
(كش بريس/ التحرير)ـ في خطوة وُصفت من قبل مراقبين بأنها استجابة جزئية للضغط النقابي والمجتمعي، أعلنت وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة عن فتح باب الترشيح لاجتياز مباريات ولوج سلك تأهيل أطر التدريس بالمراكز الجهوية لمهن التربية والتكوين برسم الموسم الحالي، مع رفع السن الأقصى للمشاركة من 30 إلى 35 سنة. القرار يشمل 19 ألف منصب جديد، ستُجرى مبارياته يوم السبت 22 نونبر المقبل.
الوزارة، التي ظلت لسنوات متشبثة بسقف 30 سنة، بررت قرارها الجديد بكونه استجابة لتوصيات البرلمان وعدد من الهيئات المدنية التي طالبت بتمكين خريجي الجامعات من فرص أوسع للالتحاق بمهنة التدريس، خاصة في ظل محدودية المنافذ المهنية أمام الشباب الجامعي.
ورغم أن رفع السن خفّف من حدة التوتر الاجتماعي الذي رافق مباريات السنوات الماضية، فإن النقابات التعليمية الأكثر تمثيلية اعتبرت أن الخطوة “غير كافية”، وأنها لا تعالج جوهر الإشكال البنيوي المرتبط بنظام التوظيف الجهوي وبـ“الضبابية التي تحيط بمسار المترشحين بعد التكوين”.
بين قرار الوزارة ومطالب النقابات: فجوة في التصور الإصلاحي:
فبينما تعتبر الوزارة أن الإجراء الحالي يوسّع قاعدة المرشحين ويعزز الجاذبية المهنية، ترى النقابات أن الاستجابة الحقيقية تكمن في “إعادة النظر في فلسفة الانتقاء والتوظيف، وإدماج خريجي مراكز التكوين في النظام الأساسي العام للوظيفة العمومية”.
وقد شددت الجامعة الوطنية للتعليم (UMT) والنقابة الوطنية للتعليم (CDT) على أن رفع السن إجراء تقني لا يحمل بُعدًا إصلاحيًا عميقًا، بل قد يخفي رغبة الوزارة في “امتصاص جزء من الاحتقان الاجتماعي دون تقديم ضمانات حقيقية حول التوظيف والترسيم”.
كما تطالب النقابات بضرورة توسيع قاعدة المؤهلات المقبولة لتشمل حاملي الماستر وشهادات الإجازة غير التربوية، وتحسين شروط الانتقاء الأولي التي ترى فيها بعض الهيئات “آلية إقصائية غير شفافة”.
بين العدالة في الفرص والعدالة في المصير المهني:
من الناحية السوسيولوجية، يمثل قرار رفع السن محاولة لإعادة هندسة العلاقة بين الدولة والشباب الجامعي، في سياق أزمة تشغيل متفاقمة. لكنه في العمق، لا يُعيد الاعتبار الكامل لفكرة “مهنة التعليم كخيار اجتماعي جذاب ومستقر”، ما دام المسار المهني للمترشحين ما يزال مشروطًا بالجهوية وبنظام تعاقدي يفتقد إلى وضوح مستقبلي.
ويُظهر القرار نوعًا من المرونة المتأخرة في تعاطي الوزارة مع الأصوات النقابية، لكنه يظل حلًا ظرفيًا أكثر من كونه إصلاحًا هيكليًا، ما دامت قضايا الأجور، والمسار المهني، والعدالة في الترقي، ومجانية التكوين، ما تزال عالقة.
إنها خطوة إلى الأمام، لكنها خطوة في نصف الطريق فقط؛ إذ لا يمكن فصل سن الولوج عن سؤال أعمق:
هل ما زالت المدرسة المغربية قادرة على إغراء جيل جديد من المدرسين، أم أننا نُعيد إنتاج نفس التحديات بأدوات جديدة؟





