواقفها المعلنة، مع انفتاح على الحوار والاستماع.
وختامًا، أكدت الهيئات استمرارها في الترافع لدى الجهات المعنية، سواء الحكومة أو مجلس المستشارين والفرق البرلمانية، كما أعلنت عن الاستعداد للجوء إلى أشكال احتجاجية بالتنسيق مع باقي مكونات الدينامية المهنية المعنية بالمشروع.
يشار إلى أن الهيئات الأربعة الموقعة على البلاغ، تمثل الجسم المهني بشكل مستمر، وقد فازت بانتخابات المجلس سنة 2018، ما يمنحها مصداقية كبيرة. تجاهل صوتها يعكس تجاهلًا لإرادة المهنيين ومبدأ الديمقراطية المهنية داخل القطاع، ما قد يؤدي إلى حالة من الاحتقان والنزاع.
واتخذت الهيئات المذكورة استراتيجية للاحتجاج والتفاوض، مؤكدة على التزامها بالمسار الاحتجاجي إلى جانب المسار التفاوضي، وهو يعكس مزيجًا من المرونة والتمسك بالمبدأ، حيث تسعى للحفاظ على التوازن بين الدفاع عن الاستقلالية المهنية ومواجهة محاولات الإقصاء السياسي.
لكن انعكاسات تمرير المشروع كما هو على المشهد الإعلامي، دون تعديل، قد يؤدي إلى إضعاف المجلس كمؤسسة مستقلة، ويؤثر على حرية الصحافة واستقلالية القرارات الإعلامية، مع احتمال زيادة الاستقطاب بين المؤسسات الحكومية والمهن الإعلامية.