
(كش بريس/وكالات)ـ كشف مركز “حملة”- المركز العربي لتطوير الإعلام الاجتماعي، عن أن 40% من النساء في الضفة والقدس، و16% من النساء في الداخل، تعرضن لاعتداءات رقمية على خلفية سياسية، فيما عبّرت المشاركات عن شعور منخفض بالأمان بمتوسط 45% في الضفة والقدس، و56% في الداخل.
وركزت دراسة مركز “حملة”، التي يوجد مقره في مدينة حيفا داخل أراضي 48، والتي جاءت بعنوان: “حرب وظلال رقمية.. الفلسطينيات بين مصادرة الصوت وانكشاف الجسد في الفضاء الرقمي”، على العنف الرقمي الجندري المُمارس ضد النساء الفلسطينيات في ظل الحرب والإبادة الجماعية المستمرة على غزة، واستخدامه كأداة للقمع والسيطرة، بما يقوّض وجودهن وحقّهن في التعبير والمشاركة.
وتكشف الدراسة عن الترابط العميق بين العنف الاستعماري، والرقمي، والأبوي، في ظل هشاشة الحماية واستمرار الاعتداءات التي تتجاوز الحيز العسكري لتطال الجسد والصوت داخل الفضاءات الرقمية.
تنطلق الدراسة من أسئلة جوهرية حول تحوّل العنف الجندري إلى أداة قمع سياسي وسلاح حرب، واستغلال المعتدين لغياب القانون والفوضى الناتجة عن الحرب كغطاء للاعتداءات، وتسعى إلى تفكيك هذه الظاهرة من خلال تتبّع تجارب نساء في الضفة الغربية، والقدس، والداخل، حيث يتقاطع السياق الجندري مع الاحتلال، والمجتمع، والتكنولوجيا.
كما تعتمد الدراسة على منهجية مزدوجة تجمع بين البعدين الكمي والنوعي، من خلال استطلاعات رأي، ومقابلات معمّقة، ومجموعات بؤرية، ما أتاح فهمًا شاملاً للواقع، وتحليلًا مركبًا للعنف الجندري الرقمي ضمن بُنى سلطوية متشابكة.
تتألف الدراسة من ستة فصول تحلّل أوجه العنف الجندري الرقمي ضد الفلسطينيات خلال الحرب:
الفصل الأول: تفكيك الرقابة كأداة لانكشاف النساء وسلب خصوصيتهن.
الفصل الثاني: رصد إقصاء النساء من الحيز الرقمي العام.
الفصل الثالث: توثيق العقوبات الأمنية والمؤسساتية المرتبطة بالنشاط الرقمي.
الفصل الرابع: تناول الاعتداءات اللفظية والسلوكية خلال الحرب.
الفصل الخامس: التركيز على أثر انقطاع الإنترنت في حرمان النساء من حقوقهن الأساسية.
الفصل السادس: عرض ضعف أدوات الحماية مقابل محاولات النساء خلق بدائل آمنة للمواجهة.
تُظهر نتائج الدراسة أن العنف الجندري الرقمي يُستخدم كسلاح حرب إسرائيلي لتفكيك التماسك الأخلاقي للمجتمع الفلسطيني، وكأداة انتهازية تستغل هشاشة النساء، وكممارسة أبوية واجتماعية مستمرة، تغذيها الفوضى السياسية والرقمية.
وتُبيّن أن هذا العنف ليس ظاهرة فردية، بل نتاج تراكب ثلاث منظومات سلطوية: الحكومة الإسرائيلية، الشركات التكنولوجية الكبرى، والمجتمع الأبوي المحلي. هذه المنظومات تُوظّف الرقابة والعقاب والاعتداء لإقصاء النساء عن الفضاء الرقمي، وإحكام السيطرة على أجسادهن وأصواتهن.
في المقابل، ترصد الدراسة قدرة النساء على بناء بدائل ومقاومات في ظل انسداد سبل الحماية التقليدية، وتختتم بجملة من التوصيات للجهات الفلسطينية والدولية وشركات التكنولوجيا، تدعو فيها إلى:
-تطوير تشريعات وآليات استجابة فعالة.
-فتح قنوات تعاون مع المؤسسات النسوية.
-تحسين أدوات الحماية الرقمية بما يراعي السياقات الثقافية.
-تعزيز التمثيل النسائي في مواقع القرار.
-الضغط الدولي لضمان الحقوق الرقمية.
-تمويل مستدام لمبادرات الأمان الرقمي.
دعم الجمعيات النسوية ومؤسسات الحماية في التوعية وبناء شبكات دعم في المناطق المهمشة.
يؤكد مركز “حملة” أن الأمان الرقمي للنساء الفلسطينيات هو حق أساسي لا يمكن تجاهله، وأن الاعتراف بالعنف الجندري الرقمي ومعالجته يشكّل شرطًا جوهريًا لبناء مجتمع أكثر عدلًا وشمولًا.
ويدعو المركز إلى تبني نتائج الدراسة وتحويلها إلى سياسات ملموسة تضمن حماية النساء وصون كرامتهن في جميع الفضاءات، وفي مقدمتها الفضاء الرقمي العام.