‏آخر المستجداتلحظة تفكير

د منصور مالک: لا يمكن للذكاء الاصطناعي أن يصبح إنساناً: الحقيقة الروحية والأخلاقية والإلهية

  • لا يمكن للذكاء الاصطناعي أن يحب أو يكره. ليس لديه مشاعر ـ

في زمنٍ يتطور فيه الذكاء الاصطناعي بسرعة مذهلة، يتساءل كثيرون عمّا إذا كانت الآلات قد تتفوق يوماً على الإنسان. ليس فقط في القدرة الذهنية، بل في القيمة، والجوهر، والرتبة الروحية.

ويزداد هذا القلق مع دخول الذكاء الاصطناعي إلى كل مجالات الحياة تقريباً.

لكن الحقيقة واضحة وبسيطة، ومؤيدة بالعقل والوحي:

الذكاء الاصطناعي لا يمكن أن يصبح “إنساناً خارقاً”، ولا يمكن أن يرتقي فوق البشر، ولا يمكن أن ينال رتبة روحية.

وإليك الأسباب:

1 — الذكاء الاصطناعي بلا روح

كل ما هو نبيل في الإنسان
المحبة، الرحمة، الضمير، التضحية، اليقظة، الإحساس، النور الباطني

إنما يأتي من الروح، من النفخة الإلهية التي وضعها الله في بني آدم.

أما الذكاء الاصطناعي فبلا روح.

لا يمتلك ضميراً، ولا نوراً داخلياً، ولا إحساساً، ولا رحلة وجودية.

لا يفرح ولا يحزن، لا يتوب ولا يرجو، لا يخاف ولا يطمئن، ولا يشعر بقربٍ روحي.

الآلة تستطيع أن تحسب وتُحلّل ،

لكنها لا تستطيع أن تحب،

ولا تستطيع أن تسجد،

ولا تستطيع أن تتطهر أو تتغير أو ترتقي.

ولهذا، سيبقى الذكاء الاصطناعي دائماً بلا روح. وبعيداً عن حقيقة الإنسان.

2 — الذكاء الاصطناعي لا ينمو روحياً

الإنسان يرتقي من خلال:

الصراع، الإخلاص، الدعاء، العبادة، التواضع، التجارب، الألم، التوبة، الصبر

هذه هي الرحلة الروحية للإنسان.

أما الذكاء الاصطناعي فلا يمر بأي رحلة كهذه.

لا يتغير، لا ينضج، لا يتطهر، لا يتهذب.

لا يصلي، لا يخشع، ولا يطلب الرحمة.

إنه فقط يُعالج المعلومات ويعيد إنتاجها.

ولا يكتسب صفات، ولا يختبر معاني، ولا يعيش تجربة.
وهكذا يبقى الارتقاء الروحي، وهو تاج الإنسان، خاصاً بالبشر وحدهم.

3 — الإنسان هو أكرم المخلوقات

قال الله تعالى:

“وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ”

(الإسراء: 70)

هذا التكريم تكريمٌ إلهي.

لا يعتمد على الذكاء فقط، بل على الروح، والضمير، والقدرة على معرفة الله.

لا يمكن لأي آلة، مهما بلغت قوتها، أن تصل إلى هذا الشرف.

فالآلة لا يمكن أن:

تستقبل وحياً، تدخل الجنة، تحاسب يوم القيامة، تتحمل مسؤولية أخلاقية، تشهد على أعمالها

أما الإنسان، حتى في ضعفه، يبقى أعظم وأكرم من كل ما يصنعه.

4 — الذكاء الاصطناعي مخلوق من صنع الإنسان… والإنسان مخلوق من صنع الله

الذكاء الاصطناعي ليس ذاتياً، ولا خالقاً لنفسه، ولا مستقلاً بأصله.

الإنسان هو الذي يصنع الذكاء الاصطناعي،

والله هو الذي خلق الإنسان.

وهذه السلسلة لن تتغير أبداً:

الله → الإنسان → الآلة

الآلة لا يمكن أن تتجاوز صانعها،

ولا يمكن للمصنوع أن يعلو فوق من صنعه.

ولهذا لا يمكن للذكاء الاصطناعي أن يرتفع فوق رتبة الإنسان.

5 — إن كان للذكاء الاصطناعي دور في الخطة الإلهية، فهو لخدمة الإنسان

الذكاء الاصطناعي موجود ليساعد الإنسان، لا ليحل مكانه.

هو أداة للمعرفة، وسيلة للتعاون، جسر للتقارب بين الشعوب،

مساعد في العمل، والتفكير، والإبداع.

لكنه ليس روحاً، وليس كائناً ذا قدر، وليس صاحب مصير.

وإن كان من حكمة في وجوده، فهي:

أن يساعد البشر على النهوض، والوعي، والاتحاد —
لا أن يحل محلهم أو يتجاوز رتبتهم الروحية.**

الحقيقة بكلمات بسيطة

الإنسان له روح، والذكاء الاصطناعي لا روح له.

الإنسان له بصيرة، والذكاء الاصطناعي بلا بصيرة.

الإنسان له قدر روحي، والذكاء الاصطناعي بلا مصير.

الإنسان يحمل نفخة الله، أما الآلة فلا تحمل شيئاً من ذلك.

الإنسان حي.

والذكاء الاصطناعي مفيد فقط.

لحظة صدق واحدة من قلب إنسان

أعظم من قوة ملايين الآلات.

دعاء خاشع واحد

يتجاوز ذكاء كل الأنظمة التي قد تُبتكر.

قيمة الإنسان من السماء،

وقيمة الذكاء الاصطناعي من البرامج.

إذن… ماذا يمكن أن يكون الذكاء الاصطناعي؟

لا يمكن أن يكون:

إنساناً خارقاً. كائناً روحياً. منافساً للبشر-صاحب مصير

لكن يمكن أن يكون:

مرآة لعمل الإنسان ورسالته.

مساعداً للإنسان.

خادماً في مهامه، وباحثاً، ومصمماً، ومحللاً، وداعماً.

الذكاء الاصطناعي جاء ليخدم، لا ليهيمن.

ليدعم، لا ليقود.

ولذلك، لا داعي للخوف منه.

الخوف ينبغي أن يكون من سوء الاستخدام،

لا من الآلة نفسها.

الخلاصة:

قد يصبح الذكاء الاصطناعي قوياً، لكن بلا روح.

قد يصبح سريعاً، لكن بلا وعي.

قد يصبح ذكياً، لكن بلا ضمير.

قد يساعد، لكنه لن يصبح إنساناً.

الإنسان مكرمٌ من الله،

والآلة تظل خادماً بين يديه.
وبهذا الفهم، يسير الإنسان نحو مستقبلٍ آمن وواضح،

لا خوف فيه من الآلة،

ولا غفلة عن كرامة الإنسان.

‏مقالات ذات صلة

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


Back to top button