‏آخر المستجداتالمجتمع

شبكة حقوقية تدعو إلى قانون إطار موحد وإحداث مركز وطني لتنظيم نداءات الإسعاف

(كش بريس/التحرير)ـ أكدت الشبكة المغربية للدفاع عن الحق في الصحة والحق في الحياة أن غياب نظام إسعاف طوارئ وطني موحد وفعّال يعد أحد الأسباب الرئيسة وراء ارتفاع معدلات الوفيات التي يمكن تفاديها في المغرب، لا سيما تلك الناتجة عن حوادث السير.

وأوضحت الشبكة، في تقريرها بعنوان “ضعف منظومة الإسعاف الطارئ في المغرب وتداعياتها على الأرواح البشرية”، أن الأزمة تعود إلى الضعف البنيوي في خدمات المستعجلات والإنعاش الطبي المتنقلة، مما يؤدي إلى ضياع ما يُعرف بـ”الفرصة الذهبية” لإنقاذ المصابين بسبب التأخر في الوصول إلى أقرب مؤسسة استشفائية.

وأشار التقرير إلى أن الساعة الذهبية بعد وقوع الحادث حاسمة لإنقاذ الأرواح، لا سيما في حوادث السير التي غالباً ما تُفضي إلى وفيات نتيجة النزيف الحاد أو إصابات الرأس خلال الدقائق الأولى أو أثناء النقل. وأضاف التقرير أن الحالات الطارئة الأخرى مثل الأزمات القلبية، والسكتات الدماغية، وضيق التنفس، والتسمم الحاد، تتطلب تدخلاً طبياً فورياً، وقد يستلزم الأمر أحياناً الإخلاء الطبي الجوي في المناطق الوعرة.

وتشير الإحصائيات الوطنية، وفق التقرير، إلى أن نسبة كبيرة من الوفيات تحدث أثناء النقل أو قبل الوصول إلى المستشفيات العمومية، ما يبرز الحاجة الماسة إلى نظام إسعاف سريع ومؤهل (Pre-Hospital Care)، قادر على تقديم الإسعافات الأولية الحيوية مثل إيقاف النزيف والإنعاش القلبي الرئوي في موقع الحادث. كما أن استخدام سيارات إسعاف غير مجهزة أو نقص الطاقم الطبي المتخصص يؤدي بشكل مأساوي إلى وفاة عدد كبير من الضحايا أثناء النقل.

وأوضح التقرير أن نظام Service d’Aide Médicale Urgente (SAMU)، الذي بدأ تطبيقه تدريجياً منذ 2005 وتم تعميمه بعد 2012 بهدف تغطية جميع الجهات عبر الرقم 141، ظل تجربة محدودة على المدن الكبرى دون تحقيق شمولية وطنية، مع تفاوتات واضحة في جودة الخدمات ونقص الموارد وضعف التنسيق بين الفاعلين في السلسلة الإسعافية. وأضاف التقرير أن توقف العمل بنظام SAMU في المراكز الاستشفائية الجامعية بالرباط والدار البيضاء، وإغلاق بعض وحداته، يثير قلقاً كبيراً رغم الميزانية الضخمة المخصصة له.

كما نبه التقرير إلى تهالك أسطول سيارات الإسعاف الذي يقدر بحوالي 620 سيارة، والتي تعاني من التقادم والأعطاب المتكررة، ما يسهم في حالات وفاة أثناء النقل. وأضاف أن 90% من سيارات الإسعاف الحديثة (أكثر من 100 سيارة) التي اقتنيت عام 2015 بتكلفة تتراوح بين 86 و93 مليون درهم، لم تُستغل في الأقاليم والجهات.

وانتقد التقرير ضعف التنسيق بين مختلف المتدخلين (الوقاية المدنية، مستعجلات المستشفيات، الجماعات المحلية، الأمن، السيارات الخاصة)، ما يؤدي إلى فقدان فعالية 90% من النداءات، ويقوض منظومة الاستجابة الشاملة. كما أشار إلى النقص الكارثي في الأطر المتخصصة والتفاوت المجالي في التغطية، وتقادم الإطار القانوني الذي يقتصر على نقل المصابين عبر الوقاية المدنية بموجب منشور وزاري يعود إلى 1956، وهو ما يعيق تكامل الجهات تحت نظام موحد.

وأشار التقرير كذلك إلى أزمة الاكتظاظ في أقسام المستعجلات، بما فيها المستشفيات الجامعية، نتيجة نقص الأطباء والممرضين المؤهلين، وأعطاب التجهيزات وشح المستلزمات الدوائية، ما يؤدي إلى بقاء المصابين لساعات في قاعات الانتظار قبل تلقي العلاج.

وفي هذا السياق، دعت الشبكة إلى إقرار قانون إطار موحد لتنظيم منظومة الإسعاف الطارئ على الصعيد الوطني، ضمن مؤسسة عمومية مستقلة ذات فروع جهوية ومحلية، مع تمويل مستدام وتزويد بالتجهيزات الطبية الحديثة. كما طالبت بإنشاء مركز وطني موحد لتنظيم النداءات (Centre de Régulation) يعتمد على التكنولوجيا الحديثة مثل GPS والأنظمة الجغرافية المعلوماتية لضمان توجيه سريع ودقيق للإسعاف، إلى جانب تحديث أسطول سيارات الإسعاف المتقادمة مع اعتماد معيار سيارة إسعاف واحدة لكل 10,000 نسمة على الأقل.

‏مقالات ذات صلة

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


Back to top button