
(كش بريس/التحرير)ـ أفاد تقرير حديث صادر عن مؤسسة “أفروبارومتر”، المتخصصة في استطلاعات الرأي على صعيد القارة الإفريقية، بعنوان “مؤشرات الولوج إلى التمويل وأثرها على تعبئة رأس المال المحلي”، أن 58 في المائة من المغاربة يتوفرون على حسابات مصرفية تقليدية، في حين لا تتجاوز نسبة من يمتلكون حسابات مالية عبر الهاتف المحمول 12 في المائة فقط.
وأوضح التقرير أن نسبة امتلاك الحسابات المصرفية على المستوى القاري لا تتعدى 37 في المائة، مقابل 60 في المائة من الأفارقة الذين يتوفرون على حسابات للنقود المتنقلة. وتبرز هذه المعطيات، بحسب الدراسة، أن التمييز بين الحساب البنكي التقليدي وحساب المال عبر الهاتف المحمول ليس مسألة بسيطة، كما تعكس الدور التحويلي الذي باتت تضطلع به النقود المتنقلة في توسيع دائرة الولوج إلى الخدمات المالية، مقابل استمرار مظاهر الإقصاء من الأنظمة المصرفية التقليدية.
وسجلت الوثيقة ذاتها أن توزيع امتلاك الحسابات البنكية في إفريقيا يشهد تفاوتا صارخا بين الدول؛ ففي الوقت الذي تصل فيه نسبة التوفر على حسابات مصرفية إلى 99 و97 في المائة بكل من موريشيوس وسيشيل، لا تتجاوز هذه النسبة أقل من 10 في المائة في دول مثل غينيا ومدغشقر.
وعزت الدراسة هذا التفاوت إلى جملة من العوائق الهيكلية والتقنية، من بينها ضعف البنية التحتية المصرفية في المناطق القروية، وارتفاع كلفة المعاملات، وتدني مستويات الثقافة المالية، فضلا عن هشاشة مداخيل العاملين في القطاع غير المهيكل، واستمرار الفوارق بين الجنسين التي تحد من ولوج النساء إلى الخدمات المالية الرسمية.
كما شددت مؤسسة “أفروبارومتر” على أن هذه العوامل، رغم أهميتها، لا تكفي وحدها لتفسير الفجوات المسجلة، إذ تلعب الاعتبارات الدينية، خاصة في شمال إفريقيا، دورا إضافيا في تقييد الولوج إلى بعض الخدمات المصرفية. ففي مجتمعات ذات أغلبية مسلمة، يشكل تحريم الربا، أو الفائدة، عاملا مؤثرا يجعل نماذج البنوك التقليدية القائمة على الفوائد محل تحفظ ديني وأخلاقي لدى شريحة من المواطنين.
وأبرز التقرير أن الإدماج المالي في إفريقيا يسير وفق مسارين متمايزين ومتشابكين في الآن ذاته، حيث تبدو حسابات النقود المتنقلة أكثر انتشارا من الحسابات البنكية التقليدية، ما يؤكد أن المنصات الرقمية أضحت المدخل الأساسي للخدمات المالية بالنسبة لجزء واسع من سكان القارة، مع استمرار التفاوت في الولوج حسب الوضعية الاجتماعية والاقتصادية.
وأشار المصدر ذاته إلى أن النقود المتنقلة أصبحت البوابة الرئيسية للخدمات المالية لملايين الأفارقة، لا سيما في صفوف الشباب، بينما يظل امتلاك الحسابات البنكية حكرا نسبيا على الفئات الأكبر سنا، والأكثر دخلا، وسكان المناطق الحضرية، والأعلى تعليما.
وخلصت الدراسة إلى أن الإدماج المالي لا يرتبط فقط بالخصائص الفردية، بل يتأثر بشكل كبير بسياق كل دولة، إذ تبقى الفوارق الوطنية قائمة حتى بعد احتساب العوامل الشخصية، ما يبرز الدور الحاسم للأطر التنظيمية، وتطور شبكات الهاتف المحمول، ونضج منظومات التمويل الرقمي، إلى جانب الظروف المؤسسية العامة، في تشكيل ملامح الإدماج المالي على مستوى القارة الإفريقية.





