
على مدى ما يقارب ثمانية قرون من احتلال فلسطين من طرف إسرائيل وتنكيلها بالمواطنين وانتزاع أراضيهم وأملاكهم وإذلالهم والتحرش المتواصل بكرامتهم.
وعلى امتداد ثمانية قرون ينصاع المستضعفون طويلا وينتفضون طويلا ويقاومون طويلا ويقتلون ويعذبون ويتعرضون لجميع أنواع القهر والحرمان والإذلال ويقومون بالثورات والانتفاضات تلو الأخرى.
وعلى امتداد هذه الأزمنة يسكن سجون ومعتقلات العار في إسرائيل أطفال وشباب ورجال ونساء حكم على الكثير منهم بالمؤبدات والأشغال الشاقة والإقامات الانفرادية والتعذيب والانتهاكات فيموت الكثيرون منهم تحت التعذيب والانتهاك، ويعاني من ينجو من الموت ذلك الموت الأبدي البطيء لا حول ولا طول لأهله وذويه ولا للمقاومة ولا للأمم المتحدة والمنتظم الدولي ومنظمات حقوق الإنسان وووو لتحريرهم فهم موعودون بالموت في تلك الزنازن البشعة والسجون اللاإنسانية لا أمل في النور والحرية والأهل والأحباب يدخلونها أطفالا أو شبابا ولا يغادرونها شيبا أبدا، بل في أكفانهم جثثا.
هكذا رأت المقاومة أن تنظم 7 أكتوبر، للإمساك بعدد من الرهائن تقايض بها إطلاق سراح هؤلاء الموتى الأحياء المعذبون في الأرض.
لكن المسألة سارت كما قررتها المجموعة الدولية متحالفة، أنها حرب دفاع إسرائيل عن نفسها، أي حرب إسرائيل على شعب لإبادته بمساعدة ودعم وحماية المجموعة الدولية على رأسها الولايات المتحدة الأميريكية وعموم دول أوربا والدول العربية والإسلامية وعموم ما يسمى بالمجتمع الدولي، ولا يصح أن ننسى الرئيس عباس أبو مازن رئيس دولة فلسطين وشرطتها ومملكتها التي تعيث إسرائيل في مدنها وأحيائها فتدمر وتهدم وتقصف وتقتل لكنه رئيس مع ذلك لدولة لا دولة لها.
تحولت عملية مبادلة رهائن بسجناء إلى حرب على شعب أعزل كما قررتها المجموعة الدولية رغم اليقظة المتأخرة لشرفاء وأحرار العالم ورغم افتضاح السردية الصهيونية وأكاذيبها وأضاليلها التي انطلت أزمنة طويلة على العالم.
لقد اكتسب بعض شرفاء وأحرار وحرائر العالم الشجاعة للصدع بالحقيقة وإدانة المحرقة التي فتحت على شعب كامل لإبادته، فتمكنوا من تحريك ذلك المستنقع الآسن المعبإ بالأضاليل والافتراءات، ما غير الكثير من المعادلات.
نكبة فلسطين الثانية وما أفرزته وتفرزه في كل لحظة من مظالم ستحرر العالم من أخطبوط الأكاذيب والأضاليل الصهيونية التي أطبقت على العقل المعاصر بقوة التحكم في الإعلام وبنيات الحكم والقرار والسلطة الأوربية والأميريكية وغيرها. متسلحة ببث الأوهام وإنتاج سردية وهمية كاذبة وقوانين عقابية لحمايتها وتثبيتها وتأمين تأبيدها.
ويقدم الفلسطينيون اليوم أنفسهم قرابين لإنقاذ العالم من هذا الوهم الديناصوري المفترس.
لقد انتفض بسبب تلك التضحيات رؤساء أحرار شرفاء لدول حرة وشعوب شريفة، متصدين لاتخاذ مواقف وأفعال حقيقية مباشرة كقطع العلاقات مع هذا الكيان المجرم ومنع الأسلحة عنه واتخاذ قرارات تاريخية إنسانية شجاعة. أما الكثيرون فملجمون يراوحون في أحسن الأحوال بالتهديدات والأقوال لا يبلغون بها أفعالا.
إنه المجد للشعوب الحرة ولأحرار وشرفاء العالم اللذين أقاموا في الشوارع والساحات والجامعات والميادين والمؤسسات السياسية والثقافية والاقتصادية والاجتماعية وسكنوا واعتصموا.
المجد للقيادات السياسية والاجتماعية والفعاليات والنشطاء ممن يقيمون أنواع المنابر والتنظيمات ويبدعون أشكالا من الاحتجاجات والحضور الحي المؤثر لصناعة التغيير وفرض الحقيقة ونشرها بما تستحقه من إيضاح وتصريح .
الشعب الفسطيني صامد ليس لتحرير نفسه فحسب.
إنه يحرر العالم
يحرر الإنسانية التي هيمنت عليها الصهيونية واستلبتها وكانت في طريق إبادتها واستعبادها وسحقها في إطار مشروع شيطاني خبيث.