
(كش بريس/خاص)ـ يترقب المغاربة أمسية كروية قد تُسجَّل في التاريخ مساء الجمعة بالرباط، حيث يواجه المنتخب الوطني نظيره النيجر في الجولة السابعة من التصفيات المؤهلة لكأس العالم 2026. ورغم أن المباراة تبدو عادية على الورق، إلا أنها قد تضع المغرب في موقع الريادة كأول منتخب أفريقي يضمن التأهل رسميا إلى مونديال أمريكا الشمالية.
ولا يقتصر الحدث على التنافس داخل المستطيل الأخضر، فالمواجهة تقام على أرضية ملعب مولاي عبد الله بحلته الجديدة بعد خضوعه لعملية تجديد سريعة منحته طابعاً عالمياً. بهذا الافتتاح، يخطو المغرب خطوة إضافية في مسعاه لتأكيد جاهزيته لاحتضان كبريات التظاهرات الرياضية، وعلى رأسها كأس أمم أفريقيا 2025. ويمنح ذلك اللقاء بُعداً احتفالياً يجمع بين الرياضة وتحديث البنية التحتية في إطار رؤية استراتيجية للتنمية الوطنية.
من الناحية الفنية، يواصل المدرب وليد الركراكي البناء على الزخم الذي حققه المنتخب في مونديال قطر 2022، حيث اعتمد برنامجا تدريبياً مكثفاً لرفع جاهزية لاعبيه، خصوصاً أولئك الذين قلّت مشاركاتهم مع أنديتهم مع بداية الموسم. ومع ذلك، لم تخلُ لائحة الأسود من الجدل، بعد تجديد الثقة في بعض الأسماء مثل أسامة العزوزي وعز الدين أوناحي رغم محدودية حضورهم مؤخراً، مقابل استمرار تجاهل لاعبين محليين بارزين، أبرزهم محمد ربيع حريمات المتوج بجائزة أفضل لاعب في كأس أفريقيا للمحليين الأخيرة.
ويحمل اللقاء أيضاً رمزية خاصة بعودة الركراكي لملاقاة مدربه السابق بادو الزاكي، أسطورة الكرة المغربية والحارس التاريخي الذي يقود حالياً منتخب النيجر. وجود الزاكي يضفي على الأمسية لمسة عاطفية، إذ سيكون شاهداً على افتتاح الملعب الجديد ومشاركاً في لحظة فارقة من تاريخ الكرة الوطنية.
أما على صعيد النجوم، فيتقدم أشرف حكيمي المشهد بصفته رمزاً لهذا الجيل الذهبي. فالمدافع المتألق مع باريس سان جيرمان والمتوج بدوري أبطال أوروبا، والمرشح ضمن قائمة الكرة الذهبية 2025، أصبح تجسيداً لطموح مغربي يجمع بين العالمية والتشبث بالهوية. وقد لخص هو نفسه هذا الطموح حين صرح: “حلمي أن أحقق لقباً مع المغرب، سواء كأس العالم أو كأس أفريقيا”. جملة تعكس تعطش جيل كامل لترك بصمة خالدة في تاريخ الكرة القارية والعالمية.
على مستوى الحسابات، فإن انتصار المغرب على النيجر وتعثر تنزانيا أمام الكونغو يعني حسم التأهل فوراً. أما في حال فوز التنزانيين، فسيتعين على الأسود انتظار مواجهة زامبيا في ندولا يوم 8 سبتمبر، حيث تكفيهم نقطة واحدة للعبور إلى النهائيات.
لكن ما وراء الأرقام والمعادلات الرياضية، يظل الرهان الأكبر هو تكريس صورة المغرب كقوة صاعدة في كرة القدم. فبفضل نتائجه التاريخية في قطر واحتلاله المركز 12 عالمياً والأول قارياً في تصنيف الفيفا، لم يعد المنتخب مجرد ممثل وطني، بل صار مرجعاً لأفريقيا كلها، وحلماً يلهب خيال الجماهير التواقة لرؤية منتخب أفريقي ينافس بجدية على قمة الكرة العالمية.